يشكل مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي منذ تأسيسه سنة 2007 موعدا سنويا لتثمين الأعمال الابداعية العربية في مجال الفن السابع. فبالرغم من تغير التوقيت وتسمية المهرجان وحتى صفة الجوائز فإن مهرجان وهران للفيلم العربي ظل وفيا وبشكل حصري للعمل السينمائي العربي وإبداعاته وتطوراته وقضاياه. وتحول هذا الموعد السينمائي الذي سطع بريقه دوليا الى قبلة لألمع نجوم السينما العربية سواء من خلال المشاركة بأفلام مبرمجة للمنافسة في سلسلتي الأفلام الطويلة والقصيرة أو ضمن تشكيلات لجان التحكيم وغيرها. وتحت شعار "سينما عربية أكثر انفتاحا ونضجا" تمكن المهرجان في طبعته الأولى من حجز مكان له ضمن كبريات المهرجانات الدولية للفن السابع بعد أن استقطب في ميدانه التنافسي أحدث وأهم 20 فيلما عربيا ونجوم سينمائية كبيرة مثل المصري حسين فهمي الذي ترأس آنذاك لجنة التحكيم للأفلام الطويلة الى جانب اسبانيا في ركن "سينما الضيف". وفي الطبعة اللاحقة سعى المهرجان الى قطع المزيد من أشواط النضج وبالتالي التألق بعد أن استهدف الانتاج السينمائي لجميع دول الوطن العربي والانفتاح على العالم من خلال ركن سينما الضيف التي حظيت به فرنسا الى جانب تكريم نجوم سينمائية ساطعة مثل السورية منى واصف والمصري محمود عبد العزيز والجزائري أحمد راشدي علاوة على الاحتفاء بالمخرج العالمي الشهير مصطفى العقاد صاحب رائعة "الرسالة". وبدورها أهديت الطبعة الثالثة لكفاح ونضال الشعب الفلسطيني تحت شعار "القدس عاصمة أبدية للثقافة العربية" حيث حظيت فلسطين خلال هذه الدورة بركن سينما الضيف مما سمح للجمهور باكتشاف روائع ابداعاتها السينمائية المقاومة على غرار فيلم "عيد ميلاد ليلى" لمخرجه رشيد مشهراوي. وفي 2010 وخلال الطبعة الرابعة التي تغير توقيت انعقادها الى شهر ديسمبر خلافا للدورات السابقة التي كانت تقام خلال فترات متفاوتة من الصيف وذلك بسبب تأخر في تدابير التحضير للتظاهرة وكذا تغير المحافظ فقد تميزت ببروز وتألق مبدعين سينمائيين شباب أين عادت أهم جائزة للإنتاج الجزائري التونسي المشترك "النخيل الجريح" لابراهيم عبد اللطيف. وقد جاء هذا الانتاج الثنائي ثمرة فضاء الالتقاء والاحتكاك الذي أسسته الطبعة الثالثة من المهرجان. كما أن الدورة الرابعة عرفت تحول اسم أهم جوائز المهرجان من "الأهقار الذهبي" خلال الدورات الثلاث الأولى الى الجائزة الكبرى للفيلم الطويل ثم جائزة "الوهر الذهبي" انطلاقا من 2011. وخلال الطبعة الخامسة التي تزامن تنظيمها وتظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الاسلامية لسنة 2011 تم استحداث فئة الأفلام الوثائقية التي تم انتاج العديد منها في اطار هذه التظاهرة التي احتضنت عاصمة الزيانيين فعالياتها على مدار سنة كاملة. وكانت المناسبة أيضا لتنظيم ورشات للنقاش حول "الشباب العربي والنوادي السينمائية" "والأطفال والشريط المرسوم" ناهيك عن ندوتين نظمتا في نفس الاطار وهما "التكوين السينمائي وأهمية التبادل في هذا المجال" و"المنتدى العربي للسينما : راهن وأفاق". وتزامنا والاحتفال بالذكرى الخمسين لاسترجاع السيادة الوطنية تم خلال الطبعة السادسة من مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي استحداث ركن بانوراما الأفلام الثورية الذي سمح للجمهور بإعادة اكتشاف روائع هذا الصنف السينمائي الجزائري على غرار "بن بولعيد" لأحمد راشدي" و"وقائع سنين الجمر" لمحمد لخضر حامينة و"معركة الجزائر" لجيلو بونتيكورفو. وبرمج بالموازاة يوم دراسي حول "التاريخ والسينما وثورة التحرير المظفرة" بالتعاون مع مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية لوهران. كما كانت آخر دورة لهذا المهرجان مع نهاية سبتمبر 2013 حيث تم التأكيد والحرص على توسيع نطاق المشاركة العربية في المنافسة أو في الأركان الأخرى للمهرجان مع تشجيع التعاون والتبادل السينمائي وتدعيم الأعمال المشتركة. وقد تميزت كل الطبعات بالانفتاح على الجمهور ومشاركته في النقاشات والندوات الى جانب الانخراط الواسع للأكاديميين من مختلف جامعات الوطن. كما عرفت قاعات السينما بوهران بالمناسبة عمليات اعادة تأهيل وعصرنة قصد استقبال الدورات السنوية للمهرجان في أحسن الظروف مع برمجة انجاز قاعات سينمائية أخرى. يذكر أن الطبعة الثامنة من المهرجان التي تم تأجيلها خلال 2014 الى السنة الجارية بغرض اتاحة الوقت للتحضير الجيد للتظاهرة قد عادت مجددا الى توقيتها الأول أي شهر يونيو حيث ستفتتح سهرة 3 يونيو القادم لتتواصل فعالياتها الى غاية 12 من نفس الشهر.