يعكف خبراء و ممثلوا الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي على دراسة مشروع قرار تقدمت به واشنطن يشدد على "الضرورة الملحة" لإستئناف بعثة "المينوروسو" الأممية لمهامها بشكل كامل في الأراضي الصحراوية المحتلة، وهو المشروع الذي تعمل فرنسا على تمييعه من خلال تجريده من طابعه الإستعجالي الذي تفرضه المعطيات الميدانية و سياسة التعنت المغربية. فبعد أن قدمت الولاياتالمتحدةالأمريكية مشروع هذا القرار على مستوى مجلس الأمن الدولي، تم تعديل نص المشروع خلال مناقشة أولية للمسودة في جلسة مغلقة لأعضاء المجلس، بشكل أقل صرامة تجاه المغرب وهو ما أثار حفيظة أغلب أعضاء مجلس الأمن. ومنح مشروع القرار مهلة 60 يوما أمام الأمين العام للأمم المتحدة لإعادة تمكين بعثة المينورسو الأممية من آداء مهامها بشكل كامل في الأراضي الصحراوية المحتلة و إعلام أعضاء المجلس بمدى تجسيد ذلك على أرض الواقع. وإذا لم يتحقق أي تقدم في هذا السياق سيتحتم على مجلس الأمن اتخاذ إجراءات أخرى من أجل تمديد عهدة هذه البعثة، حسب الوثيقة المدعمة لالتزام الامين العام الاممي و مبعوثه الشخصي من أجل التوصل إلى حل للنزاع في الصحراء الغربية. كما دعت الولاياتالمتحدة جبهة البوليساريو و المغرب لاستئناف المفاوضات بنية حسنة و دون شروط مسبقة. ويشير مشروع اللائحة الأمريكية إلى أن طرد المكون المدني للمينورسو قد "أضر كثيرا" بقدرات هذه البعثة التي "لم تعد قادرة" على اداء مهمتها كما كلفها بها مجلس الأمن. وكانت بعثة الأممالمتحدة لتنظيم الإستفتاء في الصحراء الغربية قد تم نشرها في المنطقة سنة 1991 بقرار من مجلس الأمن الدولي إستنادا إلى إتفاق وقف إطلاق النار بين المغرب و جبهة البوليساريو و أوكلت إليها مهام التحضير لتنظيم إستفتاء حول تقرير مصير الشعب الصحراوي. حملة فرنسية شرسة لعرقلة المبادرة الأمريكية إلا أن هذه المبادرة الأمريكية المدعومة أيضا من بريطانيا و روسيا، العضوين الدائمين في مجلس الأمن الدولي، تواجه حملة فرنسية شرسة تسعى للتمييعها و تجريدها من الطابع الإستعجالي الذي جاءت عليه. فبعد أن نص مشروع القرار على مهلة 60 يوم أمام الأمين العام الأممي لإعادة تفعيل نشاط بعثة المينوروسو في الأراضي الصحراوية المحتلة، تم تمديد هذه المهلة بتدخل من فرنسا، لتصبح 120 يوما لربح المزيد من الوقت ومواصلة مسار تعطيل الجهود الأممية في هذا السياق. كما تمت إضافة فقرة تتضمن "بحث أفضل الطرق" لإستئناف بعثة المينورسو لنشاطها في حين شدد النص الأصلى على "إجراءات فورية" من طرف مجلس الأمن في حال عدم تنفيذ هذا القرار الذي سيتم التصويت عليه اليوم الخميس أو غدا الجمعة. وأكد ممثل جبهة بوليزاريو في الأممالمتحدة، أحمد بوخاري، أن "فرنسا تقوم بعمل جد شرس لعرقلة المبادرة الأمريكية" محملا باريس"كل مسؤوليتها حول عودة محتملة للحرب بالصحراء الغربية سيما من خلال دعمها الأعمى لسياسة المغرب" الإحتلالية. إلا أن المسؤول الصحراوي أعرب عن ثقته في أغلبية أعضاء مجلس الأمن ل"تفادي الأسوأ بالمنطقة و اقناع فرنسا بالعدول عن موقفها". ضرورة التأكد من قدرة بعثة المينورسو على تنفيذ مهامها وأمام هذا الوضع، طلبت كل من روسيا و فنزويلا و الأوروغواي و أنغولا خلال الجلسة المغلقة التي تم خلالها تعديل نص المشروع، إستشارة عواصمها حول النص المعدل الذي تحاول من خلاله فرنسا تعطيل الجهود الأممية للحفاظ على الإستقرار في المنطقة أكثر فأكثر. ورفض ممثلوا الدول المذكورة الإلتزام بالمشروع في صيغته الجديدة، في حين تتواصل المشاورات حول الوثيقة على مستوى الخبراء و ممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وعليه فإنه من الممكن أن تتأخر عملية التصويت على المشروع إلى يوم غد الجمعة، بعدما كانت مقررة اليوم الخميس. وبهذا الخصوص، قال مندوب روسيا الدائم بمجلس الأمن الدولي، فيتالي تشوركين، أن المناقشات حول هذا النص "لن تكون سهلة". من جانبهم، أكد أعضاء في المجلس الدولي وخاصة الولاياتالمتحدة و بريطانياوفنزويلا و أنغولا و الأورغواي و نيوزيلندا، ضرورة التأكد من قدرة البعثة الأممية على تنفيذ مهامها مشيرين إلى مخاوف من تشجيع دول أخرى تنتشر فيها بعثات أممية على السعي للتخلص منها مثلما يريد المغرب. ورافع المبعوث الخاص لرئيسة مفوضية الاتحاد الافريقي المكلف بالصحراء الغربية، جواكيم ألبيرتو شيسانو، يوم الثلاثاء بمجلس الامن لصالح تصفية الاستعمار بالأراضي الصحراوية المحتلة، وطلب الرئيس الموزمبيقي السابق من مجلس الأمن تحديد تاريخ لتنظيم استفتاء، داعيا أعضاء المجلس إلى تحمل مسؤولياتهم في حالة إخفاق المسار الأممي. و قد عقد هذا الإجتماع الإعلامي بالرغم من المحاولات التي قامت بها كل من فرنسا و مصر و السينغال لمنع شيسانو من تقديم عرضه أمام مجلس الامن. و كانت هذه البلدان الثلاثة قد تمكنت السنة الماضية من إفشال لقاء شيسانو مع أعضاء مجلس الأمن.