تضمن التقرير التقييمي لمجلس المحاسبة حول المشروع التمهيدي لقانون تسوية الميزانية 2016، 25 توصية دعا من خلالها إلى التحكم في إعداد الميزانيات بشكل أفضل و”الصرامة” في تسيير ميزانية التجهيز. ففيما يخص نفقات الميزانية، أكد المجلس على ضرورة احترام الاطار القانوني لتطبيق مبادئ قانون الميزانية بالسهر على الحد من اللجوء إلى تمديد اقفال الالتزامات ودفع النفقات المنصوص عليه في القانون بصفة استثنائية. كما دعا إلى العمل على تخصيص الاعتمادات ومنحها ضمن آجال معقولة لضمان حسن متابعتها وتفادي تحميل تكاليف اضافية كتلك المترتبة عن لجوء الديوان الوطني المهني للحبوب والديوان الوطني للحليب والصيدلية المركزية للمستشفيات للاقتراض البنكي بسبب التأخر في منح المساهمة المالية من اجل التكفل بتنفيذ تبعات الخدمة العمومية والفرق في أسعار المواد الاولية في إطار دعم الاسعار. وشدد ايضا على مبدأ استعمال الاعتمادات وفقا لما خصصت له مشيرا إلى أن بعض الوزارات تكفلت بنفقات تخص مديريات ولائية تابعة لقطاعات اخرى اوهيئات تتمتع بالاستقلال المالي. وأكد التقرير أيضا إلى اهمية “التحكم في كافة الجوانب المتعلقة بتقييم المخاطر التي يحتمل أن تؤثر على حركية الانفاق مما يؤدي إلى تفاقم ديون الدولة مع خطر المساس باستدامة الميزانية” مشيرا إلى امثلة ديون المؤسسات الصحية وإدارة السجون. ولتحقيق فعالية اكبر في التسيير، كرر المجلس توصيته الرامية إلى تحكم اكبر في الميزانيات من اجل تلبية الحاجيات الحقيقية والمستدامة عن طريق تنفيذ نظم معلومات مدعومة بأدوات قيادة لأداء المصالح العمومية. كما يتعين تعزيز الرقابة الداخلية لاسيما ما يتعلق بتسيير الوقود ودفع الأجور والتعويضات ومنح نفقات المهمات والاتصالات الهاتفية فضلا عن دفع اشتراكات الضمان الاجتماعي. …ملف لمحدودي الدخل وعقود نجاعة من أجل فعالية أكبر للدعم وعن إشكالية الدعم، أشار التقرير إلى نمو التحويلات الاجتماعية في 2016 ب7،77 بالمائة مقارنة ب2015 لتصل إلى 1.841،57 مليار دج اي ما يعادل 9،83 بالمائة من الناتج المحلي الخام . و”يعكس مستواها الصعوبات في احتواء هذا النوع من النفقات من ناحية، إذ تصطدم إدارتها (..) بصعوبات في المتابعة وتحقيق الكفاءة، ومن ناحية اخرى تواجه تغطيتها صعوبات في ظرف أضعفه انهيار أسعار النفط وندرة مصادر تمويل اكثر استقرارا”، يؤكد التقرير. وجدد المجلس دعوته استحداث ملف يستهدف الشرائح الاجتماعية الاكثر حرمانا من اجل بلوغ الصرامة والفعالية في منح التخصيصات بعنوان دعم الدولة لمنتجات الغذائية الاساسية والمنتجات الطاقوية لتغطية بعض نفقات قطاعي الصحة والتربية. كما اوصى بالتعاقد عن طريق عقود الاداء في مجالات التربية والتكوين والصحة لتحقيق أقصى قدر ممكن من هوامش النجاح المدرسي وتحسين نوعية الخدمة مع وضع آلية نظام متابعة يسمح بضمان انجاز الاهداف المحددة لكل نوع من انواع برامج المساعدة للإدماج الاجتماعي والمهني فضلا عن ادوات التقييم الدوري التي يمكن ان تسهر في تصحيح أوجه القصور المحتملة. وفي نفس تقريره التقييمي، أوصى المجلس من جديد بتفادي تمويل ميزانيات المؤسسات العمومية من ميزانية الدولة بشكل حصري في سياق يتسم بانكماش القدرات المالية للدولة. ودعا إلى بذل جهود إضافية في القطاع الصحي من خلال الحد من التأخر الملحوظ في وضع نظام معلومات محاسبي إداري داخل المؤسسات الصحية وضمان الاستخدام الامثل للمعدات الطبية وجردها للحصول على وضعية موثوقة وشاملة واستكمال التعاقد مع اجهزة الضمان الاجتماعي. .. إنضاج المشاريع لتفادي إعادة التقييم وفي مجال تسيير الاعتمادات المخصصة لعمليات التجهيز، أوصى مجلس المحاسبة بالامتثال “الصارم” للاطار التشريعي المنظم لهذا المجال لاسيما من خلال ضمان حسن نضج عمليات التجهيز (التحديد، الجدوى، الاستغلال والآثار المترتبة) للحد