ينظم يوم 12 جانفي المقبل بالجمعية الوطنية الفرنسية ملتقى حول اغتيال شخصيات سياسية مغاربية و فرنسية من طرف مصالح الاستخبارات الفرنسية وذلك بمبادرة من جمعية "حقيقة و عدالة" من أجل فرحات حشاد بالشراكة مع معهد مهدي بن بركة و "الخروج من الاستعمار". و ستتمحور أشغال الملتقى الذي سيجري بدعم من نقابات فرنسية من بينها الكنفدرالية الفرنسية الديمقراطية للعمال و الكنفدرالية العامة للعمل و الجمعيات المناضلة من أجل حقوق الإنسان من بينها الحركة الفرنسية المناهضة للعنصرية و من أجل الصداقة بين الشعوب تحت شعار "60 سنة فرحات حشاد: إلى متى الحقيقة حول الجرائم الاستعمارية" حول اغتيال التونسي فرحات حشاد و الأستاذ أمقران ولد عودية و مهدي بن بركة و هنري كوريال. اغتيل فرحات حشاد في تونس قبل 60 سنة ( في 5 ديسمبر 1952) وهو مؤسس الاتحاد العام للعمال التونسيين (1946) الذي عين أمينا عاما له بالإضافة إلى كونه في نفس الوقت أحد أهم قادة الحركة الوطنية التونسية . و حسب الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان فان هذه الجريمة ارتكبت تحت غطاء منظمة إرهابية تحمل اسم "اليد الحمراء" من طرف فرع للمصلحة الفرنسية للتوثيق الخارجي و مكافحة التجسس التي كانت تابعة مباشرة منذ إنشائها في جانفي 1946 إلى رئيس المجلس الذي كان حينها أنطوان بيناي. و حسب الرابطة "لقد حان الوقت بعد مضي 60 سنة للاعتراف أخيرا بمسؤولية هذه الجريمة التي أثارت استياء شديدا في تونس و أثرت بشكل كبير على مستقبل هذا البلد". و بعد تذكير بالأحداث من المنتظر أن يستوقف الملتقى السلطات الفرنسية حول دور الحكومة في تلك الفترة مع المطالبة بفتح كل الأرشيف المتعلقة بهذه الجريمة. وسيتطرق أيضا إلى الأسئلة المطروحة من خلال التصريحات التي أدلى بها مواطن فرنسي عبر قناة الجزيرة التلفزيونية في ديسمبر 2009 بعد الاعتراف بانتمائه سابقا لهذه المنظمة "اليد الحمراء" مصرحا "إذا عاد بي الزمن إلى الوراء فسأعيد نفس الشيء" و اعتبر اغتيال فرحات حشاد أمرا "مشروعا". كما سيتم بحث الشكوى المقدمة ضده في مارس 2010 من طرف أفراد عائلة حشاد و الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان و الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان بتهمة تمجيد جرائم الحرب. كما سيعكف الملتقي على دراسة موضوع اغتيال شخصيات أخرى مناضلة في مجال مناهضة الاستعمار. ويشير بعض المؤرخين إلى انه في ال21 ماي 1959 تعرض احد المحامين المدافعين عن مناضلي جبهة التحرير الوطني خلال حرب التحرير المحامي امقران ولد عاودية من منظمة محامي باريس للاغتيال على مستوى الدائرة الثانية بشارع سان مارك أثناء خروجه من مكتبه على يد عناصر من مصلحة التوثيق الخارجي و مكافحة التجسس بموافقة الوزير الأول ميشال دوبري. أما في ال29 أكتوبر 1965 قدم بعض عناصر شرطة فرنسيين تابعين لمصلحة التوثيق الخارجي و مكافحة التجسس يد المساعدة من اجل اختطاف السياسي المغربي وزعيم حزب العالم الثالث مهدي بن بركة من قلب العاصمة باريس بنهج سان جارمان. و إلى غاية اليوم لم تعترف الدولتان الفرنسية و المغربية بمسؤوليتهما عن اغتياله. وفي ال4 ماي 1978 تم في باريس اغتيال هنرى كوريال الذي نشط شبكة فرنسية لدعم الكفاح من اجل استقلال الجزائر و ساعد حركة بن بركة. وبعد قضية بن بركة قام ديغول بإلحاق مصلحة التوثيق الخارجي و مكافحة التجسس بوزارة الدفاع و إخضاع أعمال المصلحة لموافقة رئيس الجمهورية. و كان حينها فاليري جيسكار ديستان هو الرئيس. و يشير البرنامج إلى أن هذا الملتقى الذي سيفتتحه ألامين العام للاتحاد العام للعمال التونسيين حسين عباسي سينشطه مؤرخون تونسيون و مغربيون و فرنسيون من بينهم جيل مونسيرون الذي سيقدم ثلاثة حالات معروفة عن مسؤولية مصالح الاستخبارات الفرنسية في اغتيال مناضلين مناهضين للاستعمار. أما المؤرخ و المختص في الاستعمار روني غاليزو فسيقدم مداخلة بموضوع "معرفة المسؤوليات السياسية الفرنسية في الجرائم الاستعمارية و الاعتراف بها". كما سيقدم عديد المشاركين في هذا اليوم المنظم بمبادرة من النواب ماري جورج بوفي (الحزب الشيوعي الفرنسي) و نويل مامار (حزب الخضر الأوروبي) و بوريا اميرشاهي (الحزب الاشتراكي) توضيحات حول ظروف اغتيال مناضلين مناهضين للاستعمار المشار إليهم فضلا عن الإجراءات القانونية المتعلقة بالجرائم الاستعمارية.