يتصاعد الغضب الشعبي في المغرب نتيجة السياسات القمعية التي يتعمد المخزن انتهاجها، حيث تتزايد الانتهاكات لحقوق الإنسان بشكل لافت، تتجلى في الاعتقالات التعسفية وتقييد الحريات والتضييق، وسط تجدد المطالب بوقف هذا النهج الذي يفاقم التوتر، مع التشديد على ضرورة احترام الحريات وضمان العدالة والكرامة. وفي هذا السياق، سجلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان استمرار الانتهاكات الحقوقية بالمغرب على أكثر من مستوى، مجددة المطالبة بإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين ووضع حد للاعتقال التعسفي لأسباب سياسية أو فكرية. وشجبت الجمعية -في بيان لمكتبها المركزي- الأحكام القضائية التي تراوحت بين العقوبات بالسجن والغرامات ضد المتابعين في أحداث الهجرة غير الشرعية لآلاف المغاربة الذين حاولوا الفرار من مدينة الفنيدق إلى سبتة بالجيب الاسباني، في 15 سبتمبر الماضي، هربا من الفقر المدقع وضنك المعيشة، أو ما يسمى ب"الهروب الكبير", رافضة محاكمة مجموعتين منهم جنائيا، بينهم أجانب وقاصرون. ودعت الجمعية، السلطات المغربية لاحترام التزاماتها القانونية الدولية المؤطرة لحقوق المهاجرين، لافتة إلى الواقع الاجتماعي الذي يطبعه تصاعد معدلات البطالة ولا سيما في صفوف الشباب، مع التعبير عن قلقها لأوضاع المهاجرين بالمغرب على إثر ما تتعرض له حقوقهم من انتهاكات متواترة ومس بكرامتهم، "تنفيذا لرغبة أوروبا التي تدفع المغرب ليستمر في لعب دور الدركي لحراسة حدودها الجنوبية". ونددت الجمعية بمتابعة ومحاكمة طلبة الطب على خلفية الوقفة الاحتجاجية التي نظموها يوم 26 سبتمبر المنصرم، بمعية الأطباء الداخليين والمقيمين أمام المستشفى الجامعي بالرباط، وطالبت باحترام حق الاحتجاج والتفاعل مع مطالب الطلبة بالحوار بدل العنف الذي سيزيد من تعميق الأزمة. كما أدانت الجمعية الحكم الصادر ضد الناشطة الحقوقية سميرة قاسمي، عضو فرعها بمدينة صفرو، والقاضي بإدانتها بثلاثة أشهر حبسا نافذا وغرامة مالية على خلفية تدوينات. ومن جهة أخرى، عبرت الجمعية الحقوقية عن رفضها المطلق لمشروع القانون التنظيمي للإضراب "الذي يكبل ويجرم حق ممارسة الإضراب الذي تكفله كل المواثيق الدولية", واعتبرته "انتهاكا للحريات النقابية وتكريسا للاستغلال", معلنة انخراطها في جميع المبادرات التي تناهض سعي الدولة لتمريره إلى جانب باقي القوانين الأخرى المتعلقة بالتقاعد أو قانون الإجراءات المدنية والقانون الجنائي وقانون الأسرة وغيرها. من جهتها، عبرت الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين (همم) عن قلقها وتنديدها، بواقعة توقيف منسقها الوطني فؤاد عبد المومني، المتابع في حالة سراح بعد الاحتفاظ به ليومين تحت تدبير الحراسة النظرية، معتبرة أن اعتقاله "تعسفي يهدف إلى قمع حرية الرأي والتعبير، في سياق حملة قمعية ممنهجة". وقالت الهيئة، في بيان لها، أن "إيقاف عبد المومني بالقوة وحجز هاتفه وانتهاك سرية مراسلاته وتفتيشه دون وجود أي مقرر قضائي، ودون إخطار مسبق له، واستخدام القوة لنقله إلى مدينة الدار البيضاء في خرق سافر للقانون، يعكس استغلالا للسلطة وينتهك ضمانات المحاكمة العادلة وحقوق المتهمين المكفولة بموجب القانون المغربي والدولي". واستنكرت "همم" حملة التشهير به المستمرة عبر وسائل إعلام مقربة من السلطة، مؤكدة أن الحملة "مس خطير بكرامته وتندرج ضمن إساءة استعمال السلطة التي يجرمها الدستور والمواثيق الدولية". وأوضحت الهيئة أنه "تم احتجاز فؤاد عبد المومني من الشارع العام، بواسطة قوة أمنية، دون أن يبلغ بأي استدعاء مسبق مدعين أنهم سيأخذونه إلى مركز أمني، ليفاجأ بعد ذلك باقتياده قسرا إلى مدينة الدار البيضاء وتقديمه للمحاكمة هناك، في تجاوز واضح لقواعد الاختصاص الثلاثي والمتمثلة في مكان ارتكاب الفعل أو مكان إلقاء القبض أو موطن إقامة المشتبه فيه, مما يجعل هذا الإجراء خارج إطار القانون ويعكس توجها سلطويا لا يحترم حقوق الأفراد ويؤكد الطابع التعسفي لهذا الإجراء".