أفضت القمة الافريقية المصغرة التي عقدت أمس الثلاثاء لبحث سبل تقريب وجهات النظر حول الخلاف القائم بشأن سد النهضة بين اثيوبيا و مصر و السودان إلى تفاهم على إجراء مزيد من المفاوضات برعاية الاتحاد الافريقي مع التركيز على منح الأولوية خلال اللقاءات المقبلة لبلورة اتفاق "قانوني ملزم" بشأن قواعد ملء و تشغيل السد الذي تبنيه إثيوبيا. و شارك في أشغال القمة الافريقية المصغرة التي عقدت عبر تقنية الفيديو، نظرا لجائحة كورونا ، فضلا عن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي و رئيسي وزراء اثيوبيا آبى أحمد و السودان عبد الله حمدوك ، رئيس جنوب افريقيا الذى ترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الافريقي ، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي، إضافة إلى خمسة مراقبين من الاتحاد. و عقب اختتام أشغال القمة ، توالت التصريحات و البيانات الرسمية التي أجمعت في مجملها على توافق الاطراف المعنية على مواصلة التفاوض لتحقيق تقدم على صعيد القضايا العالقة، مع التشديد على ضرورة إيجاد "حلول إفريقية للمشاكل الافريقية". إقرأ أيضا: سد النهضة: القمة الأفريقية اتفقت على مواصلة التفاوض كما خلص المشاركون في القمة المصغرة على أهمية التركيز خلال المفاوضات القادمة على منح الاولوية لبلورة "اتفاق قانوني ملزم" بشأن ملئ و تشغيل سد النهضة الذي باشرت إثيوبيا عملية بناءه على النيل الازرق في أبريل 2011 ، بغرض استغلاله لتوفير الطاقة لمواطنيها ، الا أنه أثار في الاشهر الماضية و بعد إعلان أديس أبابا استعدادها لملئه ، مخاوف الدولتين الجارتين : مصر و السودان من أن يؤثر ذلك على حصتهما من مياه نهر النيل باعتبارهما دولتا مصب. وفي السياق، قال الرئيس المصري أن الاطراف الثلاثة، توافقت في ختام القمة الافريقية المصغرة على أن "العمل من أجل التوصل الى اتفاق "شامل وملزم" بشأن ملئ و تشغيل السد ، على أن يتم لاحقا العمل على بلورة اتفاق شامل لكافة أوجه التعاون المشترك بين الدول الثلاث فيما يخص استخدام مياه النيل"، حسب بيان أصدرته الرئاسة المصرية. وأفاد رئيس الوزراء الإثيوبي من جهته "إن مصر والسودان وإثيوبيا اتفقت على استمرار المناقشات الفنية حول ملء سد النهضة برعاية الاتحاد الإفريقي حتى التوصل لاتفاق شامل". وبدوره أعلن وزير الري السوداني ياسر عباس في مؤتمر صحفي في الخرطوم مساء أمس أن الدول الثلاث "اتفقت على مواصلة التفاوض في الفترة القادمة بتقريب وجها النظر و تجاوز نقاط الخلاف بشأن سد النهضة"، مؤكدا في الوقت ذاته أن المشاركين في القمة الأفريقية المصغرة أكدوا على "الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية". اعتراض مصري-سوداني على الاجراءات "أحادية الجانب" و أثيوبيا تطمئن أثار اعلان إثيوبيا مؤخرا البدء في ملئ سد النهضة ، قلق مصر و السودان اللتان عبرتا عن رفضهما لأية اجراءات "أحادية الجانب" تتعلق بهذا المشروع الضخم الذي تقول إثيوبيا أن الهدف منه هو "مضاعفة إنتاجها من الكهرباء و تحقيق التنمية بعيدا عن الاضرار بمصالح الدولتين الجارتين" ، بينما ترى القاهرة و الخرطوم أن "ملئه قبل التوصل الى اتفاق ثلاث شامل هو تهديد لإمدادات المياه الحيوية لهما من