تمثل جوهرة الشرق «ميلة» أحد الأقطاب السياحية الهامة في الجزائر لما تزخر به من مناظر خلابة ومناطق عذراء تجمع بين جمال الطبيعة والجبال التي لا يكسر سكونها، إلا خرير المياه المنبعثة من شلالات سد بني هارون التي تأسر العشرات من الزوار والسياح الأجانب . فكل من زارها وتجول في شوارعها يعلم تماماً أنها مدينة تجمع الكثير من المعالم التاريخية والثقافية والفنية والعصرية، بالإضافة إلى أنها تعتبر أيضاً ملاذا طبيعيا قل نظيره، إن هذه المدينة الساحرة الملونة بألوان الطبيعة قد أضحت تشكل موردا سياحيا لا مثيل له باعتبارها تحمل بصمات حضارية أثرت على تاريخ الجزائر فيكفي أنها كانت شاهدة على تعاقب مختلف الحضارات كالرومانية و البيزنطية والوندالية ، وصولا إلى الحضارة الإسلامية. حملت ميلة العديد من الأسماء حيث سميت ب " ميلو " في العهد النوميدي نسبة إلى ملكة كانت تحكمها في العهد الروماني و تعني "الظل" في اللغة الأمازيغية , وفي عهد يوليوس قيصر سميت ب "ميلاف" و تعني الأرض المسقية , كما حملت لقب "كولونيا" . وميلو تعني الظل في اللغة الأمازيغية , فبعد انحطاط الإمبراطورية الرومانية وانشقاقها زحف الو ندال إلى بلاد المغرب ومكثوا في الإقليم الشرقي حوالي قرن من الزمن و استولى البيزنطيون على المدينة عام 540 ميلادي فجعلوا منها قلعة تحت حكم القائد "سولومون" الذي قام ببناء سور محيط بالمدينة ودعمه ب 14 برج للمراقبة وضم أهم معالم المدينة الرومانية. وعام 674 ميلادي دخلها الصحابي الجليل أبو المهاجر دينارفي عهد الفتوحات الإسلامية أين أقام بها أول مسجد و هو الأول بالجزائر و الثاني في المغرب العربي " «سد بني هارون»... لوحة جمالية رائعة بين السد والجبال حكاية جمال طبيعي أخاذ يأسرك في منطقة «بني هارون» السياحية التي تأخذ عشاقها إلى عوالم الطبيعة الساحرة و الأحلام المكنونة . "بني هارون" هو عالم آخر لا يمكن تجاهله و لا استنكاره في ظل الحيوية التي تخيم على المكان طوال النهار وإلى غاية ساعات متأخرة من الليل. فسرعان ما تلمح طوابير طويلة من السيارات و حافلات نقل المسافرين التي تجلب الزوار لمشاهدة "سد بني هارون " العملاق الذي يعلوه جسر معلق على وادي "الذئب"، في حين أن مياه الشلالات الساحرة تحبس أنفاس الناظرين إليها وتمتعهم بشكل المياه التي تتدفق بدلال وكأنها تغريهم لمداعبتها، وهذا يعكس بجلاء مظاهر انبعاث هذه المنشأة التي غيّرت من ملامح المنطقة و جعلت المكان يصنف ضمن خانة المكاسب السياحية للمدين، لا سيما مع وجود المناظر الجبلية الخلابة التي أضفت على السد رونقا و جمالا مما يفتح شهية العائلات والسياح لالتقاط صور تذكارية بجانب هذه المياه التي تتدفق بحركة دوامية وتسقط مضطربة فوق الجروف الهلالية، إنه مشهد بانورامي رائع لشلالات ميلة التي تلمع عند الصباح و تبلغ ذروة الجمال عند المساء . «قلعة تازروت».. شاهدة على العصر إن الحديث عن "ميلة" لا ينتهي، فمدينة بهذا التنوع والغنى لابد أنها جعلت محبيها يحرصون على زيارتها باستمرار، لأنهم في كل زيارة يكتشفون أماكن لم تكن معروفة لديهم من قبل ويعيشون في كل مرة أجواء جديدة ذات نكهة خاصة مفعمة بالفرح والحيوية. على غرار " قلعة تازروت " التي تعد أول " دار للهجرة " بالجزائر , حيث لازال هذا الموقع التاريخي الكائن بجنوب ولاية ميلة يحتفظ بالكثير من المعالم الأثرية التي كانت شاهدة على تعاقب الحضارات كحضارة ما قبل التاريخ و الحضارة الرومانية المجسدة من خلال الكتابات المنقوشة على الصخور. والمقبرتين الرومانيتين و كذا الفسيفساء الهندسية المتعددة الألوان بتقنية المكعبات الصغيرة والتي تعني محليا اسما بربريا معناه " التل الصخري" إضافة إلى آثار وجود حمام روماني , و رغم أن " قلعة تازروت" غير معروفة إلا أن الكثير من الأدباء و الباحثين العرب قد كتبوا عنها على غرار الرحالة المعروفة "ابن حوقل" في كتابه "المسالك و الممالك"., و ما لفت الانتباه .هو أن علماء الآثار قد أشاروا إلى وجود قرية رومانية بالمكان تتربع على مساحة تزيد على 10 هكتارات و تحتوي على العديد من بقايا البنايات حيث نقل العديد من آثارها إلى" المشتة" حيث استعملت حجارتها في البناء .