تعزز قطاع الإعلام في الجزائر خلال سنة 2014 بقانون النشاط السمعي البصري وهو القانون الذي وضع لأول مرة إطارا قانونيا للفاعلين في هذا النشاط من القطاعين العام والخاص والذي من شأنه إحداث تغيير ملموس في وظيفة الإعلام السمعي البصري. يعكس صدور هذا القانون الذي صادق عليه البرلمان نهاية شهر يناير 2014 ونشر في الجريدة الرسمية في عددها 16 الصادر في 27 مارس من نفس السنة الإلتزامات التي قطعها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة على نفسه تجسيدها, في مجال حرية الصحافة والتعبير والتي تشهد تطبيقا تدريجيا وفعليا منذ صدور القانون العضوي للإعلام قبل سنتين. ولى هذا الأساس فإن 20 قناة تلفزيونية خاصة تنشط حاليا في الساحة الإعلامية الجزائرية بتصريحات مؤقتة في إنتظار مطابقتها للتشريعات الجديدة. وأعد هذا القانون --حسب المختصين-- طبقا للممارسات و المعايير المعمول بها دوليا من أجل التسيير الأمثل لقطاع السمعي البصري الجزائري وهو يعكس الإتزام بترقية وسائل إعلام القطاع العام و كذا الخدمة العمومية لهذا المجال. يندرج هذا النص التشريعي في إطار الاصلاحات التي بادر بها الرئيس بوتفليقة من أجل ترسيخ و توسيع دولة الحق و القانون و يقترح عبر 113 مادة تنظيم المجال السمعي البصري و ضبط سيره من خلال إدراج إمكانيات ستتاح للمتعاملين الخواص الوطنيين للاستثمار. ومن أجل الحفاظ على مهمة الخدمة العمومية تم بموجب هذا القانون وضع سلطة ضبط مستقلة تم تنصيبها شهر سبتمبر المنصرم وتضطلع بمهامها بوصفها حارس و ضامن حرية ممارسة النشاط. وقد كرست هذه السلطة لبنة الصرح الإعلامي في الجزائر إذ تعتبر "تكملة" للمسار النشيط الذي أحدثه قطاع السمعي البصري بعد الميلاد الذي باركه المواطن الجزائري للعديد من القنوات التلفزيونية, وترسيخا لقانون السمعي البصري, الذي وضع استجابة لأصحاب المهنة لمنح إطار قانوني لوسائلنا الإعلامية السمعية والبصرية. وعلى هذا الأساس فإن هذه السلطة التي يرأسها ميلود شرفي تعتبر منبرا منيرا لحرية الصحافة, من خلال فتح أبواب الحوار والنقاش وتنظيم الندوات للإطلاع أكثر على إهتمامات القطاع, والنظر في إنشغالات أصحاب المهنة لضمان مستقبل يكون الإعلام فيه حقا وتكون الوسيلة الإعلامية فيه أداة للتحديث والتنمية ونشر قيم الحرية, وليس أداة للإستغلال البصري. ويتمثل الهدف الأسمى لمثل هذه الهيئة في تكريس الديمقراطية القائمة على مبدأ الشفافية, إذ لا تعتبر آلية رقابية على الصحفيين أو أصحاب المؤسسات الإعلامية, إنما آلية إدارية وقانونية لازمة وضابطة وضامنة لتنفيذ ما ينشده اصحاب المهنة من إصلاحات. كما تسهر هذه الهيئة على ضمان "حرية ممارسة النشاط السمعي البصري ضمن الشروط المحددة في التشريع و التنظيم المعمول به و عدم تحيز الأشخاص المعنويين التي تستغل خدمات الإتصال السمعية البصرية التابعة للقطاع العام و كذا ضمان الموضوعية و الشفافية طبقا للقانون". ويوضح القانون في المادة 17 مثلا أن "خدمة الاتصال السمعي البصري المرخص لها هي كل خدمة موضوعاتية للبث التلفزيوني أو للبث الإذاعي تنشأ بمرسوم وفق الشروط المنصوص عليها في أحكام القانون". ومن جهة أخرى تطرق القانون إلى الأحكام المشتركة لكافة خدمات الإتصال السمعي البصري حيث تشير المادة 47 إلى أنه "يحدد دفتر الشروط العامة الصادر بمرسوم بعد رأي سلطة الضبط السمعي البصري القواعد العامة المفروضة على كل خدمة للبث التلفزيوني أو البث الإذاعي". كما توضح المادة 48 أن دفتر الشروط يتضمن أساسا الالتزامات التي تسمح ب "احترام متطلبات الوحدة الوطنية و الأمن و الدفاع الوطنيين و احترام المصالح الاقتصادية و الدبلوماسية للبلاد و احترام سرية التحقيق القضائي و الالتزام بالمرجعية الدينية الوطنية و احترام المرجعيات الدينية الأخرى و عدم المساس بالمقدسات و الديانات الأخرى". وعليه, فقد كانت هذه السنة فرصة لإستكمال و بشكل مكثف المسار التشريعي والتنظيمي المتوخى منه استكمال المنظومة القانونية التي تحكم النشاطات ذات الصلة بقطاع الإتصال لا سيما منها تلك المتعلقة بتنظيم مهنة الصحافة والمهن المرتبطة بها وبهيئات الضبط المؤهلة, وتلك المتعلقة بالإشهار وسبر الآراء. فإلى جانب محور التكوين يبقى مسعى إنشاء سلطة الضبط للصحافة المكتوبة خلال المراحل المقبلة من أوليات الدولة و رجال الصحافة في ظل غياب تنظيم يمثل الصحافيين والذي قد يصعب --حسب المختصين -- التوصل الى انشاء هذه السلطة التي لديها دور هام في ترقية عمل الصحفي.