العلاقات الجزائرية الصومالية "متينة وأخوية"    وزارة التضامن الوطني تحيي اليوم العالمي لحقوق الطفل    فلاحة: التمور الجزائرية تصدر إلى أكثر من 90 دولة    وزير الصحة يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    المجلس الأعلى للشباب ينظم الأحد المقبل يوما دراسيا إحياء للأسبوع العالمي للمقاولاتية    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 44056 شهيدا و 104268 جريحا    أيام إعلامية حول الإثراء غير المشروع لدى الموظف العمومي والتصريح بالممتلكات وتقييم مخاطر الفساد    رفع دعوى قضائية ضد الكاتب كمال داود    الأسبوع العالمي للمقاولاتية بورقلة:عرض نماذج ناجحة لمؤسسات ناشئة في مجال المقاولاتية    صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    منظمة التعاون الإسلامي: "الفيتو" الأمريكي يشكل تحديا لإرادة المجتمع الدولي وإمعانا في حماية الاحتلال    كرة القدم/ سيدات: نسعى للحفاظ على نفس الديناميكية من اجل التحضير جيدا لكان 2025    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    عميد جامع الجزائر يستقبل رئيس جامعة شمال القوقاز الروسية    فلسطين: غزة أصبحت "مقبرة" للأطفال    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    يد بيد لبناء مستقبل أفضل لإفريقيا    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    الجزائر متمسّكة بالدفاع عن القضايا العادلة والحقوق المشروعة للشعوب    بحث المسائل المرتبطة بالعلاقات بين البلدين    حج 2025 : رئيس الجمهورية يقرر تخصيص حصة إضافية ب2000 دفتر حج للأشخاص المسنين    قمة مثيرة في قسنطينة و"الوفاق" يتحدى "أقبو"    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    الجزائرية للطرق السيّارة تعلن عن أشغال صيانة    ارتفاع عروض العمل ب40% في 2024    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يثمن الالتزام العميق للجزائر بالمواثيق الدولية التي تكفل حقوق الطفل    40 مليارا لتجسيد 30 مشروعا بابن باديس    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    الجزائر تشارك في اجتماع دعم الشعب الصحراوي بالبرتغال    مجلس الأمن يخفق في التصويت على مشروع قرار وقف إطلاق النار ..الجزائر ستواصل في المطالبة بوقف فوري للحرب على غزة    تكوين المحامين المتربصين في الدفع بعدم الدستورية    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    مصادرة 3750 قرص مهلوس    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    رياضة (منشطات/ ملتقى دولي): الجزائر تطابق تشريعاتها مع اللوائح والقوانين الدولية    خلال المهرجان الثقافي الدولي للفن المعاصر : لقاء "فن المقاومة الفلسطينية" بمشاركة فنانين فلسطينيين مرموقين    الملتقى الوطني" أدب المقاومة في الجزائر " : إبراز أهمية أدب المقاومة في مواجهة الاستعمار وأثره في إثراء الثقافة الوطنية    رئيس الجمهورية يشرف على مراسم أداء المديرة التنفيذية الجديدة للأمانة القارية للآلية الإفريقية اليمين    سعيدة..انطلاق تهيئة وإعادة تأهيل العيادة المتعددة الخدمات بسيدي أحمد    ارتفاع عدد الضايا إلى 43.972 شهيدا    فايد يرافع من أجل معطيات دقيقة وشفافة    القضية الفلسطينية هي القضية الأم في العالم العربي والإسلامي    حقائب وزارية إضافية.. وكفاءات جديدة    تفكيك شبكة إجرامية تنشط عبر عدد من الولايات    انطلاق فعاليات الأسبوع العالمي للمقاولاتية بولايات الوسط    ماندي الأكثر مشاركة    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    هتافات باسم القذافي!    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ساحة نقاش. بخصوص تنظيم مهنة الصحافة، بقلم: إبراهيم قارعلي
نشر في صوت الجلفة يوم 14 - 11 - 2013


يجب انتخاب نصف أعضاء سلطة ضبط السمعي البصري
يشترط الشهادة الجامعية والخبرة المهنية في مديري القنوات
كنت عندما ألقيت مقدمة التقرير التمهيدي عن مشروع القانون العضوي المتعلق بالإعلام تحت القبة البرلمانية أمام النواب قد قلت باسم لجنة الثقافة والاتصال التي كنت مقررها: حتى لا نعيد استنساخ فوضى الصحافة المكتوبة عند تحرير المجال السمعي البصري لابد من وضع ضوابط قانونية ودفاتر شروط تحميه من الانحراف والانزلاق منذ البداية.
