رغم بعض الخيبة التي ألمت بالكثير من محبي الملكة الصغيرة بولاية ميلة جراء تقليص طول المرحلة الرابعة من دورة الجزائر الدولية لسباق الدراجات الهوائية التي كانت ستمتد من فرجيوة - بوحاتم وشلغوم العيد وذلك لأغراض تقنية مرتبطة أساسا بصعوبة المناخ إلا أن ميلة ستكون مسرورة جدا باستقبال المرحلة الخامسة اليوم الجمعة بأحسن ما سيكون عليه الاستقبال و السرور حسب مواطنين. ومن أمام متحف المجاهد للمدينة و أجواء الغبطة التي تسوده بالمناسبة والذي يذكر دوما بتضحيات 7 آلاف شهيد قدمتهم الولاية قربانا على مذبح الحرية إضافة إلى آلاف المجاهدين ستنطلق هذه المرحلة من دورة الجزائر الدولية وسط إقبال جماهيري كبير بالتأكيد. و ستعرض ميلاف - مملكة الحليب و الألبان - كما كان يطلق عليها في العهود الغابرة بعضا من مميزاتها الحضارية و الاقتصادية على طول المسلك المعتمد دون أن تنسى مكانتها في التاريخ الإسلامي بوصفها تتميز باحتضانها لأحد أقدم مساجد الجزائر عند الفتح الإسلامي وهو مسجد سيدي غانم الذي فتحه المهاجر أبو المهاجر دينار رفيق الصحابي الجليل عقبة بن نافع 3. وقبل ذلك بعصور كثيرة يشير ال"البلماريس"- الثري لولاية ميلة بوصفها حاضنة الكثير من الحضارات المتعاقبة وفي أولها اكتشاف ما يعرف حاليا بإنسان - مشتة العربي- على أقدام من شلغوم العيد و هو الإنسان المتصف بصفات الرجل الأول للبشرية. وربما يكون السيد -سياري كريم- مسؤول نادي محلي لرياضة الدراجات أسعد الناس بحلول دراجين من مختلف بلدان العالم كما يقول وهي الدورة التي لم يسبق أن حلت بمدينة ميلة في السابق ما يعطى الحدث كما يقول الكثير من وهجه و قيمته بالنسبة للأجيال الجديدة. وربما يكون مسلك اليوم من المرحلة الخامسة للدورة معبرا بالفعل عن تمازج بين معطيات التاريخ و الجغرافيا بدءا من المركز الجامعي الجديد وهو تحفة الولاية بناء و عمرانا إلى منطقة زغاية التي تذكر دائما بأبعاد ثورة زواغة خلال القرن التاسع عشر الميلادي ضد الاستعمار وصولا إلى رجاص و ترعي بينان و الشيغارة وهي قلاع ثورة التحرير المظفرة ضد ظلم المعمرين والوحشية الاستعمارية كما سيكون بوسعهم ملاحظة مدى تقدم التنمية المحلية والجبلية ولا سيما من خلال سكنات ريفية جميلة بينت بدعم من الدولة. و في أوج قيمة هذه المرحلة لدى مباشرة الدراجين لمنحدرات منطقة بني هارون سيكتشف هؤلاء وكامل الطواقم المرافقة لدورة الجزائر الدولية طبيعة ساحرة في الأسفل وأبرز ما يميزها سد بني هارون العملاق الذي بلغ مؤخرا منسوب 1 مليار من الأمتار المكعبة. و ربما سيترك المصورون المرافقون أخذ لقطات الدورة لتخليد صور حية تطل على مياه السد الذي منح الولاية لقب- عاصمة الماء- وكذلك جسر عملاق بطول 700 متر اسمه -جسر الديب- الذي يضمن تواصل الحركة فوق السد بين قسنطينة و جيجل. ورغم صعوبات المنحدر وحتى رداءة الأحوال الجوية إلا أن المناظر المقترحة ستطيح بكل هذه الصعوبات لترسخ ربما في أفضل أمكنة ذاكرة العابرين من هؤلاء الضيوف من الرياضيين و الرسميين. وتكشف المنطقة بالتأكيد عن قدرات و مؤهلات كثيرة تجعلها جديرة بالتواجد مستقبلا ضمن أبهى المسالك و التوجهات السياحية الوطنية بفضل تناغم نشاط الإنسان مع ما خطته الطبيعة من مزايا و مكامن. وحين تميل القافلة باتجاه قسنطينة ستكون منطقة القرارم قوقة بالتأكيد مفتوحة بمحلات الشواء اللذيذ الذي يميزها و دكاكين الصناعات التقليدية التي تعرضها من أجل التذكير بتاريخ لم يتأخر يوما عن الإشارة لقدرة على المهارة و الإبداع. ولدى مغادرة إقليم الولاية باتجاه عاصمة الشرق ستكون ميلة النشطة بقرابة 800 ألف نسمة و الطموحة ببرامجها التنموية وقدراتها في شتى الميادين قد أفصحت عن بعض من مكنوناتها التي تفتح أمامها في المستقبل القريب آفاق الانطلاق و التنمية.