من تجاوز الآجال والتكاليف الاضافية الناجمة عن اعادة التقييم المتتالية وكذا تطهير مدونة الاستثمارات العمومية من خلال إلغاء المشاريع التي تعرف بداية في التنفيذ. وحث من جانب آخر على إشراك المواطنين والاطراف الفاعلة المحلية في خيارات واولويات والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في إطار إرساء ديموقراطية تشاركية قصد تأسيس إطار اجراء منظم يسمح للمواطنين بالتعبير عن احتياجاتهم ويمكن المسؤولين المحليين من التعرف على انشغالاتهم. وأشار في هذا المجال إلى “ضعف امتصاص اعتمادات التجهيز المخصصة من طرف الدولة لتطوير قطاعات التنمية كما نفذت مخططات البلدية للتنمية في غياب التخطيط والبرمجة على مستوى العديد من البلديات وعدم اشراك المواطنين”. وسجلت مخططات التنمية البلدية نسبة إنجاز 47،73 بالمائة في 2016 أي 91،21 مليار دج من أصل اعتمادات اجمالية تقدر ب191،11 مليار دج والتي “اتسم تسييرها بعدة نقائص أثرت سلبا على التنمية المستدامة للجماعات المحلية وتحسين معيشة المواطنين”، حسب مجلس المحاسبة. وفي هذا السياق، دعا إلى إلزام المجالس الشعبية البلدية باعتماد نظرة موضوعية للتنمية على مستوى البلدية وتخطيط الاهداف ووسائل بلوغها من خلال مخططات سنوية ومتعددة السنوات ووضع نظام يضبط توزيع الاعتمادات بين البلديات يأخذ بعين الاعتبار للخصوصيات المحلية والمتابعة المستمرة والصارمة من طرف الوصاية على كل مستويات المسؤولية. وبخصوص تقديرات الميزانية، جدد المجلس توصيته بإعداد ونشر نموذج ودليل للتنبؤ الإيرادات والذي من شأنه ان يقدم أساليب للبحث وجمع المعلومات المتوقع عن كل إيراد متوقع، ويسمح بإجراء دراسات اقتصادية قياسية اعتمادا على معطيات اكثر واقعية وعن طريق تنسيق أكبر بين مختلف المصالح التقنية المختصة بهدف جعل عملية التنبؤ بعائدات السنة المالية أكثر دقة وتفصيل. واكد أيضا في نفس الإطار على دعم تقديرات الميزانية الواردة في قوانين المالية بملحقات تفسيرية تبين تطورها حسب أصناف الضرائب لاسيما تلك المتعلقة بالتدابير الجديدة وتقييم تكلفتها مما يمكن من فهم الاسباب والاتجاهات الكامنة في تطور الايرادات بشكل أفضل. وفي نفس السياق، جدد مجلس المحاسبة وجهة نظره بشأن حالة النفقات غير المتوقعة والتي تخصم بطريقة “غير عادية” من حساب التنفيذ وترحل في نهاية السنة إلى حساب النتائج لافتا إلى أن “اجراء تحديد نتائج الميزانيات غير المسواة على أساس معطيات المحاسبين الرئيسيين للدولة لا تتماشى دائما وفقا للقواعد المعمول بها”. وشدد على اهمية منح واستعمال الاعتمادات لفائدة البرامج ومختلف حسابات التخصيص الخاص وفق ما تمليه الاهداف المسطرة بموجب قانون المالية وذلك ضمانا لحسن تسييرها واجراء الترحيلات المناسبة بالنسبة للحسابات المقفلة الى حسابات النتائج. من جهة اخرى نبه التقرير إلى ان تحمل الدولة لفارق السعر عند استيراد الوقود لسنوات 2012 و2013 و2014 من طرف مجمع سوناطراك، كان يجب أن يكون بدعم مالي من ميزانية التسيير مثلما هوالشأن بالنسبة للأسعار المدعومة من طرف الدولة في شطر التحويلات الاجتماعية والاقتصادية، وليس من خلال اكتتاب سندات لفائدة المجمع مقابل الدين. وعن الحسابات الخاصة للخزينة، اوصى مجلس المحاسبة باحترام المبادئ الموضحة في التشريعات السارية بخصوص اقفال حسابات التخصيص الخاص. وكرر توصيته التي ترمي لضمان المتابعة الجيدة لتسديدات القروض الممنوحة من اجل المساهمة في تقليص حجم البواقي غير المسواة والمقدرة ب 1.455،367 مليار دج بنهاية 2016. يذكر ان التقرير التقييمي لمجلس المحاسبة تضمن سبعة (7) توصيات جديدة وو11 توصية تم تجديدها إلى جانب سبعة (7) توصيات تم إعادة صياغتها. ويوجد حاليا المشروع التمهيدي لقانون تسوية الميزانية 2016 قيد الدراسة على مستوى لجنة المالية والميزانية للمجلس الشعبي الوطني.