وقد اغتنمت الفرصة مرة أخرى من خلال التقرير التكميلي للدعوة إلى الإسراع في إعداد النصوص التنظيمية ذات الصلة بمشروع القانون العضوي المتعلق بالإعلام بما يساهم في وضع خارطة طريق إعلامية جديدة كفيلة بترقية الأداء الإعلامي وتنظيم هذا النشاط، وبصفة خاصة الإسراع في أعداد القانون الخاص بالسمعي البصري من أجل مواكبة التطور المتسارع للتكنولوجيات الحديثة في مجال الإعلام والاتصال والتواصل حيث أصبح المواطن شريكا أساسيا في الرسالة الإعلامية. ولكن لابد لي من أن أسجل أنه خلال جلسات الاستماع، أن الجميع قد كان يبارك تحرير القطاع السمعي البصري ولكن في الوقت نفسه فقد كانت الدعوة ملحة إلى دعم القطاع العمومي ليكون القاعدة الصلبة التي يرتكز عليها الانفتاح الإعلامي في هذا الفضاء الحيوي.
وكانت النظرة الاستشرافية تقوم على أساس أن فتح القطاع السمعي البصري للاستثمار الخاص لابد أن يكون على أساس دفتر شروط وبما يعزز الوحدة الوطنية والتنوع الثقافي وحماية الأمن الإعلامي الذي من شأنه أن يصد مختلف الهجمات الإعلامية الشرسة والحملات التضليلية المنظمة ضد كيانات الدول.
لقد كنت من الداعين من الناحية التشريعية وحتى من الناحية المهنية إلى أن يكون النشاط السمعي البصري ضمن القانون العضوي المتعلق بالإعلام حيث يدرج في أحد الأبواب والفصول، ولكن إرادة المشرّع شاءت غير ذلك. وعلى الرغم من ذلك، فإن القانون العضوي المتعلق بالإعلام قد خصّ الباب الرابع بعنوان النشاط السمعي البصري حيث يحتوي هذا الباب على فصلين، يتعلق الفصل الأول بممارسة النشاط السمعي البصري والثاني بسلطة ضبط السمعي البصري. ولكن مع ذلك يجب التأكيد أن القانون العضوي المتعلق بالإعلام لا ينحصر في المجال التطبيقي على صحافة الجرائد الورقية أو الصحافة المكتوبة بل إن الكثير من الأبواب والفصول يمتد مجال تطبيقها إلى كل النشاط الإعلامي سواء تعلق الأمر بالصحافة المكتوبة أو بالصحافة السمعية والبصرية أو الصحافة الإلكترونية، مثلما هو الشأن بالنسبة إلى الأحكام العامة أو بالممارسة المهنية للصحافة وآداب مهنة الصحافة وأخلاقياتها وحق الرد والتصحيح والمسؤولية والمخالفات المترتبة عن ممارسة النشاط الإعلامي.
يصبح التخوف مشروعا من الناحية التشريعية، مادام القانون العضوي المتعلق بالإعلام قد سنّ في عهدة سابقة ليسنّ القانون المتعلق بالنشاط السمعي البصري في عهدة لاحقة، ولذلك يحق لنا أن نتخوف أيضا من أن تصدر النصوص التنظيمية ذات الصلة بالقانون المتعلق بالنشاط السمعي البصري وحتى بالقانون العضوي المتعلق بالإعلام في عهدة أخرى. ذلك أننا في مجال الانفتاح السمعي البصري يجب أن نعترف بأننا قد تخلفنا بثلاث وعشرين سنة أي ربع القرن من الزمن حيث أن قانون الإعلام الذي أقرّ التعددية في بداية عشرية التسعينيات من القرن الماضي قد نص على تحرير القطاع السمعي البصري ولكن تجربة التعددية الإعلامية قد اقتصرت على الجرائد الورقية فقط.
