يجتمع أعضاء التحالف الدولي ضد التنظيم الإرهابي الذي يطلق عليه "الدولة الإسلامية" (داعش) في سورياوالعراق يوم غد الثلاثاء بالعاصمة الفرنسية باريس لتقييم ما تم إنجازه حتى الآن ومدى نجاعة إستراتيجيته المتبعة في هذا الإطار في الوقت الذي يحقق فيه مسلحوا التنظيم تقدما كبيرا في المنطقة. ويهدف الاجتماع إلى مراجعة وتقييم عمليات قوات التحالف في العراقوسوريا تمهيدا لرسم استراتيجية جديدة تشمل سبل وضع حد للخسائر العسكرية التي سجلت مؤخرا. كما يسعى إلى بحث سبل تجنيد الإمكانات اللازمة للتصدي لهذا التنظيم الإرهابي ومنعه من بناء ملاذ دائم للإرهاب الدولي وكذا الحد من حملاته الدعائية وعمليات تجنيد المقاتلين الأجانب بواسطة الشبكة العنكبوتية بالاضافة إلى متابعة تفعيل سبل محاربة مصادر تمويل المنظمات الإرهابية. ويأتي الاجتماع كون أن الوضع الميداني أصبح يبعث على مزيد من القلق بعد سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على العديد من المناطق كان آخرها مدينة تدمر السورية و الرمادي وسط العراق مع تواصل المواجهات على مناطق استراتيجية في البلدين وهو ما طرح تساؤلات حول نجاعة التحالف الدولي في المنطقة. وتشير المعطيات الميدانية في كل من العراقوسوريا من تأزم الوضع حيث حققت داعش تقدما ملحوظا في الآونة الأخيرة بعدما بسط سيطرته على مدينة الرمادي مركز محافظة الانبار بالعراق بعد انسحاب القوات الأمنية العراقية منها. وفي رد فعل فوري تسعى القوات العراقية - بعد إنتقادات دولية لاذعة وجهت لها- إلى استعادة السيطرة على الرمادي حيث شنت هجوما من عدة محاور بالتنسيق مع قوات الحشد الشعبي. وتكمن الأهمية الإستراتيجية للأنبار في كونها تمتد على طول الحدود الغربية مع الأردن و سوريا وتعد معبرا قريبا إلى بغداد حيث أنها لا تبعد سوى ب100 كلم على العاصمة العراقية و يمكن لعناصر التنظيم الوصول إلى بغداد عبر الأنبار. أما في سوريا فقد سيطر التنظيم الإرهابي الأسبوع الماضي على مدينة تدمرالأثرية بريف حمص الشرقي وسط سوريا واعدم مئات المدنيين أغلبهم من الأطفال وموظفي الدولة في حين تنتشر مئات الجثث في شوارع المدينة. وتشير التقارير إلى تقدم عناصر التنظيم في مناطق مدينة حلب الحدودية مع تركيا حيث لا يفصله عن إحدى المدن التركية سوى بضع كيلومترات. وفي غضون ذلك تشتد جبهات القتال في المناطق الإستراتيجية على غرار مدينة دير الزور السورية والتي تعد مركز الجهة الشرقية للبلاد و تتميز بثرائها النفطي. وفي حالة سقوط دير الزور في يد تنظيم داعش الإرهابي فإن النظام السوري سيخسر بذلك كامل الجهة الشرقية للبلاد وهو ما سيضيق من الخناق عليه خاصة وأنه فقد السيطرة على حوالي 75 بالمئة من مساحة البلاد حسب تقارير إعلامية. -- دعم الحكومة العراقية على رأس أجندة الاجتماع -- وسيعمل الاجتماع على تشجيع ودعم مبادرات رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي لجمع كافة الفرقاء السياسيين وضم مختلف الأطياف من خلال انتهاج سياسة جامعة شاملة لا تستثني ولا تستبعد أيا من القوى الفاعلة في البلاد وبالتالي توسيع القاعدة السياسية للحكومة. وحسب المحليين فإن هذا الإجراء يعني عمليا الإنفتاح على "السنة" وإشراكهم الفعلي في عملية استعادة السلطة الكاملة على الأراضي العراقية وترميم الوحدة المفقودة بين مكونات المجتمع العراقي كونها تشكل شرطا أساسيا لقيام "عراق مستقر وآمن". وكشف المتحدث باسم الحكومة الفرنسية ستيفان لوفول أن الاجتماع سيكون فرصة لفرنسا كي تعرب عن موقفا حول الوضع في العراق وتدعو السلطات هناك إلى انتهاج سياسة جامعة للأطياف السياسية في البلاد. وكان وزير الشؤون الخارجية والتنمية الدولية الفرنسي لوران فابيوس قد أكد أمام الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) مؤخرا على ضرورة تعزيز التعبئة الدولية بأقصى سرعة بالنسبة لسورياوالعراق وإلا "سيتجه المجتمع الدولي نحو تقسيم أحد البلدين أو كلاهما وستكون هناك المزيد من المذابح وعواقب مأساوية". واعتبر فابيوس أن المعركة التي لا مفر منها ضد داعش ستكون طويلة الأمد خصوصا وأن التنظيم الإرهابي قد حقق تقدما كبيرا في سورياوالعراق في الأشهر الأخيرة. ومن جهته أكد البيت الأبيض الأمريكي على ضرورة إعادة النظر في الاستراتيجية العسكرية التي اعتمدتها الولاياتالمتحدة لمحاربة التنظيم وتكييفها مع السياق الحالي. وحسب الخارجية الأمريكية فإن الوفد الأمريكي سيبحث خلال الاجتماع التقدم الذي تم إحرازه في الجهود المشتركة الرامية إلى دحر ومكافحة داعش في العراقسوريا وسيجدد التأكيد على دعم الولاياتالمتحدة لرئيس الوزراء العراقي وللحملة التي تقودها حكومة بغداد ضد الجماعة المتطرفة. وكان مقررا أن يرأس وزير الخارجية الأمريكي جون كيري وفد بلاده في الاجتماع إلا أن تعرضه لحاد سير أمس الأحد بسويسرا حال دون ذلك بسبب اضطراره للعودة إلى الولاياتالمتحدة لتلقي العلاج. وكان الرئيس الأمريكي قد أكد قبل أسبوع أن بلاده "لم تخسر الحرب ضد داعش في العراقوسوريا على الرغم من الانتكاسة التكتيكية" في الرمادي (غرب العراق) مشددا على "الحاجة الملحة لتعزيز برنامج تدريب المسلحين السنة وتعبئة القبائل لمواجهة تنامي قوة هذه الجماعة المتطرفة". ويذكر أن التحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدةالأمريكية والذي يضم دولا غربية وعددا من دولي الخليج العربي (السعودية والامارات العربية المتحدة والبحرين وقطر) والأردن قد بدأ ضرباته ضد أهداف داعش في العراق في شهر أغسطس من العام الماضي لينفذ بعدها ضربات ضد معاقل التنظيم في سوريا بداية من ال23 سبتمر الماضي خاصة على مستوى المنشآت النفطية بهدف تجفيف أحد أهم مصادر تمويل الجماعة المسلحة. وتحوم الشكوك حول مدى نجاح هذه الضربات على أرض الواقع حيث يرى بعض المحللين أنها زادت الوضع تعقيدا وتأزما.