أكد رئيس لجنة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بمجلس الأمة وأستاذ العلاقات الدولية والعلوم السياسية, محمد عمرون, يوم الثلاثاء بالجزائر العاصمة, أن حماية العملية الانتخابية من التدخلات الأجنبية يعني حماية الديمقراطية واستقرار الدول, مشددا على أن الأمر يتحقق من خلال "استجابة استباقية متكاملة" لمعالجة هذه الظاهرة في العالم. وقال السيد عمرون في محاضرة بعنوان "تنامي ظاهرة التدخل الأجنبي في المسارات الانتخابية وتداعياتها على الأمن القومي الديمقراطي للدول: أي استراتيجية للجزائر؟" خلال لقاء نظمته السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات, أن "العملية الانتخابية ركيزة أساسية وجوهرية في العملية الديمقراطية (...) وحمايتها يعني حماية الديمقراطية واستقرار الدول". وشدد على أن مواجهة جملة التحديات التي تواجه المسار الانتخابي للدول بسبب التدخلات الأجنبية يكون ب"استجابة استباقية متكاملة, سياسيا وقانونيا وتنظيميا وتكنولوجيا". وذكر, استنادا إلى تقرير مركز الأمن المعلوماتي الكندي, أن "151 عملية انتخابية في العالم عرفت محاولة تدخل أجنبي في مسارها", وهو ما يستدعي --مثلما قال-- دراسة هذه الظاهرة العالمية وتحليلها وفهمها وإيجاد طرق معالجتها. وتوقف المحاضر عند أشكال التدخل الأجنبي في العملية والمسارات الانتخابية وأهدافه وأسباب تعاظمه, معرجا على تداعياته وأثره على الأمن الوطني للدول والمسار الديمقراطي, وصولا إلى سبل المواجهة, مشيرا الى وجود أزيد من 1,5 مليار معلومة مغلوطة في وسائل التواصل الاجتماعي يوميا يقدمها 5 في المئة من المستخدمين. كما عدد جملة من الأشكال الأخرى, على غرار الهجمات السيبرانية, التمويل السياسي الخارجي, الفوضى الأمنية, الذكاء الاصطناعي والتزييف العميق وكذا الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية. وفيما يتعلق بالأهداف من وراء التدخل الأجنبي في المسارات الانتخابية للدول, فقد لخصها المتحدث في توجيه الانتخابات إلى مسار معين وفرض أجندات خارجية وزرع الانقسام الداخلي, ناهيك عن تقويض الشرعية السياسية ومنه جعل المؤسسات والدولة المعنية ضعيفة بعد وضعها في بيئة مضطربة. وعن تداعيات التدخلات الأجنبية على الأمن القومي, قال السيد عمرون أن الأمر يؤدي إلى "فقدان الثقة في العملية الانتخابية وإضعاف القرار السياسي وتشويه الممارسة الديمقراطية وكذا إشعال الصراعات الداخلية وإثارة الفساد والانقسام داخل المؤسسات". وقدم جملة من سبل مواجهة التدخل الأجنبي في المسار الانتخابي, مبرزا أن الأمر يندرج ضمن استراتيجية وطنية كبرى ويكون من خلال جملة من الإجراءات ومن بينها "تعزيز الأمن السيبراني, تحسين الأنظمة الانتخابية, ضبط الإعلام الرقمي, إضافة إلى تبادل الخبرات والتعاون الدولي وتعزيز الأطر التنظيمية والقانونية". كما شدد على ضرورة رفع الوعي لدى المواطن, باعتباره "حجر الزاوية لأي مسار انتخابي ناجح ونزيه", موضحا أن الناخب الجزائري هو من يقع على عاتقه "البحث عن المعلومة لكي لا يكون مستهلكا سلبيا". من جهته, أشار رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات بالنيابة, السيد كريم خلفان, في كلمة له بالمناسبة, إن هذه الندوة تأتي في "سياق حساس تشهد فيه الجزائر والمنطقة تحديات متعددة". وأشار إلى تأكيد العديد من الفاعلين والسياسيين والملاحظين وجود تدخلات أجنبية تهدف إلى "التأثير على المسارات الانتخابية الوطنية, ما يستوجب تعزيز الوعي الوطني وتطوير استراتيجيات فعالة لمواجهة هذه الظاهرة بما يحفظ أمننا القومي ويصون ديمقراطيتنا". وأعرب عن إيمانه بأن الحوار "المفتوح والمستنير" حول هذه الظاهرة هو "السبيل الأمثل" لتعزيز صمود الجزائر ورص جبهة داخلية موحدة لمواجهة التحديات وضمان استمرار المسار الانتخابي الديمقراطي للوطن.