جسد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون الذي وقع يوم أمس الثلاثاء مرسوما يتضمن استدعاء الهيئة الناخبة للاستفتاء على مراجعة الدستور المقرر يوم 1 نوفمبر المقبل، أحد التزاماته السياسية الرئيسية التي من شأنها وضع أسس "دولة عصرية في خدمة المواطن" و "استعادة الثقة" بين الشعب و مؤسساته. ويحدد نفس المرسوم الرئاسي تاريخ المراجعة الاستثنائية للقوائم الانتخابية ل20 سبتمبر لمدة ثمانية أيام. إقرأ أيضا: الاستفتاء على مشروع مراجعة الدستور: الرئيس تبون يستدعي الهيئة الناخبة ليوم 1 نوفمبر المقبل وتمت الموافقة على مشروع مراجعة الدستور، الذي أعدته مجموعة من الخبراء في القانون الدستوري، على أساس 5.018 اقتراح تعديل صادر عن مختلف فئات المجتمع و الشخصيات الوطنية و القوى السياسية، يوم 6 سبتمبر خلال مجلس الوزراء، قبل تلقي موافقة غرفتي البرلمان على التوالي يوم 10 و 12 من نفس الشهر. و كان رئيس الجمهورية قد أكد خلال أشغال مجلس الوزراء أن مشروع التعديل الدستوري "ينسجم مع متطلبات بناء الدولة العصرية و يلبي مطالب الحراك الشعبي المبارك الأصيل" مضيفا "لذلك حرصت على أن يكون الدستور في صيغته الجديدة توافقيا في مرحلة إعداده على أوسع نطاق من خلال تمكين مختلف الأطياف الشعبية وصناع الرأي العام من مناقشته طيلة أكثر من أربعة أشهر بالرغم من القيود التي فرضتها الأزمة الصحية". وخلال دراسته في المجلس الشعبي الوطني (الغرفة السفلى للبرلمان)، كان الوزير الأول عبد العزيز جراد قد صرح بأن مراجعة الدستور ستسمح "بتجسيد الالتزامات المقررة لبناء جمهورية جديدة من خلال إصلاح شامل للدولة و مؤسساتها". وأضاف الوزير الأول أن الصيغة الجديدة للدستور تهدف كذلك إلى الفصل بين المال و السياسة و مكافحة الرشوة وجعل الجزائر "في منأى عن الانحرافات الاستبدادية والتسلطية التي عرفتها في الماضي القريب". و بتاريخ 22 فبراير 2019، تظاهر عشرات الآلاف من المواطنين بمعظم المدن الكبرى من الوطن للتعبير عن رفضهم لعهدة خامسة للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الذي تولى الحكم لمدة أكثر من 20 سنة والمطالبة بتغيير عميق في الحكم. وكان السيد عبد العزيز بوتفليقة قد سلم يوم 2 أبريل استقالته. تفادي الحكم الفردي و ضمان الفصل بين السلطات وكان الرئيس تبون الذي انتخب رئيسا للجمهورية في 12 ديسمبر 2019 قد أكد خلال أدائه اليمين الدستورية أن تعديل الدستور الذي التزم به خلال الحملة الانتخابية سيحدد العهدة الرئاسية بواحدة قابلة للتجديد مرة واحدة وسيقلص من صلاحيات رئيس الجمهورية لتفادي الحكم الفردي ويضمن الفصل بين السلطات ويخلق التوازن بينها. ويتضمن مشروع تعديل الدستور ستة محاور تتمثل في "الحقوق الأساسية والحريات العامة" و"تعزيز الفصل بين السلطات وتوازنها" و"السلطة القضائية" و"المحكمة الدستورية" و"الشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته" و"السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات". وفي مجال الحقوق الاساسية والحريات العامة يدرج النص حكما يلزم السلطات والهيئات العمومية باحترام الأحكام الدستورية ذات الصلة بالحقوق الأساسية والحريات العامة وينص على عدم تقييد الحقوق الاساسية والحريات العامة إلا بموجب قانون ولأسباب مرتبطة بحفظ النظام العام أو حماية حقوق وحريات أخرى يكرسها الدستور. كما ينص على دسترة حرية الصحافة بكل أشكالها ومنع الرقابة القبلية عليها وعلى أنه لا يمكن للقانون أن يتضمن أحكاما تعيق بطبيعتها حرية إنشاء الأحزاب السياسية. وفي مجال الفصل بين السلطات وتوازنها ينص المشروع على تكريس مبدأ عدم ممارسة أحد أكثر من عهدتين رئاسيتين متتاليتين أو منفصلتين وعلى تعزيز مركز رئيس الحكومة. وفي الفصل المخصص للحكومة تم إدراج مادة جديدة (103) تنص على ان "يقود الحكومة وزيرا أولا في حال أسفرت الانتخابات التشريعية عن أغلبية رئاسية" و"رئيس حكومة في حال أسفرت الانتخابات التشريعية عن أغلبية برلمانية". كما اقترح تحديد العهدة البرلمانية بعهدتين فقط وإلغاء حق التشريع عن طريق الأوامر خلال شغور البرلمان وإلزام الحكومة بإرفاق مشاريع القوانين بمشاريع النصوص التطبيقية لها، ودون ذلك لا تدرج قوانين المشاريع في رزنامة البرلمان. للإشارة فإن عدة قوانين صادق عليها البرلمان فيما مضى لم تطبق أبدا بسبب غياب نصوص تطبيقية. إقرأ أيضا: الاستفتاء على مشروع تعديل الدستور: الاطار القانوني لاستدعاء الهيئة الناخبة وفي مجال القضاء، يهدف الدستور إلى تعزيز استقلالية العدالة، من خلال دسترة مبدأ عدم قابلية قاضي الحكم للعزل، وعزل وزير العدل والنائب العام لدى المحكمة العليا عن المجلس الأعلى للقضاء الذي سيشمل ممثلين نقابيين عن سلك القضاة ورئيس المجلس الأعلى لحقوق الإنسان. كما يؤسس التعديل الدستوري لمحكمة دستورية بدلا من المجلس الدستوري، ويقترح دسترة السلطة العليا للشفافية ومكافحة الفساد والوقاية منه وكذا استقلالية السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات. هذا ويشمل نص القانون مقترحات أخرى من أهمها دسترة الحراك الشعبي ليوم 22 فيفري 2019 في ديباجة الدستور وحظر خطاب الكراهية وإدراج الأمازيغية ضمن الأحكام التي لا تقبل التصرف وكذا دسترة مشاركة الجزائر في عمليات حفظ السلام برعاية الأممالمتحدة ومشاركتها في إرساء السلام في المنطقة في إطار اتفاقات ثنائية. وكان رئيس الجمهورية قد أكد خلال مجلس الوزراء المنعقد يوم 06 سبتمبر 2020 أن "تطبيق هذا التعديل الدستوري، إذا ما وافق عليه الشعب، يستلزم تكييف عدد من القوانين مع المرحلة الجديدة ضمن منظور الإصلاح الشامل للدولة ومؤسساتها واستعادة هيبتها".