تجرى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في بوركينا فاسو في 22 نوفمبر المقبل في خضم تفاقم "أزمة إنسانية وأمنية" بالبلاد, و تكتل المعارضة لمواجهة ترشح الرئيس الحالي المنتهية ولايته. ويتوقع الإعلام المحلي البوركينابي أن يسيطر كل من "ملف الأمن وترسيخ الديمقراطية" على هذه الانتخابات , حيث أبدى, في شهر يوليو الماضي , 52 نائبًا من أصل 107 نائب مخاوفهم من اجراء هذا الاستحقاق في بعض مناطق البلاد بسبب تردي الوضع الأمني, حيث أكدوا إنه "من غير الآمن إجراء عملية الاقتراع في دوائرهم الانتخابية". وفي السياق, قال خبراء سياسيون ,ان " آلاف الضحايا وملايين النازحين لن يكون ضمن أولوياتهم المشاركة في هذه الاستحقاقات" ,لاسيما ازاء تزايد وتيرة هجمات الجماعات المسلحة التي أٌثارت "خوفا بالغا لدى الكثيرين في البلاد فضلا عن محاولات الجماعات المسلحة اثارة النزاع الطائفي ما يهدد الوحدة الوطنية التي حافظت عليها بوركينا فاسو لفترة طويلة"على الرغم من العمليات العسكرية المتواصلة لاحتواء أنشطة هذه الجماعات . بدوره, حذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة, في وقت سابق , من "تفاقم الأزمة الإنسانية التي يؤججها العنف المنتشر في البلاد إلى جانب التأثير الممتد لتغير المناخ الذي يجتاح بوركينا فاسو ودول الجوار في منطقة الساحل بغرب إفريقيا". وقال ديفيد بيزلي, المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي: "تتكشف أزمة إنسانية مأساوية في بوركينا فاسو أدت إلى تعطيل حياة الملايين. إن ما يقرب من نصف مليون شخص قد أجبروا على ترك منازلهم وأصبح ثلث مساحة البلد الآن منطقة نزاع." وأضاف: "أن مستويات سوء التغذية قد تجاوزت حدود حالات الطوارئ - وهذا يعني أن الأطفال الصغار والأمهات الجدد على حافة الانهيار" وأشار تقرير برنامج التغذية إلي أن أعمال العنف الدائرة في البلد شهدت زيادة ملحوظة, فقد تجاوز عدد الهجمات في النصف الأول من عام 2019 العدد الإجمالي للهجمات التي شهدها عام 2018, وسجلت حالات الوفيات بين المدنيين أربعة أضعاف العدد المسجل عام 2018. وأدت المستويات المتفاقمة من انعدام الأمن إلى إغلاق المدارس وهجرة المزارعين لحقولهم بحثاً عن الأمان - هذا في بلد يعتمد فيه 4 من كل 5 أشخاص على الزراعة كسبيل لكسب عيشهم و أُجبر ما لا يقل عن 486 ألف شخص على الفرار من ديارهم. اقرأ أيضا : الجزائر تبدي استعدادها لمرافقة بوركينافاسو في مكافحة الارهاب تكتل المعارضة لمواجهة ترشح الرئيس الحالي وفي سياق هذه التحديات الامنية ,تستعد بوركينا فاسو لإجراء هذه الاستحقاقات في موعدها المحدد, حيث قدرت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات العدد النهائي للسجل الانتخابي للانتخابات المزدوجة (الرئاسية والتشريعية) بأكثر من 6 ملايين شخص, مؤكدة قبول 14 ملف ترشح للانتخابات الرئاسية من أصل 23 ملف ترشح. وقال رئيس اللجنة نيوتن أحمد باري -خلال مؤتمر صحفي- إن هذه القائمة ستحال إلى المجلس الدستوري "الذي سيبحث أولا في الطعون المحتملة قبل نشر القائمة النهائية". وللرئيس الحالي, روك مارك كريستيان كابوري, المنتهية ولايته, والذي يسعى الى فترة رئاسية ثانية, العديد من المرشحين المنافسين, حيث يأتي ترشحه رغم "انتقاد واسع النطاق لتعامله مع الوتيرة المتزايدة للهجمات الارهابية منذ 2016 في البلاد" , وفقا لتقارير صحفية. وقال رئيس الحركة الشعب من أجل التقدم (الحزب الحاكم) ,بالنيابة سيمون كومباوري," نيتنا باتت واضحة جدا ... ويتعلق الأمر بإحراز الفوز من جديد في ظل الانضباط والانسجام لمنح الرئيس كابوري, أغلبية مريحة جدا حتى يواصل تنفيذ مشروعه السياسي لتمكين كل بوركينابي من قطف ثمار النمو", و"حتى وان أثرت التحديات الامنية والاجتماعية وتفشي كوفيد- 19 والعديد من العوامل الاخرى سلبا على تطبيق برنامج الرئيس" يضيف بدوره السكرتير التنفيذي للحزب. كما ترشح أيضا في هذا الاستحقاق, زعيم المعارضة, زفيرين ديابري, رئيس حزب الاتحاد من أجل التقدم والتغيير الحزب المعارض الرئيسي في البلاد,وهو وزير مالية سابق, وكان معارضًا رئيسيًا لكابوري عام 2015. وقد وعد بإجراء " تغيير حقيقي" في حال فوزه في الاستحقاق, هذا بالإضافة الى ترشح ديزاير أويدراغو, وهو رئيس وزراء سابق , ورجل الأعمال إيدي كومبوغو وغيرهم من المرشحين بينهم شخصيات مستقلة . ولمواجهة الرئيس الحالي, كريستيان كابوري, وقعت المعارضة البوركينية اتفاقا سياسيا وبموجب بنوده , فإن الأطراف الموقعة "تلتزم بدعم الحزب الذي قد يتأهل إلى الجولة الثانية وإعلان هذا الدعم للحزب المتأهل في غضون 24 ساعة من الإعلان النهائي للنتائج. وفي حالة تأهل حزبين سياسيين موقعين على هذه الاتفاقية إلى الجولة الثانية, تكون لكل حزب موقع حرية اختيار الحزب الذي سيدعمه". ووقع على هذا الاتفاق مرشحون للانتخابات الرئاسية, من بينهم زفيرين ديابري, زعيم المعارضة, وجيلبرت نويل ويدراوغو, وغيرهم من الاحزاب و الشخصيات السياسية الاخرى , لكن محللون سياسيون يقولون أن "المعارضة تعاني من انقسام قبيل هذه الانتخابات , وهو أمر يصب في مصلحة كابوري". وأكدوا أنه " باعتبار طبيعة الديمقراطية الناشئة في بوركينا فاسو, فان الأحزاب السياسية تظل منظمات ضعيفة نسبيًّا, لها شبكات وطنية محدودة" ,وأضافوا, أنه " مع تطور المؤسسات السياسية, فمن المحتمَل أن يكون هناك الكثير من التحولات والانعطافات حتى انتخابات نوفمبر ".