تؤسس المواد الجديدة المتعلقة بالمجتمع المدني ضمن وثيقة مشروع التعديل الدستوري ل"تغيير عميق" في دور الجمعيات و مكانتها لا سيما في مرافقة جهود التنمية والمشاركة فيها، كما أكده أساتذة جامعيين وفاعلين في الحركة الجمعوية. وتعتبر هذه الإضافة الدستورية "تكريسا لارادة فعلية" في ترقية المجتمع المدني في سياق تعزيز بناء مجتمع ديموقراطي تعود فيه الكلمة إلى المواطن، وفق تصريحات جامعيين و ممثلين عن جمعيات لوأج، متفقين على أن مشروع تعديل الدستور الذي سيعرض على الاستفتاء الشعبي في الفاتح نوفمبر القادم يتضمن مواد جديدة "تراعي المكانة المستحقة للمجتمع المدني وتؤكد دعم وتشجيع الدولة لدوره في التسيير التشاركي للشأن العام". وفي هذا الشأن، أكد أستاذ القانون الدستوري بالمركز الجامعي للنعامة، الدكتور خلواتي منصف، أن هذه المواد الجديدة "تنسجم وتطلعات المواطنين المتعلقة بأخلقة العمل الجمعوي وفرض منطق الرقابة والمتابعة وتكافؤ الفرص داخل المجتمع في شكل يضمن محاربة كل أشكال الإقصاء" لافتا من جانب أخر إلى "أنها تحرر فعاليات الحركة الجمعوية من كل القيود". وثمن المتحدث المادة المتعلقة بدسترة منع توقيف نشاط وحل الجمعيات إلا بقرار قضائي واصفا ذلك "بالنقلة النوعية" التي جاء بها مشروع التعديل الدستوري. ويرى نفس الخبير أن هذه المواد "تقترح بوضوح مكاسب معنوية جديرة بالإشادة لفائدة الناشطين في المجتمع المدني" ما يستدعي "تغيير الممارسات السابقة التي طبعتها في أغلب الأحيان المناسباتية وغياب التأثير والفعالية وتغييب للأدوار التي يفترض أن تلعبها المنظمات الجمعوية داخل المجتمع". ويربط الأكاديمي انفتاح العمل الجمعوي وفق ما يتضمنه مشروع تعديل الدستور، بمسار بناء "الجزائر الجديدة "، مؤكدا أن هذا التعديل "خطوة مهمة لمحاولة تخطي العديد من الاختلالات الكبيرة في المجتمع". من جهته، اعتبر الأستاذ الجامعي المختص في العلوم القانونية، دلباز عبد المالك، أن "ما جاءت به المادة 53 من مشروع تعديل الدستور والتي تنص على أن "حق إنشاء الجمعيات مضمون ويمارس بمجرد التصريح، "خطوة نحو تكريس ثقافة العمل الجمعوي الحقيقي"، مبينا أن ذلك "سيحول دون تأثرها بصراع التوجهات والمصالح". ودعا بالمناسبة إلى مراجعة النصوص القانونية المتعلقة بالجمعيات حتى تتماشى مع روح الدستور الجديد في حال تزكيته من طرف الشعب". وأوضح أن هذه التعديلات الواردة في وثيقة مشروع التعديل الدستوري تعد "ضرورة ملحة لإحداث قطيعة مع تداعيات الوضع السابق الذي تميز بالاستحواذ في اتخاذ القرارات". ولأن الشباب والطلبة الجامعيون "يشكلون غالبية المجتمع المدني فهم معنيون بذلك بشكل أكبر بهذا التحول الذي يرسمه مشروع تعديل الدستور الذي يؤسس لمكانة أهم للمجتمع المدني كقوة اقتراح وفاعل في التنمية الشاملة بالبلاد"، في اعتقاد ممثلي فعاليات الحركة الجمعوية. وأبرز رئيس جمعية الموالين والفلاحين بولاية النعامة، إسماعيل محمد، أن المواد الجديدة المتعلقة بالمجتمع المدني "تعد بمثابة تكريس لرؤية مستقبلية ستعيد ثقة المواطن في مؤسساته وتضمن مرافقته للسلطات العمومية في رسم مسار التنمية المحلية، كما أنها ستتيح استغلال التنوع الفكري والمعارف التي يزخر بها المجتمع المدني في بناء الجزائر الجديدة". وسيمكن إنشاء مرصد المجتمع المدني كهيئة استشارية تابعة لرئاسة الجمهورية ضمن مشروع تعديل الدستور من تذليل الصعاب التي تواجه التنظيمات والجمعيات في أداء مهامها لا سيما لإسماع صوتها وتبليغ انشغالاتها، وفق رئيس المكتب الولائي للاتحاد العام للمجتمع المدني الجزائري بالنعامة، شيحة محمد.