أعلن رئيس المجلس الشعبي الوطني عبد العزيز زياري يوم الخميس بالجزائر العاصمة أن نواب المجلس سيعكفون خلال الدورة الخريفية للبرلمان بمعية الهيئة التنفيذية على مناقشة قانون المالية لسنة 2011 "بكل جدية". وأوضح زياري في كلمة افتتاح الدورة أن النواب "حريصون على تجسيد مبادئ الحكم الراشد بتحديد الأولويات وساعون الى تحقيق الانسجام في العمل الحكومي بين الأبعاد الوطنية والمحلية في مجال متطلبات التنمية عبر مختلف جهات الوطن وأضاف في نفس الموضوع قائلا بأن النواب يسعون أيضا خلال هذه الدورة الخريفية على "ترشيد مجموع النفقات التي يتطلبها مخطط التنمية وعدم التهاون في مكافحة جميع أشكال التبذير والإسراف وضمان التوازن والاستقامة والصرامة في كل ما يتعلق بالميزانية مع الحرص على التطبيق الفعال للنظام المحاسبي والمالي الوطني الجديد المصادق عليه". وأكد رئيس المجلس الشعبي الوطني بالمناسبة بأن المصلحة الوطنية تقتضي ضمن هذا السياق ضرورة "الإسراع بتطوير منظومتنا المالية والمصرفية" لأنها --كما جاء في كلمته-- من بين الإصلاحات "الأكثر حيوية" بالنظر الى الوظيفة الهامة والحساسة التي يؤديها هذا القطاع في عملية التنمية الشاملة. واعتبر المتحدث بأن ما يواجه بلادنا من تحديات "يجعلنا أكثر تصميما للمطالبة بالاسراع في تطوير هذه المنظومة التي لا يمكن بدونها التأقلم مع واقع التحولات التي يشهدها نمط الاقتصاد العالمي ومواكبة حقائق الاسواق المالية". واسترسل زياري مؤكدا بأن الدولة "اذا كانت قادرة على تمويل القطاعات الواردة في قانون المالية فلا بد من الوعي بالزامية النهوض بالقطاعات المنتجة الأخرى للتقليل من الاعتماد على ايرادات المحروقات". ودعا ضمن هذا النطاق الى ضرورة البحث الجاد عن بدائل وموارد أخرى لمواصلة المسار التنموي المتوازن باستحداث ميكانيزمات أكثر فعالية وتشجيع القطاعات الانتاجية وخاصة القطاعين الفلاحي والصناعي وأساسا الصناعات الصغيرة والمتوسطة بالاضافة الى تفعيل اداء القطاع السياحي الذي يعد موردا هاما للثروة. كما ذكر رئيس المجلس من جهة أخرى بأن هذا الأخير سيكون في هذه الدورة على موعد مع مناقشة مشاريع قوانين متعلقة بالمخطط الخماسي الذي رصدت له قيمة مالية تعادل مائتين وستة وثمانين (286) مليار دولار واصفا هذا المخطط ب"الاكثر طموحا في تاريخ الجزائر نظرا للامكانيات المالية الضخمة التي رصدت له". وقال نفس المسؤول انه "يبدو جليا بان الأهداف التي يرمي المخطط الى تحقيقها هو توفير ثلاثة ملايين منصب شغل وهو هدف واقعي بالنظر الى الموارد البشرية الهائلة التي يتطلبها تنفيذ البرنامج". وأكد أنه حتى يكون النجاح حليف الاستراتيجية التسييرية الخاصة بهذا المخطط "من الضروري استخلاص العبر من البرامج التي توالت منذ عقد من الزمن" وأن يضطلع كل الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين في المؤسسات العمومية و الخاصة و كل أرباب العمل و غيرهم باداء "دور كبير في تحقيق النهوض الاقتصادي وتنمية الانتاج الصناعي والفلاحي والخدماتي". وبخصوص ترقية المؤسسة الاقتصادية قال زياري بأنه لا بد من جعل المؤسسات تعتمد على نفسها وعلى مواردها في الاستثمار وتستوعب اليد العاملة وتسهم في الجهد المالي للخزينة العمومية وتشارك بفاعلية في الدائرة الاقتاصدية وتدعم مسار التنمية الوطنية. "ان تحقيق النمو الاقتصادي--كما أبرز رئيس المجلس الشعبي الوطني-- يقتضي استنهاض الروح الوطنية والتفاني في العمل و الاخلاص فيه كما يقتضي أن يجند لهذا الامر ممثلو الشعب في كافة المستويات الوطنية والمحلية الى جانب اطارات الامة ونخبها وكل العاملين في مختلف القطاعات والهيئات والمؤسسات والمجتمع المدني بكل فئاته". وفي معرض حديثه عن مؤشر الأداء الاقتصادي الذي عادة ما يتصل بمؤشر التنمية البشرية لفت زياري أن "ادراج الجزائر حسب دليل التنمية البشرية لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي في مرتبة لا تناسب حقيقة تطور التنمية في بلادنا (...) يعد تصنيفا مجانيا لمعطيات الواقع". واكد بان هذا الامر "يقتضي اعادة النظر فيه بناء على أسس واقعية ومعطيات موضوعية لان الحقيقة تظهر بوضوح تام بأن مؤشرات التنمية في بلادنا قد تطورت تطورا ملحوظا". ولم يفوت زياري الفرصة ليتطرق الى الدخول الاجتماعي والدخول المدرسي والجامعي مشيرا الى ان تخصيص حوالي 40 بالمائة من الاعتماد المالي للمخطط الخماسي للتنمية البشرية "يجسد توجها عمليا لرفع تحدي التنمية البشرية" معتبرا بالمقابل بأن المنظومة التربوية والتكوينية مدعوة الى الاندماج والتفاعل والتفتح على محيطها أولا وعلى العالم ثانيا. وفي مجال تحسين الاوضاع المعيشية للمواطنين أكد نفس المسؤول بأن العناية التي توليها الدولة لهذه العملية لا تتوقف عند حدود الزيادة في اجور بمختلف شرائحهم و أسلاكهم بل تتجلى أيضا في مواصلة الجهود للتكفل بالانفاق والتمويل الكافي للقطاعات الحيوية التي لها علاقة بالشأن الاجتماعي. وفي هذا الصدد ثمن زياري حرص الدولة على حماية حقوق العمال في كافة القطاعات وعملها الدؤوب من اجل التكفل بانشغالااتهم وحرصها على توفير مناصب الشغل للعاطلين وخاصة الشباب منهم. وعبر في الاخير عن أمله في أن يكون الدخول الاجتماعي "دخولا موفقا وان يتم في اجواء السكينة والاطمئنان" داعيا كافة الشركاء الاجتماعيين الى "التحلي بفضائل الحوار والتفهم اسهاما في مواصلة تحقيق الاستقرار الاجتماعي والنمو الاقتصادي".