أعتقد أن سلطة ضبط السمعي البصري تمثل العمود الفقري للنظام السمعي البصري مثلما هو الشأن بالنسبة إلى سلطة ضبط الصحافة المكتوبة التي ينص عليها القانون العضوي المتعلق بالإعلام، وقد اعترفت الحكومة في عرض الأسباب وهي تقدم إلى البرلمان مشروع القانون المتعلق بالنشاط السمعي البصري أن سلط الضبط هي حجر الأساس. ولذلك كان من الطبيعي أن تتعرض الساحة الإعلامية إلى الشلل الكلي أو إلى الشلل النصفي عندما يتحطم عمودها الفقري أو أن ينهار البيت الإعلامي ويتحول إلى ركام عندما يتحطم حجر الأساس الذي يقوم عليه البناء الإعلامي.
إن الكثير من الشلل أو الفوضى التي سادت الصحافة المكتوبة يعود بالدرجة الأولى إلى غياب المجلس الأعلى للإعلام الذي تم تجميد العمل به مع بداية التعددية الإعلامية التي تعرضت هي الأخرى للإجهاض على غرار التعددية السياسية، وإن كان هذا المجلس الأعلى للإعلام قد عاد إلى الظهور في القانون العضوي المتعلق بالإعلام بتسمية سلطة ضبط الصحافة المكتوبة وسلطة ضبط السمعي البصري خاصة في القانون المتعلق بالنشاط السمعي البصري، فإن سلطة ضبط الصحافة المكتوبة لم تتشكل على الرغم من وجود الإطار القانوني الذي ينص على تأسيسها على الرغم من أنها تتحصّن من الناحية القانونية بقانون عضوي. ولذلك مازالت الفوضى تسود الساحة الإعلامية وتمنع من تنظيم الأسرة الإعلامية وتطهير صفوفها من المندسين من أشباه الإعلاميين المزيفين سواء تعلق الأمر بالمالكين أو بالناشرين وحتى بالصحفيين وكل أولئك الذين جعلوا من الصحافة مهنة من لا مهنة له.
إن سلطة ضبط السمعي البصري يجب عليها أن تكون بمثابة ذلك الجدار الواقي الذي يمنع الطفيليين والمتطفلين من منتحلي مهنة الصحافة من الاقتراب إلى مجال القطاع السمعي البصري خاصة وأن فوضى الصحافة المكتوبة تكون قد انتقلت عدواها إلى هذا المجال الحيوي قبل أن تتم المصادقة على القانون المتعلق بالنشاط السمعي البصري. وما يؤسف له أن التجارب السمعية البصرية الناشئة لم يقم بها مهنيون من أهل الاختصاص من محترفي النشاط السمعي البصري مثلما كان عليه الأمر مع بداية تجربة التعددية الإعلامية في مجال الصحافة المكتوبة حيث بادر رجال المهنة بإنشاء صحف مستقلة أو جرائد خاصة قادمين إليها من صحافة القطاع العمومي.
وعلى العكس من ذلك، فإن المبادرين بالقنوات التلفزيونية الخاصة أو المستقلة، لم يأتوا من القطاع العمومي الإذاعي أو التلفزيوني وإنما في أحسن الأحوال إن لم تكن أسوأها قد قدموا إليها من الصحافة المكتوبة الخاصة حتى لا أقول المستقلة، وكأن الجرائد الورقية قد تطورت إلى قنوات تلفزيونية أو إلى فضائيات ورقية، وكأننا قد أصبحنا نؤسس لنظرية داروينية غريبة قد تعرف بنظرية التطور الإعلامي.
وفي هذا الشأن، فإن المهام الثقيلة التي تتولاها سلطة ضبط السمعي البصري سواء تعلق الأمر في مجال الضبط أو في مجال المراقبة أو في مجال الاستشارة أو في مجال تسوية النزاعات، لا يمكن لتركيبتها البشرية أن تؤدي مهامها على أحسن وجه ما لم يتم إشراك رجال المهنة من محترفي النشاط السمعي البصري. ولكن مشروع القانون المتعلق بالنشاط السمعي البصري يقتصر على الأشخاص المعينين من الذين يعينهم رئيس الجمهورية أو الذين يقترحهم رئيس المجلس الشعبي الوطني أو رئيس مجلس الأمة من الأعضاء غير البرلمانيين.
