يعتبر إعلان الولاياتالمتحدة نقل سفارتها إلى القدس نقطة تحول كبرى في القضية الفلسطينية وموقف واشنطن منها، و التي خرجت عن موقف المجتمع الدولي إزاء القضية، ورغم التحذيرات الدولية من تداعيات هذا القرار على مسار السلام في الشرق الأوسط، إلا أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يواصل انتهاج سياسة أحادية الجانب في خطوة مستفزة أثارت استنكار السلطة الفلسطينية، موازاة مع متابعة تنفيذ اتفاق المصالحة الفلسطينية واستمرار أزمة وكالة الأونروا. وأثار القرار الأمريكي، بنقل سفارة واشنطن إلى القدسالمحتلة، استنكارا فلسطينيا واسعا، خصوصا وأن الرئيس ترامب، اختار منتصف مايو المصادف للذكرى السبعين للنكبة ، لنقل السفارة، وهو ما اعتبرته السلطة الفلسطينية مخالفة للقانون الدولي والاتفاقات الموقعة. وفي هذا السياق، حذرت الرئاسة الفلسطينية من أن "أي خطوة أحادية" ستعرقل عملية السلام مع إسرائيل و"ستخلق مناخات ضارة" كرد فعل على عزم واشنطن نقل سفارتها إلى القدس. وقال الناطق باسم الرئاسة، نبيل أبو ردينة، إن هذه الخطوة لن تعطي الشرعية لأحد وستعرقل أي جهد لتحقيق أي تسوية في المنطقة، مؤكدا أن تحقيق السلام الشامل يقوم على الالتزام بقرارات الشرعية الدولية وعلى الأسس التي قامت عليها العملية السلمية وفق مبدأ حل الدولتين لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود العام 1967. من جانبه، أكد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، أن قرار الإدارة الأمريكية، "يعتبر مخالفة فاضحة للشرعية الدولية، وإمعانا في تدمير خيار الدولتين". وقال ان القرار يمثل "استفزازا لمشاعر العرب والمسلمين في اختيار هذا الموعد، الأمر الذي ندينه بأشد العبارات"، مشيرا إلى أن "هذه الخطوة تأكيد على أن واشنطن قد عزلت نفسها عن أي دور كراعي لعملية السلام، لأنها أصبحت فعلا جزءا من المشكلة ولا يمكن لها أن تكون جزءا من الحل". وحول ذات القرار، اعتبر المجلس الوطني الفلسطيني القرار الأمريكي "تحديا سافرا للإرادة الدولية، وإمعانا في العدوان على حق الشعب الفلسطيني في عاصمته الأبدية"، مضيفا أن موقف واشنطن يثبت من جديد أنها اختارت العزلة والابتعاد عن السلام لصالح الاحتلال، واختارت معاداة العرب والمسلمين في كافة أنحاء العالم، وإشعال مزيد من التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة. وفي ذات الإطار، طالب المجلس الفلسطيني الأمتين العربية والإسلامية بالدفاع عن مدينة القدس ومقدساتها وتسخير كافة امكانياتها وعلاقاتها من أجل منع تنفيذ قرار نقل السفارة الأمريكية إلى المدينةالمحتلة، كما دعا الأممالمتحدة إلى اتخاذ "موقف صريح وحاسم" من هذا القرار الذي ينتهك القرارات الدولية. من جهتها، استنكرت جامعة الدول العربية القرار الأمريكي الأخير، بأشد العبارات، مشيرة إلى أنه يمثل "حلقة جديدة وخطيرة في مسلسل الاستفزاز والقرارات الخاطئة المستمر منذ شهر ديسمبر الماضي، والذي يوشك على أن يقضي على آخر أمل في السلام". وقال الأمين العام للجامعة احمد ابو الغيط، إن اختيار ذكرى النكبة لتنفيذ هذا القرار، يكشف عن "انحياز أمريكي كامل للطرف الاسرائيلي وغياب أي قراءة رشيدة لطبيعة وتاريخ الصراع القائم في المنطقة منذ ما يزيد عن سبعين عاما"، مشيرا إلى أن واشنطن فقدت فعليا الأهلية المطلوبة لرعاية عملية سلمية تفضي إلى حل عادل ودائم للنزاع. مظاهرات حاشدة رفضا للقرار الأمريكي خرج العشرات من الفلسطينيين وسط قطاع غزة للتظاهر احتجاجا على قرار الولاياتالمتحدة بنقل سفارتها إلى القدسالمحتلة في مايو المقبل، حيث رفع المتظاهرون الأعلام الفلسطينية ولافتات مستنكرة ومنددة بهذا القرار. واعتبر المتظاهرون القرار الامريكي، جريمة في حق الشعب الفلسطيني، ومحاولة لتصفية قضيته، ونددوا باستمرار الرئيس الأمريكي باستفزاز مشاعر الفلسطينيين والمسلمين عبر قراراته المجحفة، مؤكدين أن "القدس عاصمة الدولة الفلسطينية ولن يتم التفريط فيها" وهي خط أحمر لا تراجع عنه. وقال القيادي في حركة حماس، إسماعيل رضوان، إن "أرض فلسطينوالقدس وعد إلهي لن تبدده قرارات ولا وعود أمريكية ولا غطرسة إسرائيلية"، مشددا على التمسك بالقدس "عاصمة فلسطين الموحدة" ومحذرا من أي مساس بالمقدسات أو تهويد للقدس. استمرار مسار تنفيذ المصالحة الفلسطينية تزامنا مع تفاقم أزمة الأونروا ويشهد الوضع السياسي الداخلي في فلسطين، تطورا ملحوظا على هامش استمرار مسار تنفيذ المصالحة الوطنية، وإنهاء الخلاف بين الفصائل الفلسطينية، حيث يتوجه وفد وزاري من الحكومة الفلسطينية، اليوم الأحد، لقطاع غزة من أجل متابعة سير عمل الوزارات في القطاع والإشراف على عملها. وستنعقد جلسة مجلس الوزراء الأسبوعية، بعد غد الثلاثاء، بشكل مشترك بين الضفة الغربية وقطاع غزة عبر "الفيديو كونفرنس"، ويتزامن هذا مع وصول وفد أمني مصري لمتابعة تنفيذ اتفاق المصالحة بين حركتي فتح حماس وتذليل العقبات أمام تحقيقها. وفي هذا السياق، أكدت حركة فتح تصميمها على المضي قدما نحو خطوات عملية لتنفيذ اتفاق القاهرة، بينما تعهدت حركة حماس بتقديم التسهيلات المطلوبة والإجراءات الكفيلة بإنجاح تطبيق اتفاق المصالحة وتعزيز خطوات بناء الثقة وصولا إلى تحقيق الوحدة الوطنية المنشودة. وتأتي هذه التطورات، موازاة مع تفاقم أزمة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، والتي تعاني عجزا ماليا بلغ نصف مليار دولار نتيجة وقف المساعدات الأمريكية. وقال المتحدث باسم الوكالة، عدنان أبو حسنة، إن العديد من الدول المانحة قدمت أموالا إضافية لسد العجز، وحتى الآن الأمور مرتبطة بالتعهدات التي قدمتها الدول وكذلك بمؤتمر المانحين الذي سيعقد منتصف شهر مارس القادم. وحذرت الأونروا من التداعيات الخطيرة للأزمة في ظل اعتماد ملايين اللاجئين الفلسطينيين جزئيا أو كليا على الوكالة.