تعرف جمهورية افريقيا الوسطى تأزما في الوضع الامني بعد استيلاء المتمردين على مدينة "كاغاباندورو" القريبة من العاصمة بانغي الامر الذي حذا بالقوات التشادية الى التوجه نحو المدينة لمراقبة الموقف فيما يبقى الحوار والمفاوضات التي دعا اليها قادة دول وسط افريقيا ضرورة حتمية لاحتواء الازمة. وأكد مصدر عسكري في افريقيا الوسطى اليوم أن القوات التشادية المتمركزة مسبقا في سيبوت قرب بانغي اتجهت نحو مدينة كاغا باندورو (وسط- شمال ) التي استولى عليها المتمردون امس الثلاثاء. و قال إن "الجنود التشاديين لديهم قاعدة في سيبوت (130 كلم شمال بانغي) وقد غادر قسم من هؤلاء الجنود الى كاغا باندورو ولكننا لا نعلم السبب". وسيطر متمردو"سيليكا" امس على مدينة جديدة في وسط شمال جمهورية افريقيا الوسطى هي كاغا باندورو الواقعة على بعد حوالى 385 كيلومترا من العاصمة بانغى وفق ما افاد مصدر عسكري. وذكر أحد شهود عيان أنه شاهد عربات تابعة للمتمردين وهى تعبر مدينة كاغا باندورو فيما تفيد التقارير أن الخطوط الهاتفية مقطوعة في هذه المدينة. وكاغا باندورو هي المدينة الرابعة في البلاد التي يهاجمها المتمردون ويحتلونها بعد نديلي (شمال) وبريا (وسط) وبامباري (وسط جنوب). وأشارت التقارير الى أن المتمردين يسيطرون على حوالى عشر مدن في جمهورية أفريقيا الوسطى , وانهم يقولون إنهم يرغبون في اعادة التفاوض بشأن اتفاقات السلام السابقة مع الحكومة. وكان رئيس إفريقيا الوسطى فرانسوا بوزيزى قد طلب من التشاد التدخل بأرسال قوات من جيش بلاده لدعمه في مواجهة زحف المتمردين وفق ما صرح به مصدر عسكري في بانغي. لكن الحكومة التشادية اكدت لاحقا ان قواتها لا تعتزم دعم فريق ضد آخر بل هي قوة فصل بين المتحاربين. وساعدت تشاد الرئيس بوزيزي على الوقوف ضد العديد من محاولات التمرد في الماضي وتضع حاليا قوات على بعد أقل من مئتي كيلومتر من العاصمة بانغي للوقوف ضد تقدم المتمردين إلى العاصمة. وقال مصدر عسكري في بانغي انه في مؤشر على استمرار الازمة عقد الرئيس فرنسوا بوزيزي اجماعا مطولا مع المسؤولين العسكريين " للاطلاع على الوضع". أما رؤساء دول وسط افريقيا فقد ابدوا خلال اجتماعهم الاخير في نجامينا بمشاركة رئيس جمهورية افريقيا الوسطى فرنسوا بوزيزي اجراء مفاوضات " من دون تاخير" في العاصمة الغابونية ليبرفيل. وأبدت حكومة افريقيا الوسطى مسبقا استعدادها للتحاور مع المتمردين شرط ان ينسحبوا من المدن التي احتلوها خلال الاسبوعين الماضين, , لكن هؤلاء يرفضون مبدأ الانسحاب من دون اتفاق سلام مسبق ويشترطون وقف إطلاق النار. وافاد بيان صادر عن حكومة إفريقيا الوسطى بأنها ستظل على استعداد لإجراء الحوار مع المتمردين, ولكن عندما ينسحبون بشكل كامل من المدن المحتلة. ويطالب المتمردون باحترام اتفاقيات السلام الموقعة بين 2007 و2011 والتي تتضمن خصوصا برنامجا لنزع السلاح. وقال المتمردون الذين يعرفون باسم تحالف "سيليكا" إن الرئيس لم يحفظ اتفاق سلام يعود لعام 2007 بين الحكومة وبعض المجموعات المسلحة يهدف إلى إطلاق سراح سجناء سياسيين وإعطاء أموال للمقاتلين الذين يضعون سلاحهم. ومن جهته جدد الاتحاد الإفريقي في بداية الاسبوع إدانته للحملة العسكرية التي تواصلها الجماعات المسلحة المتمردة في