وعلى الرغم من أننا لا نشك في كفاءة الاختيار بالنسبة إلى الأشخاص المعينين ، فإننا نرى بضرورة إشراك صحفي القطاع السمعي البصري من خلال تمكينهم من انتخاب ممثليهم في سلطة ضبط السمعي البصري، مثلما هو الشأن بالنسبة إلى سلطة ضبط الصحافة المكتوبة التي ينصّ القانون العضوي المتعلق بالإعلام على أن نصف أعضائها يكونون منتخبين من بين الصحفيين المحترفين. وإذا ما اقتصر الأمر بالنسبة إلى سلطة ضبط السمعي البصري على الأعضاء المعينين على عكس سلطة ضبط الصحافة المكتوبة، سوف يصبح مشكوكا في استقلاليتها ويخلّ بمصداقيتها ويطعن في أحكامها خاصة عندما يتعلق الأمر بتسوية النزاعات التي تنشب بين الأشخاص المعنويين الذين يستغلون خدمة الاتصال السمعي البصري سواء فيما بينهم أو مع المستخدمين.
ولكي لا نكيل الأمور بمكيالين، ولكي تكون أحكام القانون المتعلق بالنشاط السمعي البصري تتطابق مع أحكام القانون العضوي المتعلق بالإعلام والذي يمثل القانون الإطار أو المرجعية التشريعية للنشاط السمعي البصري، لابد من أن تتشكل سلطة ضبط السمعي البصري هي الأخرى من أربعة عشر عضوا يعينون بمرسوم رئاسي بحيث يعين رئيس الجمهورية منهم ثلاثة أعضاء من بينهم رئيس سلطة الضبط، ويقترح كل من رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس الأمة عضوين غير برلمانيين أي اثنين لكل منهما. أما الأعضاء السبعة الآخرون، فإنهم ينتخبون بالأغلبية المطلقة من بين الصحفيين المحترفين الذين يثبتون خمس عشرة سنة على الأقل من الخبرة في مجال النشاط السمعي البصري.
إن التركيبة البشرية لسلطة ضبط السمعي البصري والتي حددها مشروع القانون بتسعة أعضاء تحمل في طياتها تناقضا جوهريا خاصة عند عملية التصويت، حيث ينص المشروع على أنه في حالة تساوي عدد الأصوات يكون صوت الرئيس مرجحا. والمعلوم أن الأصوات لا يمكنها أن تتساوى في حالة الأعداد الفردية وإنما تتساوى في حالة الأعداد الزوجية. ولا يمكن أن يكون الرئيس خارج عملية التصويت بحيث تتعادل الأصوات بنتيجة أربعة أصوات مقابل أربعة أصوات أخرى، بل إن الرئيس يملك صوتا واحدا مثل بقية الأعضاء الثمانية الآخرين. ولهذا يجب التأكيد أن صوت الرئيس لا يمكنه أن يكون مرجحا في حالة الأعداد الفردية وإنما في الأعداد الزوجية، وعليه يجب أن تكون التركيبة العددية لسلطة الضبط بصيغة الأعداد الزوجية وليس الفردية.
لقد نص مشروع القانون المتعلق بالنشاط السمعي البصري على ما يعرف بالسلطة المانحة وقد ورد في الفصل الثاني من الباب الأول والمتعلق بالتعريفات أو بالمصطلحات، أن السلطة المانحة هي السلطة التنفيذية الموقعة على المرسوم المتضمن رخصة إنشاء خدمة الاتصال السمعي البصري لصالح شخص معنوي خاص يخضع للقانون الجزائري، يعني ذلك أن سلطة ضبط السمعي البصري ليس من صلاحياتها الترخيص أو منح التراخيص بإنشاء القنوات الإذاعية أو التلفزيونية الخاصة أو الموضوعاتية وإنما هناك سلطة أعلى منها والتي تسمى السلطة المانحة، وهذا الأمر المستحدث غير معمول به في مجال إصدار الجرائد الورقية بالنسبة إلى سلطة ضبط الصحافة المكتوبة.
