نشر المجلس المحاسبة تقريره السنوي في الجريدة الرسمية والذي تضمن خمسة وعشرين (25) توصية لترشيد النفقات العمومية واستعمال فعال وشفاف للموارد في الجزائر, وذلك في إطار تقييم المشروع التمهيدي لقانون تسوية الميزانية لسنة 2016. ويتعلق الامر بسبع (07) توصيات جديدة, واثنتا عشرة (12) أعيد إدراجها بناء على تقارير سابقة وستة (6) أخرى تمت إعادة صياغتها, حسما أفاد به مجلس المحاسبة الذي لم ينشر منذ إنشائه سوى تقريرين سنويين (1995 و 1997). ونصت أهم التوصيات على ضرورة التقيد بأحكام القانون رقم 84-17 المؤرخ في 7 يوليو سنة 1984 والمتعلق بقوانين المالية, المعدل والمتمم, لاسيما القواعد المتعلقة بمبادئ السنوية والتخصيص والشفافية (الكتابات المحاسبية والنفقات غير المتوقعة وإقفال حسابات التخصيص الخاص وترحيل الأرصدة إلى حساب النتائج). وأوصى المجلس في هذا الصدد بالتحكم الجيد في تقديرات الإيرادات (منهج ودليل للتنبؤ، إرفاق ملحقات، تنسيق أكبر بين مختلف المصالح التقنية المختصة) وإيلاء عناية أكبر لعملية الإحصاء الجبائي السنوي مع تأطير أفضل لمصالح التدخلات وتفعيل آليات الرقابة عن طريق وضع خريطة للمخاطر في كل من الإدارة الضريبية والجمركية من أجل حصر عدد المكلفين المتهربين, وحجم نشاطاتهم وتحديد أماكن ممارسة هذه النشاطات, إلى جانب التخطيط الجيد لتنفيذ برامج المراجعة من أجل القيام بالتصحيحات والتعديلات المناسبة للتصريحات المكتتبة. علاوة على ذلك, اقترحت ذات الهيئة تحسين شروط تحصيل الموارد العادية ووضع إجراءات واضحة تسمح بمتابعة المزايا الجبائية في كل مراحلها وكذا التحكم في إعداد الميزانيات وفي تنفيذ النفقات العمومية من أجل تلبية الاحتياجات الحقيقية والمستدامة من خلال تنفيذ أنظمة معلومات مدعمة بأدوات قيادة أداء المصالح العمومية. كما دعا المجلس السلطات إلى بذل المزيد من الصرامة والفعالية في منح التخصيصات بعنوان دعم الدولة للمنتجات الغذائية الأساسية والمنتجات الطاقوية لتغطية بعض نفقات قطاعي الصحة والتربية, وهذا من خلال استحداث ملف يستهدف الشرائح الاجتماعية الأكثر حرمانا. ونصح مجلس المحاسبة بتفادي تمويل ميزانيات المؤسسات العمومية بصفة شبه حصرية من ميزانية الدولة, في سياق يتسم بانكماش القدرات المالية للخزينة العمومية, وذلك بغية التخفيف, إلى حد ما, من حجم هذا التمويل, لا سيما باتخاذ تدابير تهدف إلى تحسين الموارد الخاصة لهذه المؤسسات من خلال ممارستها للأنشطة المنتجة للمداخيل. كما دعا الآمرين بالصرف إلى الامتثال الصارم لأحكام المرسوم التنفيذي رقم 98-277 المؤرخ في 13 يوليو 1998 المتعلق بنفقات الدولة للتجهيز، المعدل والمتمم، لا سيما فيما يتعلق بنضج المشاريع وتعريف أولويات برامج التجهيز التي تسعى لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وترتيبها وتحديدها. من جهة أخرى أوصى المجلس بإشراك المواطنين والأطراف الفاعلين المحليين في خيارات وأولويات التهيئة و التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفق الشروط التي رسمتها السلطات العمومية, وتشجيع المبادرات المتخذة من طرف البلديات. ويوصي مجلس المحاسبة بضمان الاستعمال العقلاني والفعال للاعتمادات المخصصة لمخططات التنمية البلدية بهدف تحقيق التنمية المستدامة للجماعة المحلية وتحسين مستوى معيشة المواطنين ووضع نظام يضبط توزيع الاعتمادات بين البلديات، ويأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات المحلية الموجودة. وفي تقريره التقييمي حول تسوية الميزانية لسنة 2016, المتضمن في تقريره السنوي, أكد المجلس على عديد الاختلالات في تسيير النفقات العمومية, المتعلقة أساسا بعدم احترام قواعد منح واستعمال الاعتمادات وصعوبات احتواء التحويلات الاجتماعية, والضعف في تنفيذ مخططات التنمية البلدية وفي تحصيل الضرائب والنقائص في تسيير حسابات التخصيص الخاص وكذا غياب شفافية النفقات غير المتوقعة. يعتبر مجلس المحاسبة المؤسسة العليا للرقابة البعدية لأموال الدولة والجماعات الإقليمية والمؤسسات والمرافق العمومية. وأسس المجلس بموجب المادة 190 من دستور 1976, وأنشئ في سنة 1980. وتم تكريسه بموجب المادة 192 من دستور 2016, ويخضع في سيره للأمر رقم 95-20 المؤرخ في 17 يوليو سنة 1995 المتعلق بمجلس المحاسبة، المعدل والمتمم. كما تكمن المهمة الأساسية لمجلس المحاسبة في تشجيع الاستخدام القانوني والفعال للموارد والوسائل والأموال العمومية، وترقية إجبارية تقديم الحسابات والشفافية المساهمة في تعزيز الوقاية ومحاربة جميع أشكال الغش والممارسات غير القانونية وغير الشرعية. ويتمتع المجلس باختصاص إداري وقضائي وله عهدة شاملة في مجال الرقابة على كل مصالح الدولة، والجماعات الإقليمية، والهيئات، والمؤسسات، والمرافق والمؤسسات العمومية مهما كانت طبيعتها. كما يستشار المجلس في المشاريع التمهيدية السنوية للقوانين المتضمنة ضبط الميزانية كما يمكن استشارته أيضا في مشاريع النصوص القانونية المتعلقة بالمالية العمومية. ومن أجل ممارسة مهامه، تم تنظيم المجلس في ثماني (8) غرف وطنية ذات اختصاص قطاعي وتسع (9) غرف ذات اختصاص إقليمي مكلفة في دائرة اختصاصها الجغرافي برقابة الحسابات وتسيير الجماعات الإقليمية والهيئات والمؤسسات التابعة لها. ويتوفر المجلس, أيضا, على غرفة في مجال الانضباط في تسيير الميزانية والمالية تتكفل بملفات الانضباط في مجال تسيير الميزانية والمالية التي ترد إليها. كما يتضمن المجلس نظارة عامة يسند لها دور النيابة العامة ومكتب للمقررين العامين المختصين على الترتيب بالبرمجة والتقييم، بالتقرير التقييمي حول المشروع التمهيدي لقانون تسوية الميزانية، وبالتقرير السنوي، كما يتوفر أيضا على مصالح إدارية وأقسام تقنية لدعم نشاط الرقابة. ويعد مجلس المحاسبة عضوا في كل من المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابةُ المالية العامة والمحاسبة (الأنتوساي)، والمنظمة الإفريقية للأجهزة العليا للرقابة المالية العامة والمحاسبة (الأفروساي) والمنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة (الأرابوساي).