جمهورية إفريقيا الوسطى بالرغم من نداءات المجتمع الدولي بوقف هذه الحملة و الانسحاب من المناطق التي احتلتها هذه الجماعات والمشاركة في حوار جاد وبناء. وقالت رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي نكوسازانا دلاميني زوما, في بيان إن "الحملة العسكرية التي تواصلها الجماعات المسلحة واحتلالها لبلدة "بامباري" يمثل تحديا كاملا لدعوة الاتحاد الإفريقي ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وكذلك للقرارات المعنية التي تبنتها القمة الاستثنائية للتجمع الاقتصادي لوسط إفريقيا والتي عقدت في إنجامينا بالتشاد في 21 ديسمبر الجاري. وشددت على دعوة الاتحاد الافريقي لهذه الجماعات المسلحة لوقف حملتها العسكرية على الفور والانسحاب من المناطق التي احتلتها وحثتها على الدخول في مسار الحوار بموجب قرارات قمة التجمع الاقتصادي لوسط إفريقيا, والمشاركة بنية خالصة في المفاوضات المقررة في ليبرفيل بالغابون ..برعاية لجنة المتابعة التي ترأسها جمهورية الكونغو. وأكدت عزم الاتحاد الإفريقي, بموجب القرارات المعنية من مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد, على فرض عقوبات ضد كل المفسدين للعملية السياسية وعزلهم وكذلك السعي للحصول على دعم المجتمع الدولي وخاصة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لتحقيق هذا الهدف. كما حث بدورهم رؤساء الدول والحكومات بالدول الاعضاء في المجموعة الاقتصادية لدول افريقيا الوسطى الأطراف المتحاربة في جمهورية افريقيا الوسطى على وقف القتال وانتهاكات حقوق الانسان فورا. وفي بيان صدر بعد اختتام قمة استثنائية عقدت مؤخرا في العاصمة التشادية نجامينا استبعد قادة المجموعة الخيار العسكري كحل للأزمة الحالية في جمهورية افريقيا الوسطى وطالبوا تحالف (سيليكا) للجماعات المتمردة بالانسحاب من المدن التي احتلوها في غضون الاسبوع المقبل. ودعا قادة وسط افريقيا في البيان الى نشر فوري لقوة تدخل تابعة لبعثة تدعيم السلام في جمهورية افريقيا الوسطى مع اشراك جيش تشاد في الأجزاء الشمالية من جمهورية افريقيا الوسطى. وطالبوا بإعادة بدء المفاوضات فورا في الغابون بالإضافة الى اجراء نتائج وتوصيات الحوار الشامل في 2012. من ناحية اخرى حذرت الولاياتالمتحدةالأمريكية مواطنيها من السفر إلى جمهورية أفريقيا الوسطى نتيجة لأعمال القتال الدائرة هناك. وقالت الخارجية الأمريكية في بيان "إن جماعات الميليشيا المسلحة وقطاع الطرق والقناصين يمثلون مخاطر حقيقية وإن حكومة جمهورية أفريقيا الوسطى لا يمكنها أن تضمن سلامة الزوار في معظم أنحاء البلاد". وأدانت فرنسا على لسان متحدث الخارجية " استمرار القتال في جمهورية أفريقيا الوسطى من جانب حركات التمرد وشدد فلوريانى على "ضرورة "التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة التي تعانى منها البلاد حاليا. داعيا جميع الأطراف بإفريقيا الوسطى إلى الدخول فورا وبحسن نية في المفاوضات التي ستنطلق بليبرفيل بين الحكومة وحركات التمرد والمعارضة الديمقراطية". ويعاني المواطنون في جمهورية أفريقيا الوسطى من فقر شديد على الرغم من أنها غنية بالموارد المعدنية مثل الذهب والألماس بسبب العديد من الانقلابات وعمليات التمرد منذ استقلالها عام 1960.