حظي المجاهد الراحل الدكتور بيار شولي بتكريم مميز اليوم السبت بسينيماتيك "لو مونديال" بتيزي وزو، من خلال عرض الفيلم الوثائقي الطويل "المواطن بيار شولي" الذي يتطرق للمسار النضالي لهذا الطبيب المجاهد. ويتناول هذا العمل و مدته 63 دقيقة, للمخرج سعيد مهداوي، الذي تم عرضه عشية الاحتفال بيوم الشهيد (18 فبراير)، مسيرة هذا المجاهد وتجنده من أجل تحرير البلاد من نير الاستعمار، ثم مساهمته في بنائها بعد الاستقلال. و أكد السيد مهداوي خلال النقاش الذي تلا العرض "الأهمية القصوى" لهذا الفيلم الوثائقي ، باعتباره " ثمرة مسيرة طويلة ومجهود كبير للتغلب على تواضع بيار شولي لإقناعه بإنجاز هذا الفيلم"، مشيرا إلى أن الهدف من هذا العمل الفني هو "نقل إرث الذاكرة و الذاكرة كموقع للنضال". و يروي هذا الفيلم الذي استهله المخرج بمشهد لتشييع جنازة البروفيسور شولي في أكتوبر 2012، من خلال شهادات مؤثرة، "المسار العكسي الذي مكن الطبيب المجاهد من التحرر من مأزق الواقع الاستعماري لاستكشاف مسارات جديدة". و سلط هذا العمل الضوء على مسيرة المجاهد شولي منذ ولادته إلى غاية انخراطه في حرب التحرير الوطنية مرورا بوعيه و إدراكه للبؤس و الشقاء اللذان صنعهما نظام استعماري. كما أكدت نفس الشهادات "المبادئ الإنسانية التي كانت تسير بشولي في اتجاه التاريخ"، موازاة مع اكتشافه للواقع الاجتماعي للجزائريين ولقائه مع نشطاء الحركة الوطنية وشباب الكشافة، ليتحول "تعاطفه شيئا فشيئا إلى قناعات" ثم إلى "رغبة في التجند" منذ سنوات الخمسينيات. و شكلت تلك الفترة فرصة بالنسبة له لربط صداقات مع العديد من قادة الثورة المستقبليين، على غرار سعد دحلب وبن يوسف بن خدة، ثم في وقت لاحق عبان رمضان ومحمد بوضياف و فرانس فانون والعربي بن مهيدي وكريم بلقاسم. و مباشرة بعد اندلاع الثورة الجزائرية، إلتحق شولي رفقة زوجته كلودين غيو بشبكات الدعم و الجمع و تكوين الممرضين. و بعد انكشاف نشاطه، تم توقيف شولي و ترحيله إلى فرنسا شهر فبراير 1957، قبل لقائه بإخوانه في النضال في تونس و التحاقه بهيئة تحرير جريدة المجاهد (لسان حال الثورة) إلى جانب رضا مالك ومحمد يزيد. كما تطرق نفس الفيلم أيضا إلى مساهمة بيار شولي في أعقاب الاستقلال، في بناء النظام الصحي الوطني، سيما تجنده الكبير في مكافحة مرض السل الذي كان جد منتشر آنذاك ، كنتيجة حتمية لمخلفات الاستعمار الغاشم. و أكدت نادية آيت خالد، التي تعتبر من تلميذات بيار شولي في الستينيات، لدى افتتاح كلية الطب التي كان أحد مؤسسيها، "أن إلتزام هذا الطبيب المجاهد لم يكن علمي محض". وتلا هذا العرض الذي نظمته سينيماتيك تيزي وزو بالتعاون مع المركز الجزائري لتطوير السينما، نقاش مثمر تناول مسائل الذاكرة والالتزام.