يدعم العديد من المجاهدين والمناضلين مشروع كتابة تاريخ الولاية التاريخية الرابعة الذي تشرف عليه مؤسسة ذاكرة الولاية التاريخية الرابعة التي تعاقب على قيادتها أبطال أمثال الشهيد جيلالي بونعامة والمجاهد العقيد يوسف الخطيب الذي يقود هذه المؤسسة منذ تأسيسها سنة 2002. فمنذ إطلاق هذا المشروع الذي يعد امتداد للعمل الكبير الذي قام به المجلس التاريخي للولاية الرابعة منذ الإستقلال وإلى غاية حله سنة 1998، إلتف مجاهدو هذه الولاية حول هذا المشروع الذي سيمكن الأجيال الصاعدة من التعرف على التاريخ النضالي والتضحيات الجسام التي قدمها الشهداء في سبيل تحرير الوطن من براثيم الإستعمار الفرنسي، تقول نائبة مؤسسة الولاية التاريخية الرابعة، نعيمة مهديد. وأكدت السيدة مهديد ل"وأج" الاهتمام الكبير الذي أولاه المجاهدون لهذا المشروع الذي سيمكن عقب انتهائه خلال السنوات القادمة من وضع بنك معلومات يحوي تفاصيل عن كافة الأحداث والمعارك التي شهدتها الولاية التاريخية الرابعة. ويتمثل هذا المشروع - تضيف ذات المتحدث- في جمع أكبر قدر ممكن من شهادات مجاهدي ومناضلي هذه الولاية التاريخية المسجلة بالصوت والصورة وهذا عبر 11 ولاية وهي كل من بومرداس والشلف والجزائر العاصمة وعيد الدفلى وتسمسيلت والبليدة والمدية وأجزاء من ولايات المسيلة والجلفة وتيارت والبويرة. وتحوي هذه الشهادات معلومات دقيقة تخص الشهادات الفردية التي تسرد التاريخ النضالي لكل مجاهد وأخرى جماعية تتعلق بعدة مواضيع ذات علاقة بالثورة التحريرية على غرار الوحدات العسكرية بالولاية الرابعة ودور المرأة بهذه الولاية وجرائم فرنسا والمساجين والمعتقلين والمعتقلات والفارين من الجيش الفرنسي ودورهم بالولاية الرابعة وكذا قادة وضباط هذه الولاية. جمع أكثر من 3000 تسجيل في أقل من 20 سنة فبعد قرابة نحو 20 سنة من بدء عمليات جمع شهادات مجاهدي و مناضلي الولاية التاريخية الرابعة وحتى الأشخاص الذين عايشوا هذه الفترة خاصة القاطنين بالأرياف من نساء وحتى ممن تجاوز أعمارهم العشرة سنوات خلال تلك الفترة والذين اعتبروا كشهود عيان، تم جمع نحو 3000 شريط، تقول السيدة مهديد. وفي إطار العمل الكبير الذي يتم القيام به في سبيل حفظ التاريخ - تقول ذات المتحدثة- أطلقت المؤسسة سنة 2007 مشروع "قافلة التاريخ" والذي استمر على مدار أربعة سنوات بحيث تم التنقل لمختلف القرى والأرياف التابعة لإقليم هذه الولاية التاريخية بهدف جمع الشهادات. كما حظي هذا المشروع بتجاوب كبير من قبل سكان هذه القرى الذين لم يترددوا في الإدلاء بكل المعلومات التي تخص الأحداث والوقائع التي عايشوها - تقول السيدة مهديد- التي أكدت أنه مع ساعات الصباح الأولى كانت تتشكل طوابير طويلة من الأشخاص الذين عايشوا فترة الثورة التحريرية بهدف الإدلاء بشهادتهم في صورة تعكس مدى حرصهم على صون تاريخهم الثوري. وفي هذا الباب أكدت نائبة رئيس مؤسسة الولاية التاريخية الرابعة على محافظة سكان القرى و الأرياف على إحياء ذكرى استشهاد أبناء منطقتهم بعيدا عن مظاهر البروتوكولات والرسميات التي ألفناها بالمدن مستدلة بسكان بلدية جليدة بولاية عين الدفلى الذين يحيون ذكرى وفاة