يعكف المشاركون في المؤتمر الدولي لإعادة إعمار قطاع غزة التي تجري أشغاله يوم الأحد بالقاهرة على حشد الجهود لتوفير نحو 4 مليارات دولار لدعم خطة الحكومة الفلسطينية الرامية إلى إنعاش الاقتصاد وإعادة إعمار ما دمره الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه الأخير على القطاع في الفترة من 8 يوليو حتى 26 أغسطس الماضيين. ويهدف هذا المؤتمر الذي يجرى على مدار يوم واحد بمشاركة 20 منظمة دولية واقليمية ووفود 50 دولة، من بينها الجزائر التي يرأس وفدها وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة إلى تثبيت وتعزيز اتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي الذي تم التوصل إليه شهر أوت الماضي، بالإضافة إلى توفير الدعم الدولي لإعادة إعمار قطاع غزة وذلك في إطار من تحقيق التنمية المستدامة في فلسطين. كما يسعى المشاركون في المؤتمر الذي افتتحت أشغاله صباح الأحد -باستضافة مصرية-نرويجية مشتركة- إلى تعزيز آلية الأممالمتحدة القائمة لاستيراد وتصدير البضائع والمواد من وإلى قطاع غزة، بما في ذلك مشروعات القطاع الخاص وتسهيل إزالة القيود وتوفير إمكانية الوصول لهذه البضائع بما يسهم في توفير المناخ السياسي المناسب للتوصل إلى حل إقامة الدولتين لإنهاء الصراع القائم. ومن أهم المنظمات الإقليمية المشاركة الأممالمتحدة وأجهزتها الرئيسية ووكالاتها المتخصصة على غرار وكالة غوث و تشغيل اللاجئين "الأونروا" وصندوق الأممالمتحدة الإنمائي وصندوق الغذاء العالمي وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بالإضافة إلى صناديق وبنوك التنمية العربية والإسلامية. وينعقد بالتوازي مع انطلاق أعمال المؤتمر عدد من مجموعات العمل المتخصصة لتناول قضايا بعينها، مثل مجموعة العمل الخاصة بإدخال البضائع إلى قطاع غزة ومجموعة العمل الخاصة بآليات تحويل الأموال، كذلك آلية الإنعاش المبكر هذا إلى جانب إجراء عدد كبير من اللقاءات الثنائية بين وزراء الخارجية ورؤساء الوفود المشاركة في أعمال المؤتمر. - نحو 6 مليار دولار من الخسائر في غزة و القطاعين الزراعي و الصناعي الأكثر تضررا وبهدف اعتماد "خطة الحكومة الفلسطينية الشاملة للإنعاش ودعم جهود إعادة إعمار غزة" بعد العدوان الاسرائيلي الأخير الذي خلف خسائر اقتصادية بلغت نحو 6 مليار دولار، ناهيك عن 2147 شهيد منهم 530 طفلا و نحو 300 امرأة يستعرض نائب رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى تفاصيل الاحتياجات المالية التي قدرتها الحكومة ب 3ر4 م.د. وتوزع الحكومة الفلسطينية في خطتها المفصلة مبلغ 3ر4 مليار دولار على ثلاثة متطلبات رئيسية، منها 414 مليون دولار من أجل الإغاثة الفورية و مليار و800 مليون دولار من أجل الإنعاش المبكر و2.4 مليار دولار من أجل إعادة إعمار غزة ودعم مشاريع إعادة الإعمار خلال الأعوام 2015 و 2016 و 2017. وأدى العدوان الإسرائيلي إلى تدمير أكثر من 450 مصنعا بشكل جزئي وكلي وأكثر من 1500 منشأة إقتصادية في كافة القطاعات الصناعية والتجارية والزراعية والخدماتية منذ بدء العملية في الثامن من يوليوالماضي ما تسبب بتسريح ما يزيد على 35 ألف عامل في