يفترض أن سلطة ضبط النشاط السمعي البصري هي التي تدرس الطلبات وهي التي تمنح الرخصة أو الاعتماد الخاص بإنشاء أي خدمة للاتصال السمعي أو البصري وهي التي تلغي الرخصة وتسحبها أو تعلق النشاط السمعي أو البصري أو تأمر بوقف البث للقناة التلفزيونية أو الإذاعية المعنية وفق ما ينص عليه القانون. وإذا ما أصبحت السلطة المانحة هي التي تتولى ذلك، يعني أن سلطة ضبط السمعي البصري يصبح لا محل لها من الإعراب في ظل وجود هذه السلطة المانحة التي يلفها الكثير من الغموض والضبابية، ولذلك لابد من أن تشطب هذه السلطة المانحة وتضمّن ضمن المهام والصلاحيات التي تختص بها سلطة ضبط السمعي البصري.
إن الحديث عن الرخصة التي تسمح لأصحاب المبادرات الخاصة أو الحرة بممارسة النشاط السمعي البصري، يقودنا حتما إلى الحديث عن الشخص المؤهل إلى ذلك سواء من الناحية القانونية أو من الناحية المهنية أو العلمية. فإذا كان مشروع القانون المتعلق بالنشاط السمعي البصري يشترط في الأشخاص المؤهلين لإنشاء خدمات الاتصال السمعي البصري الموضوعاتية، الجنسية الجزائرية والخضوع للقانون الجزائري والرأسمال الاجتماعي الوطني وبالشكل الحصري والذين لم يكن لهم سلوك معاد للثورة التحريرية المباركة، فإن مشروع القانون من الناحية المهنية أو العلمية يشير باحتشام إلى أن يكون ضمن المساهمين صحافيون مهنيون.
وعلى ما أرى، فإن التخصص المهني في مجال النشاط السمعي البصري، يجب أن يكون الشرط الأساسي في الممارسة المهنية لمثل هذا النشاط الإعلامي، ولذلك فإن الناشر السمعي البصري والذي يعرفه مشروع القانون بأنه الشخص المعنوي الذي يعرض برامج سمعية بصرية ويتحمل مسؤولية النشر أو البث، يجب أن تتوفر فيه الشروط نفسها التي ينص عليها القانون العضوي المتعلق بالإعلام بالنسبة إلى المدراء أو مسؤولي النشر بالنسبة إلى الجرائد الورقية أو الصحافة المكتوبة، وخاصة ما يتصل بالمؤهلات العلمية والمهنية. ولذلك يجب أن يشترط في المدير مسؤول أية قناة إذاعية أو تلفزيونية أو أية خدمة للاتصال السمعي البصري أن يكون حائزا على شهادة جامعية وأن يتمتع بخبرة لا تقل عن عشر سنوات في مجال العمل الإعلامي السمعي البصري، وبالطبع يضاف إلى ذلك عدم الحكم عليه بعقوبة مخلة بالشرف والقيام بسلوك معاد للثورة الجزائرية.
وإذا ما كان وسائل الإعلام وخاصة السمعية والبصرية منها تقاس بأدائها الإعلامي، بحيث تصبح الخبرات الفنية والتجارب المهنية من الروافد الأساسية لترقية الأداء الإعلامي ، فإنه يجب إلزام القنوات التلفزيونية والإذاعية على أن يكون ثلث طاقمها التحريري من الصحفيين المحترفين الحاملين للبطاقة الوطنية للصحفي المحترف، مثلما ينص على ذلك القانون العضوي المتعلق بالإعلام بالنسبة إلى الصحافة المكتوبة. وإن كانت أحكام القانون العضوي تسري على خدمات الاتصال السمعي البصري، فيجب التنصيص على ذلك في القانون المتعلق بالنشاط السمعي البصري من أجل الزيادة في التأكيد، لأن الأمر على درجة كبيرة من الأهمية ومن الخطورة أيضا.
إن حرية المنافسة في النشاط السمعي البصري تتنافى مع كل أشكال الهيمنة والاحتكار والتمركز والتعسف، خاصة من قبل رجال المال والإعمال الذين قفزوا إلى الواجهة السياسية والإعلامية، ولذلك يجب تحديد نسبة الأسهم التي يمتلكها المساهمون في المؤسسات الإعلامية السمعية والبصرية. وإذا ما كانت الرخصة بإنشاء قناة تلفزيونية أو إذاعية تسلم إلى المستفيد والمعروف في النص التشريعي باسم الناشر السمعي البصري فيجب أن تسلم هذه الرخصة إلى المؤسسة أو إلى الشركة التي تقدم صاحب الطلب باسمها من أجل الحصول على الرخصة والتي هي غير قابلة للتنازل بأي شكل من الأشكال، وذلك حتى لا يتم التعسف والتذرع بالملكية الفكرية مثلما حدث في الجرائد الورقية وهي الحالة المستعصية التي عالجها القانون العضوي المتعلق بالإعلام، خاصة وأن الكثير من رخص إصدار النشريات أو الجرائد قد باعها أصحابها في سوق النخاسة الإعلامية.
