تخوض بوركينافاسو بعد غد الأحد أول انتخابات حرة في تاريخها و التي يفترض ان تنهي المرحلة الانتقالية و تفتح أبواب التغيير "الحقيقي"، في بلد يتجه نحو إعادة نظامه الدستوري، في ظل رهانات سياسية و اقتصادية وأمنية هامة. و يدلي حوالي 5 ملايين و 500 ألف بوركينابي بأصواتهم لاختيار رئيسا للبلاد من بين 14 مترشحين و 127 نائبا ممثلين لهم من ضمن 6.944 مرشح في الانتخابات التشريعية خلفا ل90 عضوا في المجلس الوطني الانتقالي (البرلمان الانتقالي). وتأتي هذه الاستحقاقات بعد أكثر من عام على الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بنظام الرئيس السابق بليز كومباوري الذي حكم 27 عاما، وبعد شهرين على فشل الانقلاب العسكري الذي نفذه عسكريون موالون له و الذين سرعان ما أعادوا الحكم للمدميين في "اقصر" انقلاب عسكري ينفذ في تاريخ إفريقيا السياسي. و كان مقررا ان تجري هذه الاستحقاقات في 11 أكتوبر الماضي، لكنها تأجلت بسبب محاولة الانقلاب الفاشلة التي هزت أركان الدولة في 16 سبتمبر أي قبل 3 أيام من بدء الحملة الانتخابية. حملة في جو هادئ و تباين بين المتنافسين تتسارع وتيرة الحملة الدعائية التي تختتم غدا السبت وهو اليوم الذي تدخل فيه البلد مرحلة الصمت الانتخابي استعدادا لانطلاق الاقتراع. و جندت السلطات أكثر من 25 ألف شرطي ودركي وعسكري لتأمين الحملة الانتخابية التي لآبدات يوم 8 نوفمبر الجاري. و حسب تطلعات الرأي فان المرشحين روش مارك كريستيان كابوري عن "الحركة الشعبية من اجل التقدم" و زيفيري ديابري عن "الاتحاد من اجل التقدم والتغيير" يبقيان الافران حظا في الفوز في الرئاسيات نظرا لسيطرتها على المشهد الانتخابي من خلال الحملة التي عرفت "تفاوتا" ما بين المترشحين. وقد جاب المترشحون ال14 إرجاء بوركينا فاسو في إطار الدعاية الانتخابية، حيث تركزت مختلف التجمعات في المناطق الريفية و المدن الكبرى و العاصمة واغادوغو. وجرت الحملة الانتخابية في جو من الهدوء في ظل انعدام التوترات السياسية رغم المخاوف من حدوث اهتزازات بسبب بإقصاء رموز النظام السابق من السباق الرئاسي، و الذين كانوا وراء الانقلاب الفاشل. إلا أن هؤلاء يسمح لهم الترشح في الانتخابات البرلمانية التي تجري بالموازاة مع الاستحقاقات الرئاسية. و تعهد زيفيري ديابري باستثمار أكثر من 1.800 مليار فرنك إفريقي في مكافحة بطالة الشباب إذا ما تم انتخابه، و إنشاء مصرف "خاص بالنساء"، بينما وعد منافسه كابوري بقبول نتائج الاقتراع التي يتوقع الإعلان عنها في 30 نوفمبر الجاري أي بيوم من إجراء الاقتراع. ووجه النائب العام تحذيرا إلى المرشحين من مغبة أي خرق لبنود قانوني العقوبات والانتخابات خلال الحملة الانتخابية الجارية حاليا. و رصدت السلطات البوركينابية مبلغ 25 مليون فرنك (أي ما يعادل 38 ألف يورو) لكل مرشح، لدعم الحملات الانتخابية لضمان مبدأ تكافؤ الفرص. و التزم المترشحون بالأساليب التي يضبطها القانون الانتخابي الذي اعتمده (البرلمان المؤقت) في 7 ابريل الماضي والذي يقطع مع الأساليب الانتخابية القديمة، و يحظر توزيع الشعارات و الملابس التي تحمل صور المرشحين و شعارات الأحزاب. دعوات من اجل اقتراع "هادئ" و" شفاف " حذر "التحالف الوطني لمحاربة غلاء المعيشة والفساد والغش ولحماية الحريات" وهو منظمة نقابية رئيسية في بوركينا فاسو المرشحين ال14 من "الإضرار" بالوئام الوطني، فيما حث مجلس الحكماء في بوركينا فاسو الفاعلين السياسيين المنخرطين في السباق الرئاسي المرتقب "على العمل من أجل انتخابات شفافة وهادئة وذات مصداقية". و يذ كر أن المجتمع المدني البوركينابي لعب دورا هاما في الانتفاضة الشعبية ضد نظام بليز كومباوري وقاوم المحاولة الانقلابية بعد ذلك، و فاز بجائزة غرب إفريقيا للدفاع عن حقوق الإنسان لسنة 2015. و تحسبا لاي انفلات امني قررت بوركينا فاسو غلق حدودها يوم إجراء الانتخابات العامة المقررة يوم الأحد المقبل مع تجنيد فرق أمنية و عسكرية لتامين العملية الانتخابية الاقتراع. و أعلن الوزير المكلف بالأمن ألان زاغري أن 000ر 25 عنصر امن تم تجنيدهم عبر كامل إرجاء البلاد لتامين هذه الانتخابات و تحسبا لاي طارئ امني. و من المقرر ان تنشر المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس) 133 مراقبا برئاسة الرئيس الانتقالي السابق لغينيا بيساو مانويل سيريفو نهاماجو لمتابعة سير الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة. و اعلن الاتحاد الاوروبى عن نشر اكثر من 80 مراقبا بينهم 24 لمدى طويل لمراقبة الانتخابات الرئاسية و التشريعية المقررة يوم 29 نوفمبر الجاري. يذكر انه منذ الإطاحة بحكم الرئيس السابق بليز كومباوري دخلت بوركينا فاسو في مرحلة انتقالية و تم اختيار ميشيل كافوندو رئيسا مؤقتا للبلاد في أكتوبر الماضي. وفي أعقاب فشل الانقلاب العسكري الذي قاده الحرس الرئاسي الموالي للرئيس السابق ضد سلطات المرحلة الانتقالية، كادت بوركينا فاسو ان تدخل في دوامة العنف واللاستقرار إلا أن مدة الانقلاب الوجيزة حالت دون ذلك. و تم التوقيع على اتفاق بين الحرس الرئاسي الذي قاد الانقلاب ووحدات الجيش الموالية للرئيس الانتقالي كفاندو يهدف لتجنب وقوع مواجهة بين الجانبين. و مهما كانت نتيجة الانتخابات، فان البوركينابيين يتطلعون إلى أن تسهم هذه الانتخابات في إعادة السلام إلى "بلاد الشجعان" و تجاوز مرحلة التوترات و التجاذبات السياسية.