قبيل أسبوع من الاجتماع الدولي حول سورياوالعراقبباريس أصبح الوضع الميداني يبعث على مزيد من القلق، خاصّة مع سيطرة التنظيمات الإرهابية على العديد من المناطق كان آخرها مدينة تدمر السورية والرمادي وسط العراق مع تواصل المواجهات على مناطق استراتيجية في البلدين، وهو ما يطرح تساؤلات حول نجاعة التحالف الدولي في المنطقة. تزيد المعطيات الميدانية في كل من العراقوسوريا من تأزّم الوضع، حيث حقّقت التنظيمات المتطرّفة تقدّما ملحوظا في الآونة الأخيرة بعدما بسط تنظيم (داعش) الإرهابي سيطرته على مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار بالعراق بعد انسحاب القوّات الأمنية العراقية منها. وفي ردّ فعل فوري تسعى القوّات العراقية بعد انتقادات دولية لاذعة وجّهت لها إلى استعادة السيطرة على الرمادي، حيث شنّت هجوما من عدّة محاور بالتنسيق مع قوّات الحشد الشعبي. وتكمن الأهمّية الاستراتيجية للأنبار في كونها تمتدّ على طول الحدود الغربية مع الأردنوسوريا وتعدّ معبرا قريبا إلى بغداد، حيث أنها لا تبعد سوى ب 100 كلم عن العاصمة العراقية، ويمكن لعناصر التنظيم الوصول إلى بغداد عبر الأنبار. أمّا في سوريا فقد سيطر التنظيم الإرهابي الأسبوع الماضي على مدينة تدمر الأثرية بريف حمص الشرقي وسط سوريا وإعدام ذبحا حوالي 400 مدني أغلبهم من الأطفال وموظّفي الدولة، في حين تنتشر مئات الجثث في شوارع المدينة. في غضون ذلك، تشتدّ جبهات القتال في المناطق الاستراتيجية على غرار مدينة دير الزور السورية، والتي تعدّ مركز الجهة الشرقية للبلاد وتتميّز بثرائها النفطي. وفي حال سقوط دير الزور في يد تنظيم (داعش) الإرهابي فإن النظام السوري سيخسر بذلك كامل الجهة الشرقية للبلاد، وهو ما سيضيّق الخناق عليه، خاصّة وأنه فقد السيطرة على حوالي 75 بالمائة من مساحة البلاد، حسب تقارير إعلامية. * قلق دولي يثير هذا الوضع الأمني الهشّ ردود فعل قلقة من طرف الدول الغربية، خاصّة وأن الولايات المتّحدة أنفقت أكثر من 40 مليار دولار على تدريب الجيش العراقي دون أن يكون لذلك نتائج إيجابية على الميدان. ورأى الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن سقوط الرمادي يعدّ (نكسة تكتيكية)، إلاّ أن وسائل إعلام أمريكية وصفت ذلك (بالكارثة الحقيقية)، محذّرة من فشل الاستراتيجية الامريكية في العراق. وبنفس المستوى من القلق حذّرت فرنسا على لسان وزير خارجيتها لوران فابيوس من تقسيم سورياوالعراق وارتكاب مجازر جديدة إذا استمرّ الوضع الراهن، داعيا إلى التعبئة الدولية بأقصى سرعة ممكنة لتجاوز هذا الوضع. كما أعرب وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتيلوني عن قلق بلاده من تقدّم (داعش)، قائلا إن (إيطاليا لا تشعر بالقلق إزاء ما يحدث في سوريا فحسب، بل أيضا من الوضع في العراق، والذي ربما يعدّ أكثر خطورة). من جانبه، اعتبر مجلس التعاون الخليجي ان الضربات الجوية للتحالف الدولي ضد تنظيم (داعش) لم تفشل لكنها (لا تكفي)، داعيا بدوره إلى مزيد من التنسيق من أجل فعالية أكثر. * اجتماعات طارئة تدفع هذه التطورات الأمنية (الخطيرة) كلّ المعنيين بالوضع في المنطقة إلى المشاركة في اجتماع باريس المنتظر في 2 جوان المقبل، حيث من المرتقب أن يعرف مشاركة 24 طرفا من دول ومنظّمات إقليمية ودولية. وسيبحث الاجتماع استراتيجية جديدة للتحالف الدولي في المنطقة ووضع معالم رسم استراتيجية جديدة تشمل شقّا أمنيا عسكريا وآخر سياسيا، فضلا عن الحدّ من الحملات الدعائية ل (داعش) وعمليات تجنيد المقاتلين الأجانب. ويأتي هذا الاجتماع بالتوازي مع تحرّكات أمريكية-تركية ساعية إلى تدريب المعارضة السورية التي تصنفها بأنها (معتدلة)، حيث أكّد وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو أن بلاده والولايات المتّحدة بدأتا عمليات تدريب (المعارضة المعتدلة) تمهيدا لانخراطهم في القتال ضد تنظيم (داعش). وبدأ برنامج التسليح وتدريب المعارضة السورية على الأراضي التركية (مع مجموعات صغيرة)، حسب الوزير التركي الذي أوضح أن عملية اختيار المقاتلين (تمت بشكل مشترك بين واشنطن وأنقرة). واتّفقت واشنطن وأنقرة في فيفري الماضي على تدريب وتسليح أكثر من 15 ألفا من مقاتلي ما يسمّى ب (المعارضة المعتدلة) في سوريا. وكانت الولايات المتّحدة قد بدأت في وقت سابق من شهر ماي الجاري تدريب مقاتلين سوريين في الأردن ضمن برنامج سيشمل كلاّ من تركيا والسعودية وقطر.