وإذا ما كان القانون العضوي المتعلق بالإعلام يلزم المؤسسات الإعلامية بإضفاء الشفافية على مصادر تمويلها ومختلف مواردها المادية ، فالمؤكد أن الأمر يصبح من الخطورة ومن الأهمية بمكان بالنسبة إلى وسائل الإعلام السمعية والبصرية ومن هنا يجب عليها أن تبث سنويا حصيلة حساباتها مصدّقا عليها عن السنة الفارطة. وإذا امتنعت عن ذلك في الآجال القانونية المحددة يمكن لسلطة ضبط السمعي البصري أن تقرر الإجراءات المناسبة. وهذا ما لم يتطرق إليه مشروع القانون.
أود أن أختم مداخلتي في الأخير ببعض المتفرقات أو الملاحظات ذات الصلة بمشروع القانون المتعلق بالنشاط السمعي البصري ومن بين هذه الملاحظات أو المتفرقات:
لا يجب إقحام سلطة ضبط السمعي البصري في البرامج والحصص المتعلقة بالحملات الانتخابية، لأن ذلك من مهام وصلاحيات اللجنة الوطنية المستقلة المكلفة بمراقبة الانتخابات. ويجب التذكير أننا عندما كنا نناقش مشروع القانون العضوي المتعلق بالإعلام قد شطبنا ذلك من المهام التي ألحقت بسلطة ضبط الصحافة المكتوبة، لأن مجالها القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات.
إن وسائل الإعلام العمومية وخاصة الإذاعة والتلفزيون هي المعنية دون غيرها بالحملات الانتخابية للمرشحين، أما وسائل الإعلام السمعية البصرية الخاصة فهي غير معنية بالامتثال للقواعد والالتزامات الخاصة بإنتاج وبث الحصص المتعلقة بالحملات الانتخابية.
لا بد من التشديد والتأكيد على المسألة اللغوية وعدم التهاون فيها بالنسبة إلى وسائل الإعلام السمعية البصرية، ويظهر هذا التهاون في دفتر الشروط التي ينص مشروع القانون عليها وذلك عندما يستعمل عبارة: تفضيل استعمال اللغتين الوطنيتين، ذلك أن كلمة تفضيل تساعد على التمادي في الاستهانة بالمسألة اللغوية وخاصة العربية والأمازيغية لتحل محلهما اللغة الأجنبية أو الفرنسية.
وفي الختام، أقترح أن يلغى الباب السابع أو الباب الأخير والمتعلق بالأحكام الانتقالية والنهائية من مشروع القانون المتعلق بالنشاط السمعي البصري، وخاصة المادة التي تسند مهام وصلاحيات سلطة ضبط السمعي البصري في انتظار تنصيبها إلى الوزير المكلف بالاتصال. والسبب هو أن نسارع إلى تنصيب سلطة الضبط والسبب أيضا حتى لا يسود الانطباع بأن السلطة تفكر بعقلية احتكارية وانغلاقية وترفض الانفتاح وتريد إحكام قبضتها الإدارية على القطاع. إننا في حاجة إلى المزيد والمزيد من الحرية والحرية ولا شيء غير الحرية يجعلنا نشعر بالمسؤولية خاصة إذا ما كان الأمر يتعلق بالمسؤولية الإعلامية التي لا تتحقق إلا بالحرية والاستقلالية، تلك الاستقلالية التي تؤدي حتما إلى تحرير العمل الإعلامي سواء كان الأمر يتعلق بالصحافة المكتوبة أو بالصحافة المسموعة أو المرئية مما كانت طبيعة ملكيتها من خاصة أو عمومية، مادامت الغاية هي ضمان حق المواطن في الإعلام الذي تشكل حرية الصحافة قاعدته الأساسية.
إبراهيم قارعلي
تدخل أمام لجنة الثقافة والاتصال بالمجلس الشعبي الوطني بخصوص مشروع القانون المتعلق بالنشاط السمعي البصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.