تعتمد ولاية المسيلة الواقعة وسط-شرق البلاد على أبواب الصحراء و التي تمتاز بموقع جغرافي مفصلي على مؤهلاتها الخاصة من أجل بناء نفسها بشكل جيد و المشاركة بفعالية أكبر في التنمية المحلية. وتندرج عاصمة الحضنة التي تستعد لاستقبال الوزير الأول عبد المالك سلال يوم غد الخميس في إطار زيارة عمل و تفقد ضمن اهتمامات برنامج وطني واسع يضم أيضا مناطق الجلفة و بسكرة و سعيدة و المشرية و النعامة يستهدف تنمية هذه المناطق و تدعيمها بالإمكانيات اللازمة من أجل تخفيف الضغط الديمغرافي على الشريط الساحلي و المناطق العمرانية الرئيسية بالشمال. واعتمادا على هذه الزاوية تمثل ولاية المسيلة التي تتربع على مساحة 18175 كلم مربع مستقبل جزائر شرعت في تحويل نظرها نحو المناطق الداخلية للبلاد و جنوبها الكبير. المسيلة من بين أهم ولايات الوطن وتعد ولاية المسيلة التي تشهد تغيرات كبيرة ملتقى طرق هام بين ولايات برج بوعريريج و سطيف و باتنة و بسكرة و المدية من بين أهم المناطق التي تسعى الدولة إلى تحسين عملية التنمية متعددة الأشكال بها و التي شرع في تنفيذها منذ أكثر من عشرية. وتمثل ولاية المسيلة التي يغلب عليها الطابع السهبي الذي يغطي أكثر من 60 بالمائة من مساحتها الإجمالية مجموعة تضاريس متجانسة و موحدة مما يؤهلها أن تصبح منطقة ذات مؤهلات عالية في العمران الذكي. وتشغل مدينة المسيلة مكانة خاصة في مخطط إعادة التوازن العمراني و الديمغرافي الذي أعدته وزارة تهيئة الإقليم و البيئة و المدينة. وفي انتظار إنجاز خطوط للسكك الحديدية بين المسيلة-بوغرزول و المسيلة-باتنة بالإضافة إلى الطريق السيار للهضاب العليا الذي يمر مساره عبر الولاية من الشرق إلى الغرب تأبى ولاية المسيلة البقاء على هامش التنمية الاقتصادية للبلاد و تبذل جهودا مضاعفة من خلال الاستثمار في الأنشطة التي تتقنها أكثر من باقي الولايات مثل الرعي و تربية الحيوانات (الأغنام على وجه الخصوص) و الزراعة البلاستيكية و زراعة الحبوب و زراعة الخضراوات و أشجار الفواكه. ففي عام 2001 أحصت الولاية 50 بيتا بلاستيكيا فقط في حين سجلت خلال هذا العام (2013) 600 بيت بلاستيكي و تعد ببلوغ عتبة 20 ألف بيت بلاستيكي خلال أقل من 3 سنوات و هذا استنادا للمسؤولين المحليين للمصالح الفلاحية. وتعد صناعة الألبان مثالا آخر عن حركية هذه الولاية التي تقدم حاليا آفاق جيدة لأن جمع الحليب تضاعف 6 مرات خلال 5 سنوات حيث ارتفع من 3 ملايين لتر إلى 20 مليون لتر و يبقى هامش التقدم واسعا حسب ما يضيفه ذات المسؤولون. ولم تعد المسيلة و سيدي عيسى و عين الحجل و مقرة تقدم ذلك الوجه للقرى القديمة التي نسيها الزمن و التنمية و إنما صارت تقدم مدنا جذابة تعيش توسعا حضريا كبيرا وهذا يعد أمرا عادلا بالنسبة لمنطقة لم تدفع فقط ضريبة ثقيلة في الكفاح من أجل التحرير الوطني و لكنها سجلت في الصفحات المجيدة للتاريخ المعاصر للجزائر اسم مناضل لامع يحمل اسم محمد بوضياف. وتتحمل هذه الولاية التي يبلغ عدد سكانها حوالي مليون و 150 ألف نسمة مسؤولية دورها كعربة للتنمية بالمناطق الداخلية للوطن و كذا التقدم المحرز خلال هذه السنوات الأخيرة حسب ما يظهر ميدانيا. في الواقع عرفت هذه الولاية التي استفادت من 168 مليار د.ج برسم الخماسيات التي تعاقبت منذ 1999 إلى 2009 و من 153 مليار دينار في إطار المخطط الحماسي الحالي كيف تتغلب على نقائصها و تستغل كامل خصائصها. وارتفع معدل الربط بشبكة التموين بمياه الشرب إلى 88 بالمائة في 2012 بعد أن كان 63 بالمائة في 1999 و سيبلغ 92 بالمائة في 2014 في حين أن معدل الربط بشبكة التطهير سيبلغ 78 بالمائة بحلول السنة المقبلة. وسيكون بإمكان سكان الولاية الذين لايستفيدون سوى من 94 لترا لكل ساكن في اليوم الواحد التمتع بالمياه لأن كل ساكن سيستفيد بحلول 2014 من 190 لتر في اليوم بفضل الاستثمارات الهامة المخصصة في هذا الاتجاه. وقامت ولاية المسيلة التي أحرزت تقدما ملموسا في مجال السكن (ستبلغ حظيرة السكن التي كانت 128010 وحدة في 1999 أكثر من 230 ألف وحدة سكنية في 2014) بنفس الشيء في قطاع الطاقة لأن معدل الربط بالكهرباء الذي يقدر معدله حاليا 91,5 بالمائة سيبلغ 95 بالمائة في 2014 في حين سيبلغ معدل الربط بالغاز الطبيعي بحلول نفس السنة 58 بالمائة. وتعد هذه الولاية الواسعة التي تسجل معدل تمدرس ب97,47 بالمائة مدعوة لتحقيق قفزات نوعية في مجال التعليم العالي لأن عدد المقاعد البيداغوجية (8 آلاف مقعد في الوقت الحالي) سيرتفع إلى 43217 مقعد بحلول 2014. وارتفعت المساحة الفلاحية الصالحة بهذه الولاية من 269711 هكتار في 1999 إلى 300 ألف في 2012 و هي نفس وتيرة التقدم المحرزة في مجالات الصحة و الشباب و الرياضة و الأشغال العمومية و النقل و الثقافة. وعلى صعيد آخر فإن هذه المنطقة ليست معروفة فقط بمواقعها السياحية الكبيرة ببوسعادة و كثبانها و مدينتها العتيقة و قبر الرسام الفرنسي الشهير الذي اعتنق الإسلام نصر الدين ديني و طاحونة فيريرو و زاوية الهامل و قلعة بني حماد و آثارها الرومانية أو رسوماتها على الصخور لأنه لا يتعين نسيان أنها أنجبت كاتب السيناريو الكبير محمد الأخضر حامينة مخرج فيلم "وقائع سنين الجمر" الذي جعل الجزائر تعتلي منصة التتويج في 1975 بمهرجان كان السينمائي من خلال حصول فيلمه على السعفة الذهبية عن جدارة. ولا تعد ولاية المسيلة مجرد مجموعة مناطق التحقت بولايات المدية و برج بوعريريج و سطيف و البويرة و باتنة خلال التقسيم الإداري لعام 1974 و لكنها أيضا المعاضيد و برهوم و بن سرور و أولاد دراج التي تنهض و تعد بمستقبل واعد.