صنع الوزير الاول عبد المالك سلال الذي يواصل زياراته عبر مختلف مناطق البلاد حاملا في جعبته خطابا مبتكرا و عزما قويا على تدارك التاخر المسجل الحدث هذا الاسبوع من خلال دعوته المستثمرين إلى مواجهة البيروقراطية و اثارها السلبية التي تقف عائقا امام تجسيد مشاريعهم و تهدد الامة في توازناتها الاجتماعية و الاقتصادية. و دعا سلال رسميا مقاولي مدينة الوادي التي اجرى بها زيارة تفقد يوم الثلاثاء الماضي إلى "عدم الرضوخ" لما اسماه "ديكتاتورية البيروقراطية" لتمكين الدولة من الاضطلاع بمهمتها كضابط على احسن وجه لصالح اقتصاد كفيل بتحقيق النمو و توفير الشغل بصفة مستديمة. و تجدر الإشارة إلى ان اقتصاد جد هش نظرا لتبعيته المزمنة للمحروقات ضف إلى ذلك نظام تبادل عالمي بقواعد قاسية اكثر فاكثر لا يمكنه التخلي عن رواد صناعته الحاليين و المستقبليين و لا ان يظل تحت رحمة بيروقراطية تعيقه حيث قال الوزير الاول و كله وعي بالتطلعات و الرهانات الحالية "ليس لدينا خيار اخر سوى خلق الثروات و تشجيع الاستثمار و الانتاجية". كما اكد مخاطبا اولئك الذين يشككون في ذلك على وجود ارادة سياسية على اعلى مستوى في الدولة قائلا "اتوجه اليكم باسم رئيس الجمهورية و الحكومة لاؤكد لكم انه هناك ارادة سياسية لمرافقة كل من هو مستعد للاستثمار في هذا البلد". و في انتظار الافعال يبدو ان ذلك ساهم في تهدئة المواطنين والقادة الذين لم يكفوا ابدا عن التنديد بافة لم يسلم منها احد و لا حتى المعاقين حركيا و التي نددت بها هذا الاسبوع الاتحادية الجزائرية للمعاقين. و حسب الراي العام فانه لا شك في ان الهرم البيروقراطي في الجزائر ضخم و معيق. و من لا يذكر او يعد ضمن جيرانه امثلة حية عن ممارسات بيروقراطية تكون قد منعت مواطنا ما من تحقيق ذاته او تجسيد مشروع او طموحات مشروعة. و استوعب ضحايا هذه الممارسات رغما عن انفهم بان الادارة تصبح "ديكتاتورية" محضة عندما تكف عن خدمة المواطن الملزم بالضريبة او تسهيل مهمة مقاول يخاطر و يساهم من خلال استثماره الفردي بشكل ما في تحقيق السعادة الجماعية. و من البديهي ان الاخطبوط البيروقراطي يمس كافة قطاعات النشاط لاسيما قطاع الفلاحة الحيوي إلى جانب الخدمات العمومية للمواطن. و من خلال توجهه إلى عدة ولايات فلاحية ذات اهمية استراتيجية اعطى الوزير الاول تعليمة للولاة بالاسراع في تطبيق النظام الجديد لاستغلال الاراضي الفلاحية لاملاك الدولة الخاصة من خلال تسريع منح عقود الامتياز و هي عملية اساسية تعد منذ 2010 رهينة التماطلات الادارية بكافة اشكالها. وزارة لخدمة عمومية عصرية و فور تسلمها المهام استبقت حكومة سلال الامور من خلال انشاء المنصب الجديد لوزير لدى الوزير الاول مكلف باصلاح الخدمة العمومية يتولى مهمة تبسيط العلاقات بين الادارة و المواطنين و فتح ابواب الاستثمار الانتاجي امام اصحاب المعرفة و رؤوس الاموال. كما ضاعف الوزير الجديد حينها المبادرات و التعليمات الموجهة لتحسيس الجماعات المحلية باهمية اصلاح الخدمة العمومية التي تتلخص في تحسين مجموعة من المسائل تخص لاسيما استقبال المواطن و التخفيف من الشكليات و اخذ شكاوي كافة المواطنين بعين الاعتبار بصفة دائمة و منظمة. كما اعلنت مصالح الوزير محمد الغازي هذا الخميس عن تخفيف معتبر للوثائق المطلوبة لتكوين ملف الترشح لمسابقات او امتحانات التوظيف في مؤسسات عمومية. و كان الاعلان امس الاربعاء ببسكرة عن النهاية الوشيكة لعمل التقييم المسند للجنة وزارية مشتركة لتحديد سبل التخفيف من الاجراءات الادارية في كل مكان و عبر كل المستويات بمثابة تنبا بالانفتاح الكلي للقيد البيروقراطي. و للتأكيد على ارادته في التخلص من كافة الكوابح و تسهيل حياة المواطن ذهب الوزير الاول إلى ابعد من ذلك من خلال دعوته بعاصمة الزيبان إلى تحسين الخدمة العمومية ليس فقط بالنسبة للادارة العمومية و انما ايضا للشركات الخاصة. و حذر سلال الشركات الخاصة يقول انه عليها "التكيف مع المعايير الدولية السارية في علاقاتها مع المواطن" مذكرا بانشغال مشترك لعامة الجزائريين الذين عانوا من ممارسات بعض المتعاملين الخواص فيما يخص التزاماتهم التعاقدية على غرار بعض الوكلاء المعتمدين للسيارات المثيرين للجدل. و في انتظار ذلك يرى الوزير الاول الجزائر اليوم على انها "موطن للامان و الاستقرار في عالم تسوده الاضطرابات السياسية و الاقتصادية" و كذا مثالا لحرية التعبير لصالح القوى السياسية و الاجتماعية لانها تتقدم بكل ثقة وفق "تصور واضح" لمستقبلها.