تلتقي الأحزاب السياسية بالجزائر، على اختلاف توجهاتها و تضارب تصوراتها، عند ضرورة تضافر جهود كافة القوى الوطنية للمحافظة على المكاسب المحققة، خاصة في المرحلة الراهنة المتسمة برهانات داخلية وخارجية متعددة الأبعاد. فعلى الرغم من تباين رؤى الأحزاب السياسية التي تحصيها الساحة الوطنية تجاه مختلف المسائل السياسية و الاقتصادية، و التي قد تبلغ في بعض الأحيان حد التعارض و التصادم، إلا أن أهمية الوصول إلى تكاتف بين كل القوى الوطنية يشكل نقطة التقاء بينها. و تبدو هذه الفكرة واضحة في خطابات التشكيلات السياسية في شتى المناسبات، حتى و إن اختلفت التسمية التي تطلقها عليها. فبين مصطلح "التوافق الوطني" و "الإجماع الوطني" و غيرها، تبرز مسألة التوصل إلى بناء أرضية تقارب بين القوى الحية و الفاعلين في البلاد، خاصة في المرحلة الراهنة، كسمة مشتركة بين أغلب المبادرات التي طرحت إلى غاية الآن، سواء من قبل المعارضة أو أحزاب "الموالاة". وفي هذا المنحى، أكدت أطراف التحالف الرئاسي الذي يضم كل من جبهة التحرير الوطني و التجمع الوطني الديمقراطي و تجمع أمل الجزائر والحركة الشعبية الجزائرية، في بيان مشترك اتفاقها على برنامج عمل مرحلي على امتداد الأشهر المقبلة، في إطار "عمل جماعي تنخرط فيه كل القوى والكفاءات وتتكامل فيه كل الإمكانات والقدرات". و من جهته، ما فتئ حزب جبهة التحرير الوطني يدعو إلى انخراط الجميع في مسعى يهدف إلى حماية الجزائر من التحديات التي تواجهها، خاصة في ظل الوضع الأمني المتردي المحيق بها، و ذلك استجابة لدعوة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة لبناء جبهة شعبية صلبة، "لضمان استقرار الجزائر وصمودها في وجه جميع المناورات الداخلية وكل التهديدات الخارجية"، وكذا لمواجهة كل الآفات، وعلى رأسها الفساد والمخدرات. و في تصور آخر يطرحه من زاوية مختلفة، يؤكد حزب التجمع من أجل الثقافة و الديمقراطية على أنه"لا يوجد أي شخصية أو حزب قادر لوحده على تصحيح الوضع". أما جبهة القوى الاشتراكية فقد أكدت تمسكها بتجسيد مشروعها الذي يعود إلى سنة 2014 و الرامي إلى إعادة بناء اجماع وطني، و هي المبادرة التي تصفها ب"السبيل الوحيد لضمان دولة قانون و تكريس الديمقراطية والعدالة الاجتماعية". و يتبنى حزب طلائع الحريات نفس الرؤية عندما يتعلق الأمر بهذه المسألة، حيث كان رئيسه علي بن فليس قد دعا كل "الوطنيين"، إلى "تجميع جهودهم بعيدا عن كل الاعتبارات الإيديولوجية أو التطلعات الفئوية، لبعث حوار شامل وجامع من أجل حل توافقي".