لا تزال الكثير من أنواع الألعاب التقليدية المتوارثة عن الأجداد منتشرة في أوساط سكان مناطق ولاية تندوف والذين يمارسونها أكثر خلال شهر رمضان في جو من التسلية والترفيه. وتشكل هذه الألعاب التقليدية مناسبة للإلتقاء فيما بين هؤلاء السكان مما يعمق العديد من مظاهر التضامن بين المواطنين ويحمي الرسالة الاجتماعية التي يرمز إليها هذا الموروث كما يرى أحد المهتمين بهذا النوع من التراث القديم. وقد برزت العديد من الجمعيات المحلية التي أخذت على عاتقها الإهتمام بهذا النوع من الألعاب من خلال إعادة إحياء و بعث الكثير منها في أوساط الشباب لأجل المحافظة عليها وإبرازها كرصيد ثقافي تزخر به هذه المنطقة من أقصى الجنوب الغربي للبلاد. وتعد جمعية " التراث القديم" واحدة من هذه الجمعيات التي يتضمن برنامجها السنوي حيزا كبيرا خاصا بنشر ممارسة بعض أصناف هذه الألعاب التقليدية و نفض الغبار عن البعض منها خصوصا منها تلك التي كادت أن تنسى. ويرى رئيس هذه الجمعية السيد محمد بلعيد بأن الألعاب التقليدية بولاية تندوف تتفرع تاريخيا إلى ألعاب رجالية ومنها لعبة" أراح " أو ما يعرف عند البعض الأخر من السكان ب "دبلي " وهي عبارة عن مباراة تجمع عددا من المتصارعين. ويقف أحدهم في الوسط ويبقى اللاعبون من حوله يلكمونه بالضربات وكل من وقعت عليه رجل المتسابق يأخذ مكانه وهذا إلى أن تعم اللعبة جميع الأعضاء. ذكر السيد بلعيد بأن اللعبة التي تسمى ب"زراق حويلي" إضافة إلى لعبة " الظامة" التي تختلف طريقة ممارستها عن ما هو معروف لدى باقي مناطق الوطن هي ألعاب يستعمل في ممارستها الرمل و قطع من الأخشاب والتي تشهد تجمعا كبيرا يجعل منها محل منافسة و فرصة كبيرة للترفيه. وتفضل النسوة من جهتهن ممارسة لعبة "السيق"وتعتمد على رسم شكل اللعبة على التراب واستعمال دبابيس من الخشب والغاية من هذه اللعبة هي التسلية حيث يكثر استعمالها في المناسبات والأعياد وخاصة في شهر رمضان الكريم. وأضاف رئيس جمعية " التراث القديم" بأن العائلة التندوفية حافظت منذ القدم وباستمرار على بقاء تلك الألعاب التقليدية التي تشكل جانبا من التراث الشعبي المحلي . كما يرى أن ممارسة هذه الألعاب تساهم في تعزيز مظاهر التماسك و التآرز بين مختلف أفراد المجتمع وتساهم في غرس مفاهيم التعاون وفي تنمية القدرات الذهنية فضلا عن كونها ألعابا للتسلية والترفيه. وتتحول العديد من الأحياء الشعبية بتندوف إلى فضاءات لممارسة هذه الألعاب لاسيما في أوساط الشيوخ الذين يجعلون من لعبة " الظامة" السبيل الوحيد للتلاقي وتجاذب أطراف الحديث حول الماضي وقضاء ساعات في التركيز. ويكتفي سكان المناطق النائية من جهتهم لاسيما في فترات الليل وعلى ضوء القمر بممارسة لعبة "أراح" وهم يرتدون الزي التقليدي المميز لسكان المنطقة والمعروف لديهم ب" أستم". وتسعى جمعية "التراث القديم"، كما يقول رئيسها "إلى إيجاد صيغة ملائمة للمحافظة على هذه الألعاب التقليدية وغيرها وتكريس ممارستها سيما داخل الفضاءات الشبانية مثل دور الشباب والمركبات الجوارية و كذا المراكز الثقافية من أجل إثراء والمحافظة على هذا الموروث الجماعي.