تم يوم الأربعاء فتح الحديقة الأثرية "كالاما" بجانب المسرح الروماني بمدينة قالمة أمام الجمهور و ذلك لأول مرة منذ تدشينها سنة 2003 لكنها بقيت مغلقة لأسباب إدارية حسب ما لوحظ. وأصبح بمقدور الجمهور العريض بمختلف فئاته من داخل وخارج الولاية على مدار كامل أيام الأسبوع ما عدا الجمعة التجوال داخل هذه الحديقة و التمتع لفترات بمشاهدة القطع الأثرية الموجودة بها والمؤرخة للحضارات المتعاقبة على المنطقة حسب ما أكده ل"وأج" مدير الثقافة السيد سمير الثعالبي. وأضاف هذا المسؤول بأن الحديقة خضعت لعملية تأهيل كبيرة شملت تنظيف الأروقة وتقليم أغصان الأشجار إضافة إلى تعيين حراس الموقع و مرشدين متحفيين لمرافقة الزائرين وتعريفهم بمختلف القطع الموجودة مشيرا إلى أن العملية تندرج في إطار برنامج كبير يستهدف إعادة تأهيل عدة مواقع أثرية مصنفة بالولاية. من جهته أوضح السيد بن بوزيد مالك ختيم مسؤول فرع ديوان تسيير واستغلال الممتلكات الثقافية بأن هذه الحديقة ستشكل إلى جانب المسرح الروماني "ما يمثل مركبا سياحيا أثريا يكون مقصدا لمختلف زوار المنطقة" مشيرا إلى أنه سيتم وضع برنامج خاص لفائدة براعم الكشافة الإسلامية الجزائرية وتلاميذ المدارس لتعريفهم بآثار المنطقة. من جهتها أشارت المرشدة المتحفية السيدة فيروز بوشلاغم بأن الحديقة الأثرية "كالاما" وهو الاسم الروماني لمدينة قالمة تضم ما يقارب 200 قطعة أثرية أغلبها يعود إلى العهد الروماني والجزء الآخر يرجع إلى العهد البوني الليبي موضحة بأن هذه القطع تتنوع بين ناقشات جنائزية وتشريفية لأباطرة وشخصيات مرموقة وعناصر زخرفية من أعمدة ونصب وطاحونات رومانية وتماثيل. وحسب السيدة بوشلاغم فإن إنشاء هذه الحديقة كان منذ 15 سنة الماضية لتكون فضاء بديلا لحماية القطع الأثرية الكثيرة التي كانت موجودة سابقا بحديقة مصطفى سريدي القديمة بوسط مدينة قالمة لكنها تعرضت لأعمال نهب وتخريب كبيرة بسبب عدم توفر الحماية اللازمة. وذكرت كذلك بأن القطع الأثرية الموجودة حاليا تم تحويلها من حديقة مصطفى سريدي التي كانت تحتضن منذ سنة 1904 متحفا أثريا في الهواء الطلق أسسه الباحث في الآثار شارل ألبير جولي الذي شغل حينها منصب نائب رئيس البلدية في العهد الاستعماري وجمع فيه كنوزا أثرية نادرة من مناطق مختلفة على غرار خميسة ومادور وتيبيليس.كما ذكرت السيدة ندى سكيمي المختصة في علم الآثار بأن المخطط العام للحديقة هو في شكل مربع يحتوي على مساحات خضراء تتخللها تسع (9) ممرات تؤدي كلها إلى محور دائري الشكل متجانس مع محور المسرح الروماني المحاذي للحديقة. وحسب السيدة سكيمي فقد تم وضع اللقى والقطع الأثرية على حواف الأروقة بشكل منهجي مشيرة إلى أن كل رواق يؤرخ لمنطقة معينة بما يمكن الزوار من مشاهدة رواق خاص بآثار كل منطقة معينة على غرار قالمة القديمة وتيبيليس (سلاوة عنونة) وخميسة ومداوروش من سوق أهراس حاليا. وقد كان إقبال الزوار محتشما على الحديقة في يومها الأول بسبب عدم علمهم المسبق بتاريخ فتح هذا الفضاء غير أن الذين كانوا حاضرين ثمنوا قرار فتحها أمام الجمهور العريض بما يسمح بالتعريف بالمكونات الثقافية وإبراز الثراء التاريخي والأثري الكبير لهذه الولاية.