تتعمق الأزمة الإنسانية غير المسبوقة في قطاع غزة المحاصر بسبب استمرار العدوان الصهيوني لليوم السادس عشر على التوالي و ارتكاب الكيان المحتل لمجازر جديدة بحق الفلسطينيين, بالموازاة مع شح كبير في المساعدات و انعدام الممرات الإنسانية. و يكثف الاحتلال الصهيوني منذ ليلة أمس السبت من الغارات العنيفة دون هوادة, مستهدفا مناطق عدة من قطاع غزة, في الوقت الذي يستعد فيه للمرحلة المقبلة من هجومه على القطاع, حيث أبلغ أهالي شمالي غزة بضرورة مغادرة بيوتهم والتوجه إلى الجنوب. و أفادت مصادر فلسطينية بسقوط 10 شهداء على الأقل وعدد من الجرحى في قصف صهيوني وسط خان يونس, جنوبي قطاع غزة, فيما استهدفت طائرات الاحتلال مسجدا بمخيم جباليا, شمالي القطاع ودمرته بالكامل, ما تسبب بدمار واسع في المنازل المحيطة. و بالضفة الغربية المحتلة, تعرض مخيم جنين فجر اليوم لقصف باستخدام الطائرات الحربية, خلف 6 شهداء, إضافة إلى عدد من الشهداء في نابلس وطمون والخليل. و استشهد 29 مواطنا فلسطينيا و أصيب عشرات آخرون بجروح مساء أمس في مناطق مختلفة من قطاع غزة, علاوة على تدمير المباني السكنية, حيث تم هدم 5500 مبنى سكني بصورة كلية كانت تضم 14200 وحدة سكنية, بالموازاة مع اعتقال قوات الاحتلال الصهيوني, اليوم الأحد بالضفة الغربية, ل62 فلسطينيا. و لم يسلم الأطفال من جحيم الآلة الإجرامية الصهيونية, وهم الذين يدفعون ثمنا باهظا لهذا العدوان الغاشم, حيث استشهد 1661 طفلا بقطاع غزة منذ 7 أكتوبر, تاريخ بداية العدوان, إضافة إلى 27 طفلا بالضفة الغربية في الفترة ذاتها, أي بمعدل 120 طفلا يوميا, حسب الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال في فلسطين. مع الإشارة الى أن أعداد الشهداء (4741) بمن فيهم الأطفال في قطاع غزة , لأن هناك نحو 1400 شخص في عداد المفقودين تحت أنقاض المباني المدمرة, ما يعني أن الحصيلة الفعلية أعلى بكثير. دعوات لفتح المزيد من الممرات الإنسانية و في هذه الأثناء, تزداد الدعوات بضرورة فتح المعابر والممرات الإنسانية الآمنة والمستدامة لدخول الإمدادات الضرورية لأهالي القطاع الذين يعيشون أوضاعا مأساوية, حيث لم تدخل لحد الآن سوى 20 شاحنة أمس السبت و 17 أخرى اليوم الأحد, ويرى مسؤولون أمميون أن هذا العدد "محدود جدا", اذ يرغبون في دخول 100 شاحنة يوميا لإغاثة 4ر2 مليون نسمة من سكان غزة المحرومين من كل شيء. و من هذا المنطلق, أكدت المتحدثة باسم الهلال الأحمر الفلسطيني, نيبال فرسخ, الحاجة إلى إدخال المزيد من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة المحاصر بشكل كامل منذ 7 أكتوبر, مشددة على أهمية إدخال الوقود ضمن المساعدات لتشغيل مستشفيات القطاع التي خرجت مؤخرا عن الخدمة. و اعتبرت أن الدفعة الأولى من المساعدات "غير كافية على الإطلاق" لسد احتياجات الفلسطينيين المتضررين من الانتهاكات الصهيونية المستمرة على غزة, لافتة في الوقت نفسه إلى إغلاق 24 مركزا طبيا حتى هذه اللحظة بسبب نفاد الوقود أو القصف الصهيوني. من جهته, وصف ممثل منظمة الأممالمتحدة للطفولة (اليونيسف) في مصر, جيريمي هوبكنز, قافلة المساعدات التي دخلت إلى قطاع غزة ب"قطرة في بحر", بالنظر إلى الحجم الهائل للاحتياجات الإنسانية, داعيا إلى فتح ممر إنساني بشكل مستدام و الى وقف عدوان الاحتلال الصهيوني بشكل فوري, "لأنه السبيل الوحيد الذي يمكن العاملين في المجال الإنساني من إيصال المساعدات بأمان". و حطت طائرات تابعة لقوات الجيش الوطني الشعبي المحملة بالمساعدات الإنسانية والاستعجالية الموجهة إلى قطاع غزة, بمطار العريش بمصر, حيث أشرف الهلال الأحمر الجزائري فجر اليوم الأحد على شحن المساعدات انطلاقا من القاعدة الجوية العسكرية ببوفاريك (البليدة) عبر جسر جوي أمر به أمس السبت رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون. و تتمثل هذه المساعدات في 60 طنا منها 6 أطنان من الأدوية, فيما تتوزع باقي المساعدات بين أغذية, أفرشة وأغطية سيتم إدخالها لغزة عبر معبر رفح. و أمام التطورات المأساوية في القطاع, حذرت خمس وكالات أممية من أن الوضع الإنساني بات "كارثيا", مؤكدة أن المستشفيات "تضيق" بالجرحى و أن الأطفال "يموتون بوتيرة مقلقة", داعية المجتمع الدولي الى "القيام بالمزيد" لمساعدة المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة.