نبه المنسق الوطني لتحالف فيدرالية اليسار بالمغرب, عبد السلام العزيز, من خطر لوبي الشركات الذي أصبح متحكما في القرار السياسي بالمملكة, مستنكرا لامبالاة حكومة المخزن بما يحصل من أزمات اقتصادية واجتماعية بالبلاد وتركيزها على خدمة أجندات لوبي المحروقات وما شابههم. وحذر عبد السلام العزيز في مداخلة له بمناسبة لقاء تواصلي نظمه تحالف فيدرالية اليسار أمس الاحد, من الأزمة الخانقة التي تعرفها المملكة في مستوياتها الإقتصادية والاجتماعية, مؤكدا أن "لوبي الشركات الكبرى أصبح متحكما في القرار السياسي بالمغرب, من خلال الحكومة والبرلمان, بل وفي مؤسسات دستورية كمجلس المنافسة". و أضاف أن "كل حكومات العالم اتخذت تدابير لمواجهة غلاء الأسعار والأزمات الاقتصادية التي تواجهها شعوبهم, إلا حكومة بلادنا التي لم تكترث بما يحصل, فهي لا تخدم سوى أجندات لوبي المحروقات وما شابههم". وتستمر الازمة المعيشية بالمغرب وسط تصاعد موجة الغلاء في أسعار المحروقات التي وصلت لمستويات غير مسبوقة, وكذلك أسعار مجموعة من المواد الأساسية. وكان الشارع المغربي يعلق آمالا كبيرة على اجتماع برلماني مع الحكومة بداية شهر ابريل الجاري لمساءلتها حول "الارتفاعات المتتالية لأسعار البنزين", و اجراءاتها للخروج من عنق الزجاجة, الا ان مجلس النواب اعلن تأجيل الاجتماع "إلى أجل غير مسمى", وسط استياء ازاء تجاهل الائتلاف الحاكم لأزمة تؤرق المواطنين وتوجيه أصابع الاتهام لرئيس الحكومة عزيز اخنوش في محاولات تهربه وتلكئه في بحث زيادة أسعار البنزين. تأجيل الاجتماع يكشف "تورط" أخنوش وبعد إعلان التأجيل مباشرة, غصت منصات التواصل الاجتماعي بانتقادات لأحزاب الأغلبية, خاصة رئيسها, عزيز أخنوش, كونه أحد المستثمرين في قطاع البنزين, عبر شركته الشهيرة لبيع الوقود. وفي تعليق على هذا القرار, اعتبر الباحث في العلوم السياسية, أمين الإدريسي, أن "تأجيل هذا الاجتماع الهام هو إهانة للشعب والمؤسسة التشريعية, لأن ما تشهده البلاد في هذه الظرفية الصعبة جدا يقتضي اجتماعا عاجلا لمدارسة نقطة جد هامة, وهي ارتفاع أسعار المواد الأساسية والمحروقات". وشدد الإدريسي في حديث صحفي على أن "أسوأ ما تتميز به هذه الحكومة هو صمتها عند كل محطة حرجة, في غياب لأي مبادرة واقعية وآنية تظهر تأثيرها على المشهد الاجتماعي". وعلى مستوى أحزاب المعارضة, أعرب الفريق النيابي "للتقدم والاشتراكية" عن "قلقه إزاء تملص الحكومة من واجب المثول أمام المؤسسة التشريعية, وهروبها إلى الأمام, واختبائها من مواجهة الرأي العام, في ظل لحظة دقيقة تتسم بظروف اقتصادية واجتماعية صعبة". نفس الاتجاه ذهبت اليه المجموعة النيابية لحزب "العدالة والتنمية", التي اكدت ان "الحكومة تتهرب من التواصل ومن مساءلة البرلمان حول المواضيع التي تؤرق المواطنين, وعلى رأسها التهاب الأسعار وبالخصوص أثمنة المحروقات, وتوضيح أسباب هذا الغلاء المتصاعد والزيادات المتتالية للمواطنين". وسجل عضو المجموعة, مصطفى إبراهيمي, أن "شركة رئيس الحكومة وباقي الشركات العاملة بقطاع المحروقات تحقق اليوم أرباحا خيالية, وهذا نموذج سيء لتدبير الأزمات من لدن الحكومة". وهنا تجدر الاشارة الى أن مجلة "فوربس" المتخصصة في إحصاء ثروات أغنياء العالم, ذكرت إن ثروة عزيز أخنوش زادت بنحو 100 مليون دولار ليصل إجمالي ثروته إلى 2 مليار دولار. وصنفت المجلة أخنوش في المرتبة ال14 من بين أغنى أغنياء العرب عام 2022, بينما جاء مواطنه عثمان بنجلون, مالك بنك محلي, في المرتبة ال18 بثروة ناهزت 1.3 مليار دولار. ومع تجاهل الحكومة لمطالب الشعب في العيش بكرامة, دأبت التقارير الحقوقية بالمملكة على وصفها ب"حكومة التفقير والتهميش و ارهاب الشعب". وفي هذا الشأن يقول جمال العسري, عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد, أنه الى جانب عامل قوة لوبي المحروقات, "هناك عامل لا يقل أهمية عنه هو رئاسة الحكومة من قبل أخنوش, صاحب إحدى أكبر شركات المحروقات بالمغرب, إن لم نقل أكبرها", موضحا انه استنادا لهذا, "يمكن للمتابع أن يفهم أكثر سبب اتخاذ الحكومة لموقف المتفرج من هذا الإرتفاع الفاحش لأسعار المحروقات, ويفهم أكثر هذا التأجيل لجلسة برلمانية كان المفروض أن تناقش غلاء المعيشة و ارتفاع الأسعار بالمغرب, بل ويفهم أكثر هذا الصمت الطويل للجنة التي عينها الملك لمراجعة قرار مجلس المنافسة في أرباح شركات المحروقات". و امام هذه المعطيات, يقول العسري, "من حق المواطن البسيط أن يربط بين نار الغلاء الذي يكتوي به و بين الملايير التي تجنيها هذه الشركات من هذا الإرتفاع", حيث يؤكد العديد من الإقتصاديين المختصين بقطاع المحروقات أن أرباحها تجاوزت ال45 مليار دولار.