يتجه المشهد السياسي في بوركينا فاسو الى المجهول على خلفية ثان انقلاب عسكري في اقل من عام و الذي اطاح بحكومة الرئيس ميشال كافاندو الانتقالية وسط مساعي اقليمة و دولية لاحتواء الوضع ودعوات لقادة الانقلاب من اجل تسليم السلطة و احترام المسار الديمقراطي. وكان قد اوكل لحكومة ميشال كافاندو الانتقالية و الذي تم اطلاق سرحه اليوم و وضعه تحت الاقامة الجبرية حسبما اعلنه التلفزيون البوركينابي مهمة تنظيم انتخابات رئاسية في 11 أكتوبر القادم التي كان يعلق عليها البوركينابيون امالا كبرى في تعزيز المسار الديمقراطي في البلاد بعد 27 عاما من حكم الرئيس المخلوع بليز كومباوري. - انقلاب يقلب الموازين و يعرقل المسار الانتخابي في الوقت الذي كانت بوركينافاسو تستعد فيه لاحتضان الاستحقاقات الانتخابية دعما لمسارها الديمقراطي الشهر المقبل جاء الانقلاب العسكري ليقلب كل الحسابات و يهز إحداثيات الوضع السياسي "الهش" و ينهي حكومة كافاندو "الفتية" التي لم يمر عليها عاما واحدا. و يرى المرقبون للشان البوركينابي بان هذا التغيير في المؤسسات العليا للبلاد ياتي"احتجاجا" على إقصاء رموز النظام السابق من المشاركة في العملية الانتخابية المرتقبة و"قلبا" لمعادلة سياسية يرمي "فوج الأمن الرئاسي" إلى توسيعها لتشمل أنصار الرئيس المخلوع كمباوري. البداية كانت مع اعتماد قانون انتخابي جديد في7 أبريل الماضي من قبل المجلس التأسيسي البوركينابي (البرلمان) يقضي بحظر مشاركة رموز نظام في الحياة السياسية أي منع ترشحهم للانتخابات العامة. وتنديدا بالقانون الجديد تقدمت 7 أحزاب سياسية من بينها "المؤتمر من أجل الديمقراطية والتقدم"حزب كمباوري بشكوى إلى محكمة العدل ل"المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا" معتبرة أن القانون المعتمد فيه انتهاك لحقوقهم. ولم تتاخر هذه الاخيرة في دعم مطالب الأحزاب الموالية للنظام القديم وقضت ببطلان القانون الجديد بدعوى أن فيه "انتهاكا لحرية المشاركة في الانتخابات" وطلبت ب"إزالة العوائق التي تحول دون المشاركة في الانتخابات. مساعي اقليمية و دولية لاحتواء الوضع و التنديدات متواصلة يبدو ان الاعلان قادة الانقلاب عن الافراج عن الرئيس المؤقت ميشال كافاندو لم يوقف التنديدات الدولية ازاء الانقلاب العسكري و لا الجهود الرامية الى احتواء الوضع المتفجر في بوركينافاسو. ومن المقرر أن يزور الرئيس السنغالي ماكي سال الرئيس الحالي للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا و رئيس البنين بوني يايي اليوم بوركينا فاسو للتشاور مع السلطات في هذا البلد في محاولة لايجاء مخرج للازمة السياسية. و كان ممثل الاممالمتحدة في غرب أفريقيا محمد بن شمباس قد اجتمع امس مع زعيم الانقلابيين الجنرال جيلبير ديانديريه ضمن مساعي جهود الوساطة التي تقوم بها المنظمة الاممية. الشارع البوركينابي يرفض الانقلاب في واغادوغو بالرغم من عودة الهدوء نسبيا أطلقت قوات الامن النار فى الهواء لتفريق محتجين تجمعوا اليوم الجمعة وأحرقوا اطارات سيارات وسدوا الشوارع احتجاجا على انقلاب عسكري و الذي قالوا انه "يعرقل عملية الانتقال الديمقراطى". وطالب المحتجون بعودة المسار الانتقالي و اجراء الانتخابات فى موعدها المقرر يوم 11 أكتوبر القادم. و نشر جنود من "قوات النخبة" عرباتهم المصفحة أمام القصر الرئاسي. ولم يترددوا في إطلاق النار لتفريق متظاهرين معارضين للانقلاب. وكانت الطرقات في العاصمة شبه خالية اقفل السوق الكبير و اغلب المحلات والإدارات. و في بوبو-ديولاسو ثاني مدن البلاد (غرب) بقيت غالبية المحلات مغلقة حيث نزل عدد كبير من السكان إلى الشارع بدعوة من النقابات التي دعت إلى الاضراب وأضرمت النار في منزل أحد أعضاء "المجلس الوطني للديمقراطية". و قال شهود من السكان واغادوغو ان "الوضع غير مستقر. العسكريون منتشرون في كل انحاء المدينة. إنهم يطلقون النار لاخافة الناس. يحاولون منع اي شكل من اشكال التظاهر من اجل ان يتسلم الجنرال جيلبير دينديري مقالد الحكم". و في ظل استمرار الوضع المتازم في بوركينافاسو ادانت الجزائر امس الخميس ب"شدة" الانقلاب العسكري داعية إلى إطلاق "فوري و لامشروط" لسراح المسؤولين عن المرحلة الانتقالية. و أوضح بيان لوزارة الخارجية أن "الوقف العنيف و غير الشرعي لمسار الانتقال السياسي الجاري قبل أيام قليلة من تنظيم الانتخابات التي من شانها تكريس العودة للنظام الدستوري في هذا البلد يعد عملا غير مقبول من شانه الإضرار بفرص إيجاد مخرج سريع للازمة السياسية التي تمر بها بوركينا فاسو". و جدد أعضاء مجلس الأمن ال15 بالإجماع في بيان مطالبتهم لأعضاء الانقلابيين ب"إعادة النظام الدستوري وتسليم السلطة إلى السلطات المدنية بدون تأخير" وأن يحترموا الجدول الزمني للعملية الانتقالية "خصوصا إجراء انتخابات حرة ونزيهة وذات صدقية" مقررة في 11 أكتوبر القادم. و اعرب البيت الابيض عن قلقه "البالغ" ازاء الانقلاب العسكري في بوركينا فاسو حيث قال جوش ايرنست المتحدث باسم البيت الابيض ان ادارة اوباما "تدين بقوة أى محاولات خارج اطار الدستور لتولى السلطة فى البلاد"داعيا الى انهاء العنف فورا. من جهته شجب وزير الشؤون الأفريقية بوزارة الخارجية البريطانية غرانت شابز العنف في بوركينا فاسو معربا عن قلق بلاده "العميق" بخصوص الوضع السائد داعيا إلى الكف عن التصعيد و اجراء الانتخابات العامة في موعدها المقرر. و أدان الاتحاد البرلماني الدولي الإطاحة بالحكومة الانتقالية في بوركينافاسو وعرقلة عملية الانتقال الديموقراطي وطالب باستئناف "سريع وسلمي"للعملية الديمقراطية التي ينبغي أن تختتم مع الانتخابات الرئاسية والتشريعية الحرة والنزيهة الشهر المقبل. وأعرب الأمين العام للمنظمة إياد بن أمين مدني عن انشغاله "الشديد" إزاء الانقلاب الذي يأتي في غضون أقل من شهر واحد على موعد الانتخابات العامة المقرر إجراؤها لتسليم السلطة لحكومة منتخبة" مشيرا إلى أن أولئك الذين يقفون وراء هذا المنزلق الذي يهدد بجر البلاد إلى أزمة سياسية حادة يتحملون مسؤولية فعلتهم.