الشهيد محمد رايس بتخصيص جزء من منتجاتهم الفلاحية السنوية للتصدق به على روح الشهيد. وإلى جانب حرصهم على الإدلاء بشهاداتهم الحية لم يتردد المجاهدون والمناضلون في تسليم مختلف الوثائق والملفات الخاصة بالثورة التحريرية وحتى الصور التي مكنت من التعرف على العديد من الشهداء الذين كان يجهل شكلهم بالرغم من تاريخهم الثوري المشرف. وبحسب ذات المصدر فقد تم الإنتهاء مؤخرا من رقمنة ما تم جمعه من أرشيف مكتوب على أن يتم الانطلاق قريبا في صياغة ورقمنة 3000 شريط مصور يحوي الشهادات الحية لمجاهدي ومناضلي الولاية التاريخية الرابعة وهي العملية المنتظر أن تستمر على مدار سنوات بسبب قلة الإمكانيات. وأضافت السيدة مهديد أنه عقب صياغة شهادات المجاهدين خاصة تلك المتعلقة بأحداث تاريخية سوف يتم اخضاعها للمقارنة مع آلاف الشهادات الأخرى للتأكد من مدى مصداقيتها بهدف كتابة تاريخ هذه الولاية بكل مصداقية وأمانة. و في إطار ذات المسعى باشرت ذات المصالح عملية رقمنة التقارير والملفات الخاصة بالثورة التي قام المجلس التاريخي للولاية الرابعة بجمعها خلال السنوات الماضية والتي تحظى بعناية كبيرة - تقول ذات المتحدثة- التي وصفتها "بالكنز الثمين" الواجب المحافظ عليه كونه يتعلق بتوثيق تاريخ أشهر الثورات التحريرية عبر العالم هذا إلى جانب رقمنة أيضا ملخصات مئات الملتقيات التي تم عقدها خلال سنوات الستينيات والسبعينيات والثمانينات والتي تحوي أيضا شهادات لمجاهدي مجموعة أول نوفمبر الذين توفي أغلبيتهم. عمي لخضر وأخته نعيمة نموذج للمجاهدين الداعمين للمشروع يعتبر المجاهد عليلي لخضر أو كما يعرف ب"عمي لخضر" صاحب 88 سنة و كذا رفيقة كفاحه و أخته المجاهدة عليلي نعيمة البالغة من العمر 86 سنة من المجاهدين الذين دعموا المشروع منذ بداياته من خلال الإدلاء بشهاداتهم و كذا تسليم الوثائق والصور لإثراء أرشيف الولاية الرابعة . ويرى عمي لخضر الذي استضاف "وأج" ببيته الذي يعود للعهد الإستعماري الكائن ببلدية بوفاريك بالبليدة أن المشاركة في هذا المشروع تعد "بمثابة مسؤولية تاريخية"، داعيا أي مجاهد لم ينخرط بعد في هذا المشروع إلى عدم التردد و الإدلاء بشهادته. ويعتبر المجاهد لخضر عليلي من المجاهدين القلائل بولاية البليدة الذين شاركوا في العمليات التي تمت عشية أول نوفمبر ممن لا يزالون على قيد الحياة بحيث روى بكل فخر تفاصيل هذه الليلة أين قام رفقة عدد من المجاهدين المعروفين بالولاية أمثال سي البغدادي و سويداني بوجمعة و بوعلام الوزري بعملية حرق إحدى المستثمرات الفلاحية ليبدأ بعدها نضاله وسنه لم يتجاوز ال24 سنة. بدورها أكدت المجاهدة عليلي التي عملت بحسب تصريحاتها ضمن "فريق القصبة" بالجزائر العاصمة أين كانت مكلفة بجلب الأدوية ونقل الوثائق والرسائل ما بين الولايات، حرصها منذ بداية هذا المشروع على دعمه. ويبقى نقص الإمكانيات المادية والبشرية العائق الوحيد الذي يؤخر إتمام هذا المشروع الذي سيمكن من كتابة تاريخ الولاية التاريخية الرابعة من أفواه صانعيه الذين أبو إلا أن يواصلوا مشوارهم النضالي بتعريف الأجيال الصاعدة ببطولات أبناء بارين لوطنهم ضحوا بحياتهم في سبيل تحريره.