أجمع عدد من العلماء والشيوخ والشخصيات الوطنية الذين شاركوا في ندوة تابينية نظمها المركز الثقافي الإسلامي اليوم الاثنين بدار الإمام بالمحمدية بالجزائر العاصمة أن الجزائر فقدت في رحيل الفقيد محمد فارح أحد الوطنيين المخلصين والمساهمين الفاعلين في التربية والإعلام و في حقل اللغة العربية وتطويرها. وقد أبدى عدد من رفقاء وأصدقاء الفقيد في أشغال الندوة التي نظمت تحت عنوان "المرحوم محمد فارح (سبويه الجزائر) خادم ديننا الحنيف ولغتنا الجميلة ووطننا العزيز" ببعض الشهادات الحية والانطباعات العامة عن السيرة الذاتية والمشوار الزاخر للراحل الذي وافته المنية الأسبوع الماضي. وكان أول المتدخلين خلال هذه الندوة التي تتزامن وإقرار منظمة الأممالمتحدة ليوم 18 ديسمبر يوما عالميا للاحتفال باللغة العربية وزير الشؤون الدينية والأوقاف السيد أبو عبد الله غلام الله الذي قال: "كنا نشكل أسرة واحدة فقد كنا معا في معهد ابن باديس بقسنطينة وفي جامع الزيتونة بتونس" مضيفا بأنهما كانا "من بين أولئك الذين أنقذتهم الثورة التحريرية الكبرى وانتشلتهم من براثن الجهل ووفرت لهم سبل التربية والتعليم". وقبل أن يتوجه الفقيد إلى العراق لتحضير الشهادة العالمية (ليسانس) قال الوزير غلام الله أنه كان من بين مؤسسي اتحاد الطلبة الجزائريين المسلمين بتونس مضيفا ان المرحوم كان من بين الأوائل الذين استجابوا لنداء أول نوفمبر بانخراطة في صفوف الثورة المباركة . وكانت للفقيد إسهامات كبيرة في تقويم الأقلام والألسن العربية وتصحيحها والحرص على سلامتها سواء في الصحافة المكتوبة والمسموعة والمرئية وتصحيح الأساليب التي طرأت على اللغة العربية حسب الوزير الذي أضاف ان نشاط الشيخ محمد فارح لم يتوقف أبدا . وذكر الشيخ محمد شريف قاهر أحد أصدقاء الفقيد بأنه جمعته بالشيخ فارح محطات كثيرة في مسارهما لتحصيل العلم والمعرفة في كل من معهد ابن باديس وجامع الزيتونة حيث تحصلا على شهادة الأهلية وبعدها على شهادة العالمية. ومن جهته، قال الأمين بشيشي وزير سابق لواج ان الفقيد محمد فارح كان رجلا مثقفا وعلم من إعلام الجزائر ورجلا "رزينا" كلما يتقرب إليه المرء "يكتشفه اكثر فاكثر لأنه شخص متواضع وبسيط في معاملاته ولا يحب الظهور والتفاخر". وقد قرر وزير الشؤون الدينية والأوقاف السيد أبو عبد الله غلام الله جمع وطبع كل مقالات المرحوم محمد فارح في كتاب ونشره على نفقة الوزارة. للتذكير، فان المرحوم محمد فارح من مواليد 1930 بالميلية ولاية جيجل حيث ينحدر من عائلة جاهدت وقاومت الاستدمار الفرنسي ولا سيما في ثورة الحاج احمد المقراني سنة 1871 وثورة نوفمبر 1954 . أحرز على شهادة التحصيل والعالمية بتفوق من جامع الزيتونة وهو عضو في كل من اتحاد الطلبة المسلمين الجزائريين ونادي المراسلة التونسي وجمعية الشبان المسلمين واللجنة العليا لشؤون الطلبة في جبهة التحرير الوطني ورئيس قسم وعضو لجنة التأديب. أرسلته الحكومة الجزائرية المؤقتة ضمن بعثة علمية إلى بغداد حيث أحرز على شهادة الليسانس في اللغة والأدب العربي سنة 1962. اشتغل كمراسل صحفي لجريدة الشعب ومسؤول في لجنة الرقابة والمراجعة ومنتج متطوع في مؤسسة الاذاعة والتلفزة في 1963 ومدير دراسات بالأمانة العامة للحكومة ومستشار تقني برئاسة الجمهورية وكذا أستاذ بمعهد أصول الدين وأستاذ فلسفة بجامعة الجزائر.