أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال جولته في المنطقة التي اختتمها اليوم الاثنين من الجزائر، على ضرورة العمل من أجل إعادة بعث المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليزاريو، من أجل إيجاد تسوية للنزاع في الصحراء الغربية الذي طال أمده، تمكن الشعب الصحراوي من تحقيق مصيره. فمن الجزائر، أعلن الأمين العام الأممي عن استئناف مبعوثه الشخصي للصحراء الغربية كريستوفر روس، لجولاته السياسية عن قريب من أجل تهيئة الأجواء لإعادة بعث هذه المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليزاريو. وأكد بالمناسبة استعداد بعثة الأممالمتحدة المكلفة بتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) لتنظيم هذا الاستفتاء، في حال التوصل إلى اتفاق بين طرفي النزاع. ومن جهتها، أكدت الجزائر على لسان وزيرها الأول عبد المالك سلال دعمها لجهود الأمين العام ومبعوثه الخاص من أجل التوصل إلى تسوية لهذه المسالة والسماح للشعب الصحراوي بممارسة حقه الثابت في تقرير المصير طبقا للقانون الدولي ولوائح الأممالمتحدة ذات الصلة. كما جدد بالمناسبة، وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي رمطان لعمامرة، تأكيد الجزائر على ضرورة استكمال مسار تصفية الإستعمار بالصحراء الغربية المحتلة من خلال بعثة الأممالمتحدة من أجل تنظيم استفتاء بالصحراء الغربية (مينورسو)، مشددا على ضرورة أن يكون هذا الاستفتاء "نزيها" و"شفافا" وأن ينظم في "ظروف ملائمة" بالنسبة للشعب الصحراوي والمجموعة الدولية. بان كي مون يقف على الوضع المأساوي للاجئين الصحراوين في المخيمات وخلال جولته التي قادته أيضا إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين، وقف الأمين العام الأممي على الوضع المأساوي للشعب الصحراوي الذي طالت معاناته في ظل تعنت المحتل وإصراره على اغتصاب أرضه، ووصفها ب"المأساة الإنسانية". وفي هذا الصدد شدد بان كي مون على أنه لا يمكن للعالم يستمر في إهمال الشعب الصحراوي الذي يتمنى دعم المنطقة ومنظمة الأممالمتحدة والمجتمع الدولي مؤكدا على ضرورة التحرك لتمكينه من حقه المشروع في تقرير المصير. وأمام هذه "المأساة الإنسانية" أعلن عن دعوته قريبا إلى تنظيم اجتماع للدول المانحة من أجل جمع أموال تمكن من الاستجابة لاحتياجات اللاجئين الصحراويين. وأوضح أن زيارته لمخيمات اللاجئين الصحراويين جاءت بهدف الوقوف شخصيا على "إحدى المآسي المنسية من قبل المجتمع الدولي" في أقدم المخيمات في العالم، حيث لمس نوعا من الإحباط وفقدان الثقة لدى الشعب الصحراوي الذي تحتل أرضه ووطنه. يذكر أن الأمين العام للأمم المتحدة قد بحث خلال زيارته لمخيمات اللاجئين الصحراويين (الشهيد الحافظ والسمارة) مع الرئيس الصحراوي والأمين العام لجبهة البوليساريو، محمد عبد العزيز، وأعضاء الحكومة الصحراوية سبل إعادة بعث المفاوضات من أجل إيجاد حل عادل للقضية الصحراوية. كما أجرى زيارة لمقر بعثة الأممالمتحدة المكلفة بتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) - ببلدة بئر لحلو بالأراضي الصحراوية المحررة حيث اطلع على ظروف عملها. وكان بان كي مون قد استهل زيارته للمنطقة من العاصمة الموريتانية نواكشط نظرا للروابط الكثيرة التي تجمع الشعبين الصحراوي والموريتاني خاصة الاجتماعية منها، حيث التقى مع الرئيس الموريتاني السيد محمد ولد عبد العزيز، وشكر له دعم بلاده لمبعوثه الشخصي كريستوفر وس "وموقفها الحيادي الإيجابي" الذي تنتهجه إزاء النزاع في الصحراء. الصحراويون يعلقون آمالا كبيرة على زيارة بان كي مون يعلق الشعب الصحراوي كافة آماله على الزيارة التاريخية التي أجراها الأمين العام للأمم المتحدة إلى المنطقة،لا سيما فيما يتعلق ببعث مسار المحادثات مجددا من أجل تسوية وضعيتهم ومنحهم حقهم المشروع في تقرير المصير. وتعد هذه الزيارة الأولى لمسؤول أممي من هذا المستوى إلى الأراضي الصحراوية المحررة و رابع زيارة لأمين عام أممي إلى مخيمات اللاجئين بعد تلك التي قام بها كل من بيريز دي كويلار و بطرس بطرس غالي وكوفي عنان خلال ولايتهم على رأس المنظمة الأممية. ويرى ممثل جبهة البوليزاريو لدى الأممالمتحدة، أحمد بخاري، أن هذه الزيارة ستعيد القضية الصحراوية إلى الواجهة على مستوى مجلس الأمن الدولي، وستدفع إهتمام المجلس للتعاون مع القضية الصحراوية بعد 40 سنة من الاحتلال المغربي وعرقلة النظام المغربي لاتفاق 1991 القاضي بتنظيم استفتاء حر ونزيه يسمح للشعب الصحراوي بتقرير مصيره. وأكد بخاري أن هذه الزيارة تشكل "عنصرا جديدا" في الجهود الأممية لتسوية النزاع حول الصحراء الغربية، حيث سيكون لها تأثير على مجلس الأمن من خلال التقرير الذي سيقدمه شهر أبريل المقبل. وبدوره أوضح المنسق الصحراوي لدى المينورسو أمحمد خداد، أن الصحراويين يأملون في أن يتم بعث المفاوضات من أجل تسوية النزاع بالصحراء الغربية المحتلة قبل نهاية عهدة بان كي مون على رأس منظمة الأممالمتحدة. وأكد أن الطرف الصحراوي يبقى مصرا على دعم الجهود الأممية الرامية إلى تسوية النزاع بالصحراء الغربية آملا في أن تشكل هذه الزيارة "منعرجا إيجابيا" للقضية الصحراوية. يذكر أن زيارة بان كي مون تزامنت مع الذكرى ال40 لإعلان ميلاد الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية (27 فبراير 1976) وتشكيل أول حكومة صحراوية (5 مارس 1976). وتعد الصحراء الغربية آخر مستعمرة في إفريقيا يحتلها المغرب منذ 1975، وقد أدرجت الصحراء الغربية منذ 1966 في قائمة الأراضي غير المستقلة وبالتالي فهي معنية بتطبيق اللائحة 1514 للجمعية العامة للأمم المتحدة المتضمنة الإعلان عن منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة.