يواصل الجيش السوري تحقيق اختراقات في منطقة دير الزور شرقي سوريا حيث تمكن اليوم الأحد، من تأمين مطار المدينة في إطار العملية واسعة النطاق التي أطلقها قبل خمسة أشهر لتحرير آخر معقل رئيسي لتنظيم (داعش) الارهابي في البلاد، في الوقت الذي توصلت فيه الأطراف المعنية بالنزاع خلال مفاوضات "أستانا 6 " بكازاخستان على تشكيل مناطق جديدة لخفض التصعيد في إطار المساعي الهادفة إلى إيجاد تسوية سياسية للازمة السورية. و نقلت وكالة الأنباء السورية عن مصدر عسكري قوله اليوم أن وحدات من الجيش بالتعاون مع القوات الحليفة تمكنت في إطار عملياتها لمطاردة إرهابي، ما يسمى ب"تنظيم الدولة الاسلامية (داعش)" في ريف دير الزور الشرقي من تأمين مطار المدينة كما دمرت آخر تجمعات و تحصينات التنظيم في محيط قرية الجفرة. وأسفرت تلك العمليات عن "تأمين محيط مطار دير الزور بشكل كامل والقضاء على العديد من عناصر داعش وتدمير أسلحتهم" وفق مصدر عسكري. وفى عملية وصفت ب"النوعية" استعاد الجيش السوري بالتعاون مع الحلفاء السيطرة على تلة الكرية في محيط قرية الجفرة شمال مطار دير الزور وسط فرار جماعي لإرهابي التنظيم باتجاه منطقة حويجة صقر. ويأتي هذا بعد يوم واحد من تمكن قوات الجيش السوري أمس السبت من استعادة السيطرة على قريتي المرجعية وحويجة المرجعية والمزارع المحيطة بها بريف دير الزور الجنوبي الشرقي في "إنجاز جديد" من شأنه تعزيز نطاق الأمان حول قرية الجفرة والمطار العسكري لدير الزور. ويخوض الجيش السوري عملية عسكرية كبيرة منذ مايو الماضي لفك الحصار عن مدينة دير الزوري آخر معقل رئيسي لتنظيم (داعش) في سوريا, بعد أن فقد مساحات كبيرة من معقله الرئيسي في الرقة حيث تسيطر "قوات سوريا الديمقراطية" المدعومة من الولاياتالمتحدة على أكثر من 60 في المائة من المدينة. وقد تم كسر الحصار الذي فرضه تنظيم (داعش) على دير الزور لمدة ثلاث سنوات على ثلاث مراحلي الأول هو كسر الحصار على اللواء 137 غرب المدينة، والمرحلة الثانية هي كسر الحصار المفروض على قاعدة دير الزور الجوية. والمرحلة الثالثة تتم عبر الوصول إلى المدخل الغربي للمدينة عبر طريقها الرئيسي الذي يربط دير الزور بالعاصمة دمشق. و حسب تقارير عسكرية سورية فان القوات السورية وبعد كسر الحصار فان دمشق أصبحت تسيطر على 64 في المائة من دير الزوري في حين يسيطر إرهابيي (داعش) على 35 في المائة من مساحة المدينة. وتعمل وحدات الجيش السوري مباشرة بعد استعادتها لمناطق في دير الزور على تمشيط تلك المناطق بحثا عن المفخخات والعبوات الناسفة والألغام وتقوم بتفكيكها لتأمين تثبيت نقاط جديدة للجيش وجعلها منطلقا لتوسيع العمليات العسكرية في المنطقة. ويقول مراقبون أن دمشق تحاول اختصار العملية العسكرية في مدينة دير الزور والإسراع بهاي لتحقيق "نصر عنوي"، عبر تكرار محاولات المدينة وتطويقها بشكل كاملي وإجبار تنظيم (داعش) على الانسحاب من المناطق التي يسيطر عليها بغية تجنب القوات الحكومية تحويل عمليتها العسكرية إلى حرب شوارع يكبدها خسائر بشرية كبيرة، سيما وأن القوات الحكومية تعتزم التوجه بعد مدينة دير الزوري للسيطرة على ريفها". استانا 6 : اتفاق على مزيد من مناطق تخفيف التوتر ودمشق تتمسك ب"محاربة الإرهاب" على الصعيد الدبلوماسي توجت محادثات "استانا 6" بشأن الأزمة في سوريا والتي احتضنتها كازاخستان قبل يومين باتفاق على إنشاء مناطق جديدة لخفض التصعيد في سوريا، بينما اتفقت الدول الضامنة روسيا وتركيا وإيران على إرسال 1500 مراقب إلى المناطق الجديدة المعنية بخفض التوتر في الأراضي السورية في الوقت الذي أكدت فيه دمشق تمسكها بكل مبادرة تفضي إلى إيجاد حل سلمي للازمة و لكن ليس على حساب سيادتها و استقلالها ووحدة أراضيها. وتتوزع مناطق خفض التصعيد الجديدة التي ستحظى بحماية جميع الدول الضامنة، في كل من الغوطة الشرقية وبعض أجزاء شمال محافظة حمصي وفي محافظة ادلب وبعض أجزاء المحافظات المتاخمة لها اللاذقية وحماة وحلب. كما سيتم إنشاء منطقة لخفض التوتر في بعض أجزاء جنوبسوريا بناء على مبادرات من روسيا. وقال وزير خارجية كازاخستان (البلد المضيف للمفاوضات السورية)، خيرات عبد الرحمنوفي وهو يتلو بيانا مشتركا للدول الضامنة لنظام وقف إطلاق النار إن "إقامة مناطق خفض التصعيد وخطوط الأمان، هو تدبير مؤقت ستكون مدته ستة أشهر في البداية قابلة للتمديد تلقائيا على أساس إجماع الدول الضامنة"، مضيفا أنه "بالتالي فإن هذه الاتفاقات حول مناطق تخفيف التوتر لا تعطي الشرعية على الإطلاق لأي تواجد تركي على الأراضي السورية، وبالنسبة للحكومة السورية فهو تواجد غير شرعي" في إشارة إلى اتفاق الدول الثلاث على إرسال كل منها 500 فرد من أفراد الشرطة العسكرية إلى ادلب كقوة مشتركة لمنع وقوع أية حوادث أو استفزازات من الأطراف المتنازعة. و تعقيبا على محادثات "استانا 6" و نتائجها ذكر مصدر رسمي في وزارة الخارجية السورية أنه "التزاما من الحكومة السورية بالتعامل بشكل إيجابي مع أي مبادرة قد تفضي للحل في سوريا (..)، فقد شاركت سوريا باجتماعات استانا للجولات الست الماضية بإيجابية وانفتاحي وكانت الوثائق والاتفاقات التي تصدر عن هذه الاجتماعات وخاصة مناطق تخفيف التوتر تتم بالتشاور بين الحكومة السورية وحكومتي روسيا الاتحادية والجمهورية الإسلامية الإيرانية". وتابع أن الحكومة السورية "فوضت كلا من الجانب الروسي والإيراني -(الداعم للحكومة السورية) لإتمام الاتفاق الأخير حول محافظة إدلب على أساس أنهما الضامنان للجانب السوريي وعلى أساس أنها فرصة للجانب التركي (الداعم للمعارضة) ولحكومة أردوغان الضامن للمجموعات الإرهابية المسلحة للتراجع عن مواقفه في دعم الإرهاب". وأضاف مصدر الخارجية السورية يقول أنه "بالتالي فإن هذه الاتفاقات حول مناطق تخفيف التوتر لا تعطي الشرعية على الإطلاق لأي تواجد تركي على الأراضي السورية، وبالنسبة للحكومة السورية فهو تواجد غير شرعي". واعتبرت دمشق أن "الاتفاق حول محافظة إدلب هو اتفاق مؤقت هدفه الأساسي هو إعادة الحياة إلى طريق دمشق- حماة -حلب القديمي والذي من شأنه تخفيف معاناة المواطنين وانسياب حركة النقل بكل أشكالها إلى حلب والمناطق المجاورة لها". وشددت الحكومة السورية "على أن لا تنازل على الإطلاق عن وحدة واستقلال الأراضي السورية" كما شددت على عدم التوقف "عن محاربة الإرهاب وضربه أينما كان على التراب السوري ومهما كانت أدواته و داعموه". يذكر أن محادثات "استانا" هي سادس جولة من محادثات السلام حول سوريا التي تجري في العاصمة الكازاخستانية بوساطة من روسيا وتركيا وإيران و جمعت ممثلي الحكومة السورية والمعارضة، بما في ذلك بعض الجماعات المسلحة الرئيسية التي لم يسمح لها سابقا بالمشاركة في مفاوضات أخرى. و من المقرر عقد الجولة المقبلة من محادثات السلام السورية في أستانا أواخر شهر أكتوبر القادم.