شكلت مسالة بسط الأمن والتصدي لظاهرة الإرهاب أولوية في برنامج الحكومة التونسية الجديدة بقيادة مهدي جمعة الذي استلم مهامه رسميا بعد تخلي حكومة حزب النهضة الاسلامي عن السلطة التنفيذية. ويؤكد البرنامج الحكومي على ان "ضمان نجاح" الاستحقاقات الانتخابية المقبلة يمر عبر "نشر الأمن كون البلاد تواجه تحديات أمنية خطيرة". كما يبرز "اهمية تخصيص كل الامكانيات الكفيلة بمواجهة" اعمال العنف " وفرض القانون" وتفادي "التحريض على العنف والكراهية وارتكاب الاعتداءات ضد المعارضين السياسيين ". وجاءت تصريحات وزير الداخلية لطفي بن جدو لتؤكد ذات التوجه حيث افاد ان بسط الأمن ومواجهة "التهديدات الإرهابية" وحماية حدود البلاد تعتبر من "اولويات" الحكومة الجديدة في الفترة القادمة مشددا على ان تعيين وزير جديد مكلف بالأمن يعتبر اجراء من شانه "الاسهام في تحسين مردود المؤسسة الأمنية". واجمعت الطبقة السياسية التونسية على ان حكومة مهدي جمعة يتعين عليها التعامل مع جملة من التحديات الأمنية ومواجهة المخاطر المتمثلة في الاعتداءات التي تشنها جماعة تنظيم "انصار الشريعة" الجهادية التكفيرية والتي طالت قوات الأمن وحتى المعارضين السياسيين. وسبق لاحزاب سياسية ان رفضت اعادة تعيين لطفي ين جدو على راس وزارة الداخلية في التشكيلة الوزارية الجديدة لكن رئيس الحكومة مهدي جمعة اصر على اختيار هذه الشخصية معبرا عن "رفضه المغامرة بالاخلال بتوازن المنظومة الأمنية في ضوء الوضع الأمني الراهن الذي يبقى هشا" وفق تعبيره. وشدد على "حساسية" هذا المنصب فى الظرف الراهن اعتبارا لما تواجهه تونس حاليا من تحديات كبيرة على الصعيد الأمني خاصة تحديات ظاهرة الإرهاب حسب تصريحه. وتعيش تونس منذ عدة اشهر على وقع تهديدات أمنية تمثلت في ازدياد الهجمات الإرهابية ضد اعوان الأمن فيما تمكنت الاجهزة الأمنية من تفكيك عدة شبكات إرهابية مع العثور على اسلحة ومتفجرات يقال انها قادمة من الاراضي الليبية. وسبق لجهات رسمية ان حملت تنظيم "انصار الشريعة" مسؤولية الهجمات الإرهابية التي طالت عدة مناطق من البلاد واعتبرت هذا التنظيم تنظيما إرهابيا محملة اياه مسؤولية اغتيال المعارضين السياسيين شكري بلعيد ومحمد براهمي. وفي ذات السياق أبرز تقرير أصدرته "مجموعة الأزمات الدولية" أن الحرب التي عاشتها ليبيا أصبحت لديها "تداعيات أمنية" وأن المجموعات المسلحة في المناطق الحدودية التي شنت هجمات ضد أعوان الأمن التونسي أصبحت تشكل "تهديدا أمنيا كبيرا" على تونس. ودفعت الاعتداءات الإرهابية بالرئيس المؤقت منصف المرزوقي إلى اتخاذ عدة قرارات متتالية تقضي بالتمديد في حالة الطوارئ السارية المفعول في البلاد منذ الإطاحة بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي في 14 يناير 2011 . كما اتخذت السلطات العليا في تونس اجراءات تقضى بإحداث مناطق عمليات عسكرية تشمل شتى أرجاء البلاد لمواجهة ظاهرة الإرهاب وتهريب الاسلحة والمخدرات فيما وضعت أحكام استثنائية تتمثل فى احداث منطقة حدودية عازلة على طول الشريط الحدودى الجنوبى لتونس. وركز المحللون العسكريون التونسيون على التداعيات الاقليمية والمخاوف من انتشار وتهريب الاسلحة القادمة من ليبيا علاوة على عودة المجموعات التونسية المقاتلة من سوريا التي "تلقت تدريبات فائقة على حرب الشوارع".