تشكل الهجرة عاملا أساسيا "للتبادل الثقافي واللغوي و الحضاري" حسبما أكد علماء اجتماع في ملتقى وطني نظم يوم الاثنين بقسنطينة. وفي الجلسة الإفتتاحية للأشغال تطرق الأستاذ كمال فيلالي مدير مخبر الدراسات السوسيو-تاريخية حول الهجرة و الحراك إلى آثار الهجرة على الهوية الوطنية التي تتعرض -حسبه- لانعكاسات سلبية على حراك الهجرة و المنفى و الإقصاء و الإبعاد وحتى على الاحتلال. و لاحظ المتدخل أن الهجرة "ليست مرادفة فقط للتداخل المتبادل و التفاعل المتقاسم و بناء لتحرر المجتمع الأصلي الذي يؤثر على الآخر و يتعرض بدوره لتأثيره و لكن بإمكانه أن يشكل أيضا عاملا للتعدد اللغوي و التفسخ و التدني الثقافي". واستدل مدير ذات المخبر و هو أيضا أستاذ لعلم الاجتماع التاريخ بجامعة منتوري في طرحه على التاريخ المعاصر للهجرة الوطنية نحو "بلاد الشام الكبرى" و الشرق الأوسط تحديدا. وتطرق الأستاذ فيلالي بالمناسبة على حالة "الإسهام الإيجابي و البناء" للفتوحات العربية-الإسلامية للفاطميين في بلدان المغرب العربي من بينها الجزائر. ومن جهته تناول الأستاذ فضيل دليو مدير مخبر البحث في علم اجتماع الاتصال و رئيس اللجنة العلمية لكلية العلوم الإنسانية بجامعة منتوري موضوع الظاهرة السوسيولوجية للهجرة و اللغة بإسبانيا. وأشار في هذا السياق إلى علاقات التفاعل و الانشقاق بين المهاجرين و المجتمع الإسباني المشخص في مراجع تاريخية عميقة للتعايش بين الثقافات و التعدد اللغوي المشترك بين العرقين الإسباني و العربي. وتمت الإشارة كذلك من طرف الأستاذ دليو إلى أثر الهجرة على التحرر و التعدد اللغوي الذي أبرز بالأساس التفاعل الاجتماعي و الوضعية اللغوية للمهاجرين العرب و الإسبان. وتتضمن أشغال هذا الملتقى الذي يدوم يومين محاور أخرى على غرار انعكاسات تداخل هذه الظاهرة السوسيولوجية على اللغة و الثقافة و المنظومة التربوية و حتى على الاتصال التي تشكل في مجموعها القواعد الأساسية للهوية الوطنية.