جاءت حادثة استشهاد الرضيع الفلسطيني علي سعيد دوابشة حرقا لتشكل إضافة جديدة إلى السجل الحافل من الانتهاكات والجرائم الشنيعة التي يرتكبها وعلى مدى عقود من الزمن المستوطنون المتطرفون بحق الفلسطينيين العزل، الأمر الذي أثار استنكارا واسعا من الجزائر والمجتمع الدولي قاطبة. وشهدت الفترة الأخيرة، تصعيدا كبيرا في الاعتداءات المتواصلة للمستوطنين المتطرفين في كل من الضفة الغربية والقدس المحتلة، وأخذت الكثير من تلك الاعتداءات "طابعا عدائيا وحشيا"، كما جرى من قبل مع الطفل الفلسطيني محمد أبو خضير الذي خطف وعذب وأحرق على أيدي متطرفين سنة 2014 . وشكل إقدام مستوطنين متطرفين فجر أمس الجمعة على إضرام النار في منزل عائلة الدوابشة بقرية دوما والذي تسبب في إستشهاد الرضيع، علي سعد الدوابشة، الذي لم يتجاوز 18 شهرا حرقا فيما أصيب ثلاثة من أفراد عائلته بجروح متفاوتة الخطورة، "إعتداء جديد" يضاف إلى السجل الإسرائيلي الحافل بالجرائم ويشوه من جديد تاريخ هؤلاء المعتدين الملطخ بدماء الفلسطينيين. تاريخ أسود لاعتداءات المستوطنين المتطرفين أكدت العديد من المنظمات الحقوقية أن تاريخ جرائم المستوطنين يضم إلى جانب "جرائم القتل" انتهاكات فظيعة أخرى تشمل حرق المنازل ودور العبادة وتدمير وإحراق أشجار الزيتون والمحاصيل في مزارع وأراضي الفلسطينيين، وهي جرائم تمارسها عصابات "دفع الثمن" وغيرها من المنظمات الاستيطانية المتطرفة، فيما تصر الحكومة الإسرائيلية على التعامل مع هذه المنظمات باعتبارها اتحادات غير قانونية وليست منظمات إرهابية. كما أن القانون الدولي يلزم سلطات الاحتلال في أي مكان من العالم بتوفير الحماية للمدنيين الذين يقيمون في الأراضي المحتلة، لكن الوقائع في الأراضي الفلسطينية تشير إلى عكس ذلك. وتشير الإحصائيات إلى أن 93 بالمائة من جرائم المستوطنين والجيش الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني تغلق دون حتى فتح ملفات جنائية وتحقيقات معمقة وتسجل الاعتداءات ضد مجهول، وفقا لنشطاء حقوقيين. وتؤكد المعطيات أن الشرطة الإسرائيلية "لا تبذل جهودا" للعثور على المعتدين ومحاسبتهم وتقديمهم للمحاكمة، وهي بذلك توفر لهم "غطاء" وتشجعهم على المضي بشن الاعتداءات على الفلسطينيين. وقد تمادت عصابات "دفع الثمن" الاستيطانية باستهداف المقدسات الدينية، ونفذت خلال العامين الأخيرين نحو 700 جريمة على جانبي الخط الأخضر. ويحوي سجل المستوطنين بالعديد من الجرائم أبرزها مذبحة الحرم الإبراهيمي في عام 1994، بقيادة باروخ غولدشتاين في مدينة الخليل حيث أطلق النار على المصلين في المسجد الإبراهيمي أثناء أدائهم الصلاة وقتل 29 مصليا وجرح 150 آخرين قبل أن ينقض عليه مصلون آخرون ويقتلوه. الجزائر تدعو لضرورة توفير الحماية للفلسطينيين كان وقع الجريمة الشنيعة التي ارتكبت "ببرودة دم" في حق العائلة الفلسطينية "شديدا" على الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي ككل الذي استنكر أشد استنكار لمثل هذه الأفعال التي لا تمت للإنسانية بأية صلة. و كانت الجزائر من بين الدول المستنكرة لهذه الجريمة التي وصفتها ب"الشنعاء" داعية المجتمع الدولي للتحرك العاجل لتوفير الحماية للشعب الفلسطيني ووضع حد لهذه الجرائم. وأكدت الجزائر أن "هذا الاعتداء المروع" يأتي في سياق سلسلة الانتهاكات و الاعتداءات المتكررة و الممنهجة التي يتعرض لها يوميا الشعب الفلسطيني الأعزل في الأراضي الفلسطينية المحتلة مجددة دعوتها "للتحرك العاجل لتوفير الحماية الكاملة للشعب الفلسطيني ولوضع حد لهذه الجرائم". أما الأممالمتحدة فقد أدانت على لسان أمينها العام، بان كي مون، ب"أشد العبارات" الحادثة ودعت من جهتها لتقديم مرتكبي هذا "العمل الإرهابي" للعدالة. وأكدت الأممالمتحدة أن "الفشل المستمر في التعامل مع أعمال العنف من جانب المستوطنين تسبب في حادث كارثي آخر راحت ضحيته حياة طفل رضيع بريء"، مشددة على ضرورة "اتخاذ خطوات للعودة إلى طريق السلام". وإعتربت، بدورها، الولاياتالمتحدةالأمريكية هذه الجريمة بأنها "عمل إرهابي بكل ما في الكلمة من معنى"، وحثت كافة الأطراف على ضبط النفس وتجنب تصاعد التوتر في أعقاب الحادث المأساوي. كما دعا الإتحاد الأوروبي إلى التعامل "بحزم وجدية وعدم التساهل مع الجرائم" التي يقترفها الإسرائيليون في الأراضي المحتلة ضد الأهالي الفلسطينيين. وحملت الرئاسة الفلسطينية إسرائيل المسؤولية عن الحادث، حيث أوضح الناطق الرسمي باسمها، نبيل أبو ردينة، انه "لم يكن لهذا الحادث ان يحدث إذا توقفت الحكومة الإسرائيلية عن الاستمرار في الاستيطان وحماية المستوطنين" . ورفضت الخارجية الفلسطينية قبول أية إدانة رسمية إسرائيلية لهذه العملية الإرهابية. مؤكدة أن المسؤولين الإسرائيليين يتحملون المسؤولية المباشرة عن تلك العملية الإرهابية بسكوتهم المتواصل وبتجاهلهم المتعمد وبرفضهم اعتبار تلك المجموعات مجموعات إرهابية خارجة عن القانون وبحمايتهم لها عند الاعتداء وبعده". وأكدت بدورها الأردن أن هذه الجريمة البشعة "ما كانت لتحدث لولا إصرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي على إنكار حقوق الشعب الفلسطيني وتغاضيها عن تحقيق الأمن والسلام في المنطقة".