قطاع غزة. أما خسائر القطاع الزراعي فقد ناهزت 250 مليون دولار في حين بلغت خسائر القطاع الصناعي 750 مليونا حيث قام الاحتلال بتدمير العديد من المصانع والمؤسسات الصناعية والخدماتية والزراعية. كما ان العدوان طال الصروح التربوية والتعليمية فقد بلغ عدد المدارس المستهدفة 222 مدرسة منها 141 مدرسة حكومية في حين قدر وزير الأشغال العامة والإسكان في حكومة التوافق الفلسطينية مفيد الحساينة خسائر القطاعات الإنتاجية والتي يشمل التجاري والصناعي والخدماتي بنحو مليار دولار. - تفاؤل دولي بنتائج مؤتمر الإعمار وبناءا على هذه المعطيات الكارثية، أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس في كلمته خلال افتتاح أشغال المؤتمر أن "ما جرى من عدوان إسرائيلي وما نتج عنه في غزة أمرا لا يمكن احتماله ولا يمكن المرور عليه دون محاسبة" مطالبا بتوفير الدعم اللازم لتجاوز الوضع الحالي في البلاد كما طالب بوضع حد للاحتلال الإسرائيلي الذي يحرم الاقتصاد الفلسطيني بالضفة الغربية من نحو ثلاثة مليارات دولار سنويا. وبعد أن استعرض الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي جهود بلاده في رأب الصدع الفلسطيني دعا إلى "العمل لمنع استغلال البعض لمعاناة الشعب الفلسطيني لتحقيق أغراضهم" مؤكدا أن "انعقاد المؤتمر يوجه رسالة هامة إلى شعب فلسطين لا تتعلق فقط بالتعاطف والمؤازرة وإنما تتضمن وضع حد للوضع القائم والتوصل إلى تسوية عادلة ودائمة وشاملة حتي يتفرغ الشعب الفلسطيني للبناء دون الخوف من تدمير ما بناه". وبدوره أكد وزير خارجية النرويج بورج برندي-بصفة بلاده مضيفا مشتركا للمؤتمر إلى جانب مصر- أن "إعادة إعمار غزة جزء لا يتجزأ من حل الدولتين ولابد من وجود إستراتيجية لإعادة الإعمار من خلال أنشطة اقتصادية قوية". من جانبها وصفت المتحدثة باسم الخارجية الامريكية ماري هارف مؤتمر إعادة إعمار غزة بالحدث "بالغ الأهمية " معربة عن توقعاتها بأنه "سيسفر عن تقديم أموال ومساعدات ربما تكون كافية لعمليات إعادة الإعمار ". أما بريطانيا فقد أعلنت عن تقديم دعم مالي جديد تبلغ قيمته 32 مليون دولار توجه بشكل خاص لإعادة الاعمار في غزة والإغاثة الإنسانية الضرورية بعد الحرب وكذلك إزالة انقاض المباني التى دمرتها الحرب ومساعدة المشردين وعلاج الجرحى. وحذر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلا المؤتمر من ما سماه ب "تواصل دائرة البناء والتدمير" مشيرا إلى أن أكثر من 2100 فلسطيني قتلوا في أسوأ حرب فى العصر الحديث معلنا في ذات السياق عن خطة الأممالمتحدة بشأن دعم إعادة الأعمار في قطاع غزة تصل قيمتها إلي 2.1 مليار دولار من إجمالي جهود الإعمار. وأضاف أن "ثلث سكان غزة تم تهجيرهم من منازلهم والكثير منهم لم يعد لديه مأوى كما تم تدمير البنية الأساسية بالكامل ويتواصل الحصار 18 ساعة يوميا,وأكثر من 450 ألف شخص لا يمكنهم الحصول على المياه". كما أشار بان كي مون إلى أنه تم أيضا تدمير العديد من المباني التابعة للأمم المتحدة وقتل 11 من موظفيها أثناء العدوان كما أن أطفال غزة ممن لم يصلوا إلي منتصف مرحلة التعليم الابتدائي عاصروا حتى الآن ثلاثة حروب.