وضعت إتفاقية السلام الموقعة بين الحكومة اليمنية و المتمردين الحوثيين أمس الأحد حدا للإشتباكات المميتة التي استمرت أياما في شمال غرب صنعاء و التي نصت خصوصا على وقف إطلاق النار و تشكيل حكومة وطنية من الكفاءات تعمل على تعزيز الشفافية الحكومية وتنفيذ الإصلاحات الإقتصادية. وأتى التوقيع على البنود الرئيسية للإتفاق بعد أن شهدت صنعاء أمس سلسلة أحداث متسارعة تمثلت في سيطرة المسلحين الحوثيين على مناطق واسعة منها واقتحامهم لمقار عدد من المؤسسات السيادية والإستراتيجية منها رئاسة الحكومة والقيادة العامة للقوات المسلحة وأيضا مقار الإذاعة الرسمية والبنك المركزي ووزارتي الدفاع والداخلية وذلك بدون مقاومة من أفراد الجيش والامن المكلفين بحراسة هذه المقار. وكان وزير الداخلية اليمني اللواء عبده حسين الترب قد وجه كافة منتسبي الوزارة "بعدم الاحتكاك مع أنصار الله أو الدخول معهم في أي نوع من أنواع الخلافات والتعاون معهم في توطيد دعائم الأمن والاستقرار والحفاظ على الممتلكات العامة وحراسة المنشآت الحكومية ... واعتبار (أنصار الله) أصدقاء للشرطة". ورغم ذلك أفادت مواقع إخبارية يمنية اليوم بقيام مسلحي الحوثي باقتحام ونهب منازل لبعض أعدائهم المعلنين مثل اللواء علي محسن الأحمر المستشار الأمني والعسكري للرئيس اليمني والشيخ حميد الأحمر النائب البرلماني ورجل الأعمال المعروف المنتمي لحزب (الاصلاح) وأيضا الناشطة اليمنية الحاصلة على جائزة نوبل للسلام (حزب الاصلاح). وكان الرئيس عبدربه منصور هادي عقد لقاء مع مستشاريه وممثلي الأحزاب والقوى السياسية بمن فيهم المتمردون حضره المبعوث الأممي جمال بن عمر لبحث التطورات المتسارعة أعقبه إعلان رسمي بتوقيع اتفاق حل الأزمة في دار الرئاسة والذي سبق وتأجل مرتين منذ نشوب الاضطرابات في 14 أغسطس الماضي. وتضمن الإتفاق وقف إطلاق النار في العاصمة صنعاء فورا وترشيح رئيس وزراء جديد في غضون أسبوع لتشكيل حكومة تكنوقراط خلال شهر وخفض أسعار الوقود إلا أن الحوثيين امتنعوا عن التوقيع على الملحق الأمني لهذا الاتفاق كونه يلزمهم بجملة بنود منها سحب قواتهم من صنعاء وتسليم مدينة عمران والأسلحة الثقيلة للدولة ووقف الحرب في محافظتي مأرب والجوف. ووضعت الإتفاقية حدا للاشتباكات المميتة بين المتمردين والجيش والتي اندلعت في شمال غرب صنعاء يوم الثلاثاء الماضي وأسفرت عن مقتل 200 شخص على الأقل بما فيهم حوالي 50 من المدنيين. دعوات إلى التنفيذ السريع و الكامل لجميع بنود الإتفاقية وعقب التوقيع على السلام أكد الرئيس هادي أن الإتفاق سيمكن بلاده من تجاوز الأزمة الكبيرة التي كادت أن تعصف بالبلاد ووصف الاتفاق ب"التاريخي" مقدما شكره لكافة المساعي والجهود الحثيثة والمخلصة التي أخرجته إلى النور. ودعا الرئيس اليمني الجميع إلى "العمل معا على تنفيذ ما ورد في الإتفاق الذي يمثل عبورا نحو تطبيق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وتجاوز كافة العقبات والتحديات ". ومن جهته اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار في اليمن "خطوة ايجابية" للدولة معربا عن أمله في أن "يطبق الاتفاق بشكل كامل دون تأخير". وحث بان كي مون في بيان له على إعادة كافة المؤسسات الحكومية مشيدا بجهود اليمن للتوصل إلى الاتفاقية وأعرب عن التزام المنظمة العالمية بدعم الجهود الرامية إلى إقامة " يمن جديد وديمقراطي يستجيب للتطلعات المشروعة لكافة المواطنين". بدوره رحب المجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي بالاتفاق الذي تم التوصل إليه أمس متمنيا أن يؤدي إلى وقف العنف وتعزيز أمن اليمن واستقراره معربا عن أمله في أن يتجاوز اليمن هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه. ودعا المجلس الأطراف كافة إلى تغليب المصلحة الوطنية وتجنب الإثارة والتحريض والتمسك بنهج سياسي يجنب اليمن الانزلاق إلى حالة من الفوضى والعنف تهدد أمن اليمن واستقراره ووحدته والعمل على استكمال تنفيذ مخرجات الحوار الوطني وتعزيز العملية السياسية التي جعلت اليمن نموذجا يشار إليه لحل الخلافات سلميا. كما رحب سفراء مجموعة الدول العشر الراعية لمبادرة السلام الخليجية بالتوقيع على الاتفاقية لحل الأزمة الحالية في اليمن ودعوا الى التنفيذ السريع والكامل لجميع بنود الإتفاقية والتزام جميع الأطراف بمبادرة دول مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات العلاقة.