يعد موسم جني الزيتون وعصره بمناطق مختلفة من ولاية بومرداس مناسبة نادرة تغتنم من طرف السكان لتجديد التمسك بالتقاليد المتوارثة و توثيق الروابط بين أفراد العائلة و الجيران. ويغتنم السكان القدماء بضواحي بلدية بني عمران هذه المناسبة في الغالب للحديث عن حيثيات حملة جني الزيتون و" الخير الوفير المسجل هذه السنة و فوائده الصحية المختلفة" من خلال الخوض في الحديث عن يناير و طقوس الأجداد الملازمة لإحيائه. ويولي سكان المناطق الريفية المعروفة على وجه الخصوص بإنتاجها الوفير لمحصول الزيتون و زيتها عبر الولاية على غرار بني عمران و شعبة العامر و سوق الحد و أعفير أهمية بالغة لهذه المناسبة الثمينة-كما ذكر الكثير منهم في لقاء مع واج. و تتميز حملة جني الزيتون وعصره هذه السنة عبر الولاية بعودة احتفاليته السنوية (من 14 إلى 18 فيفري) إلى موطنها الأصلي ببلدية بني عمران بعد سنتين من الغياب حيث تم الارتقاء بها هذه السنة من طابعها الجهوي إلى الوطني . التحضير في وقت مبكر و دعوة كل أفراد العائلة للالتحاق بالدار الكبيرة بهذه المناسبة تشرع ربات البيوت و أرباب الأسر بتلك المناطق في التحضير بشغف و مبكرا لهذه المناسبة من خلال دعوة كل أفراد العائلة الكبيرة و الأقارب المبعثرين هنا وهناك بمناطق مختلفة من الولاية و عبر الوطن للالتحاق بمنزل العائلة الكبرى أو ما يعرف ب"الدار الكبيرة" لإحياء هذه المناسبة. وتعد عملية السعي لإشراك كل أفراد العائلة بما فيهم الشباب و النساء الطاعنات في السن في حملة جني الزيتون من أبرز الأعمال التي يحرص عليها سكان هذه المناطق بالمناسبة حيث يسعون معهم لترك أشغالهم جانبا أو بأخذ عطلتهم السنوية من أجل التفرغ كلية لهذه المناسبة. ومن جهة أخرى عبر عدد من القدامى ببلدية بني عمران ل/وأج " عن حصرتهم الشديدة و العميقة بخصوص التلاشي الملاحظ لدى شباب اليوم و عدم تمسكهم بمثل هذه المناسبات التي لا تزال تثير في نفسيات القدامى منهم الاعتزاز و الفخر بالتمسك بتقاليد الأجداد". أطباق و أكلات تقليدية متنوعة تصاحب موسم جني الزيتون و عصره و تتجلى المظاهر الاحتفالية بهذه المناسبة المزدوجة(جني الزيتون و إحياء يناير) التي تبدأ عادة منتصف شهر جانفي و تنتهي بانتهاء موسم الجني بتحضير مجموعة من الأطباق التقليدية التي يكون أساسها الزيتون سواء لزينة المائدة أو مدمجة في الطهي مع أكلات مختلفة مع الحرص على الطهي بزيت الزيتون إضافة إلى أطباق متنوعة أخرى من الكسكسي و الحلويات المزينة بالعسل. ومن بين أشهر الأطباق التقليدية التي تشتهر بإعدادها ربات البيوت بهذه المناطق لإحياء هذه المناسبة حسب ما ذكره عدد من قدامى مزارعي الزيتون ببلدية بني عمران هو حرص ربات البيوت المتواضعة منهن أو محدودة الدخل على إعداد مأدبة عشاء تقليدية معروفة بالمنطقة يكون أساسها لحم دجاج بلدي المعروف ب" السردوك" يذبح خصيصا لهذه المناسبة. أما العائلات الميسورة الحال أو التي لديها الإمكانيات المادية فتقوم من جانبها بإعداد سبعة أطباق مختلفة من المأكولات في المائدة الواحدة للتعبير من خلال ذلك حسب ما ذكره أحدهم"على الخير الوفير المرتقب قدومه طيلة السنة الأمازيغية الجديدة". معرض وطني لإنتاج الزيتون و زيت الزيتون لإحياء المناسبة ببني عمران و بغرض إحياء هذه المناسبة المزدوجة تنظم الغرفة الفلاحية ببومرداس بالتنسيق مع بلدية بني عمران ابتداء من اليوم الخميس وعلى مدار اربعة أيام معرضا وطنيا لإنتاج الزيتون وزيت الزيتون. و يرتقب حسب المنظمين أن تعرف هذه التظاهرة مشاركة عدد كبير من المزارعين و منتجي الزيتون و زيت الزيتون عبر ولايات الوطن إلى جانب أصحاب المشاتل ومتعاملين اقتصاديين و أخصائيين في المجال. و يتضمن برنامج هذه الاحتفالية الوطنية إقامة العديد من أجنحة العرض للتعريف بمختلف أنواع الزيتون و زيت الزيتون و المشاتل و أخرى مخصصة للمعاصر والأجهزة والعتاد المستعمل في المجال علاوة عن عرض خدمات مختلف أجهزة دعم الدولة لاستحداث مؤسسات صغيرة و متوسطة بالإضافة إلى إلقاء محاضرات و تنظيم ورشات عمل ما بين المزارعين و المتعاملين الاقتصاديين و مسابقات و نشاطات ثقافية متنوعة.