مياه نهر النيل". و رغم الدعوات من جهات مختلفة في مقدمتها مصر، ألا تبادر بأية خطوة في اتجاه ملئ السد حتى التوصل لاتفاق بخصوصه ، تمسكت إثيوبيا بموقفها معلنة أمس الثلاثاء أنها شرعت ب"ملء خزان سد النهضة في مرحلته الأولى" ، مطمئنة في الوقت ذاته بأنها استغلت في ذلك مياه الامطار الموسمية الغزيرة التي تشهدها البلاد منذ مطلع يوليو الجاري و أنها "لم تلجأ الى خطوات اصطناعية أخرى لملئ السد". إقرأ أيضا: سد النهضة: إثيوبيا تعلن رسميا بدء ملء خزان "سد النهضة" يأتي ذلك بعدما تراجع وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي سيليشي بقلي الأربعاء الماضي عن تصريح له نقله التلفزيون، أفاد فيه ببدء ملء السد الواقع على النيل الأزرق، أحد روافد نهر النيل. وقال مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي "بات من الواضح في الأسبوعين الماضيين خلال موسم الأمطار الحالي -والذي ينتهي في سبتمبر القادم- أنه تم تحقيق ملء سد النهضة في مرحلته الأولى". وأمام مضي أديس أبابا قدما في مشروعها، أوضح رئيس الوزراء السوداني أمس خلال القمة "اعتراض السودان على الإجراءات الأحادية" بشأن سد النهضة سيما وأن هيئة مياه ولاية الخرطوم في العاصمة السودانية أعلنت أول أمس الاثنين عن "انحسار مفاجئ" في منسوب مياه نهر النيل، وخروج عدد من محطات مياه الشرب عن الخدمة. وقدم رئيس الوزراء السوداني اقترحا أمام القمة الافريقية المصغرة ، لتجاوز أحد النقاط الخلافية فيما يتصل بحق إثيوبيا في إقامة مشروعات مستقبلية ، ينص على أنه "من حق إثيوبيا إقامة أي مشروعات مستقبلية إذا ما كانت متوافقة مع القانون الدولي ، وشريطة موافقة الدول أسفل النهر (مصر والسودان)" في اشارة الى دول مصب نهر النيل. من جهتها، مصر و على لسان كبار مسؤولها، شددت على ضرورة تحقيق تقدم على صعيد القضايا الخلافية الجوهرية عبر التوصل الى اتفاق "عادل ومتوازن" من شأنه أن يحقق المصلحة المشتركة بين الدول الثلاث. وفي ظل استمرار الخلافات مع اثيوبيا و اعلان هذه الاخيرة رسميا بدء ملئ سد النهضة ، أعلنت مصر أمس "خطة شاملة لترشيد استهلاك المياه". و تخشى مصر المساس بحصتها السنوية من مياه نهر النيل البالغة 55.5 مليار متر مكعب، وتطالب باتفاق حول ملفات، بينها أمان السد وتحديد قواعد ملئه في أوقات الجفاف وآلية فض النزاعات مستقبلا ، ومدى إلزامية الاتفاق، فضلا عن كيفية إدارة وتشغيل السد المائي على النيل الأزرق. و أمام القمة المصغرة بشأن سد النهضة ، شدد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي على أنه من "الضرورة القصوى" أن تتوصل مصر وإثيوبيا والسودان "لاتفاق يحفظ مصالح كافة الأطراف" ،فيما كانت الجامعة العربية حثث إثيوبيا على "تأجيل خططها لملء خزان السد هذا الشهر حتى التوصل لاتفاق شامل". ويقع سد النهضة على بعد 45 كيلومترا من الحدود السودانية، وتبلغ السعة التخزينية للسد 74 مليار متر مكعب، وهي تساوي تقريبا حصتي مصر والسودان السنوية من مياه النيل. وينتظر أن يولد طاقة كهربائية تصل إلى 6000 ميجاواط. ويمتد مشروع سد النهضة على مساحة تبلغ 1800 كيلو متر مربع، ويبلغ ارتفاعه نحو 170 مترا، ليصبح بذلك أكبر سد للطاقة الكهرومائية في أفريقيا .