تقترن التحضيرات لإحياء عيد الفطر المبارك بمعظم ولايات الجنوب بتلك النفحات الإيمانية التي تخيم على أجواء توديع شهر الصيام وهو يتأهب للرحيل وبذلك الزخم من العادات والتقاليد المتوارثة عبر الأجيال . ولا تختلف مشاهد الإستعدادات للإحتفال بعيد الفطر السعيد في معظم ولايات الجنوب و التي يجمعها قاسما مشتركا متمثلا في تلك العادات الإجتماعية المتوارثة التي تعكس مدى تجذرها في أوساط السكان. ومن العادات الشائعة في أوساط سكان الجنوب والتي تبلغ ذروتها مع حلول ليلة القدر المباركة تكثيف مظاهر تزيين المساجد ومآذنها بالأنوار و تجهيزها بأفرشة جديدة و كذا تعطيرها و يستعمل في كثير من الأحيان البخور التقليدي. كما تلجأ العائلات بمعظم مناطق الجنوب كذلك عشية عيد الفطر المبارك إلى تزيين بيوتها وذلك بالقيام بأشغال التنظيف وأخرى تكميلية بما يسمح باستقبال هذه المناسبة الدينية في أجواء تليق بقدسيتها ورمزيتها. كما تنم أيضا عن مشاعر الفرحة و الإبتهاج بقضاء شهر الصيام آملين أن يتقبل الله سبحانه وتعالى ما أدوه من عبادات و ما قاموا به من أعمال صالحة طيلة هذا الشهر الفضيل. وكثيرا ما يرمز الإحتفال بالعيد الفطر المبارك إلى ذلك الموعد السنوي الذي تلتئم فيه الأسرة الكبيرة حيث تجتاح مشاعر صلة الرحم و التواصل بين الأهل والأقارب كافة سكان هذه المناطق الذين يعتبرون هذه المناسبة فرصة لتكريس التلاحم العائلي وتجديد أواصر التواصل و التراحم. وتقول في هذا الصدد السيدة فاطمة في العقد الثامن من عمرها من القصر العتيق لمدينة ورقلة "أن عيد الفطر المبارك يعد موعدا دينيا سنويا في غاية الأهمية للأسرة الورقلية لما يتمتع به من مكانة جليلة ذلك أنه يتوج شهر الصيام والقيام الذي يكون فيه المؤمن قد جدد العهد مع المولى عز وجل لطاعته وهي الأجواء الإيمانية التي تدفعه للقيام بأعمال الخير وكل ما يربطه بتعاليم الدين الحنيف". وتضيف ذات المتحدثة "بأن هذه المناسبة الدينية المقدسة يحضر لاستقبالها بعناية كبيرة في أوساط الأسرة الورقلية من خلال إعادة إحياء الكثير من العادات التي ورثت عن الأجداد ومن بينها استغلالها لتكريس صلة الرحم بكل معانيها ". ومن بينها تقول السيدة فاطمة، السماح قبل ثلاثة أيام من العيد للمتزوجة حديثا بالتوجه إلى بيت أهلها لقضاء ما تبقى من أيام رمضان المعظم وإشراكهم في أجواء الإستعداد لإحياء عيد الفطر المبارك وذلك تبجيلا لوالديها وطاعة لهما وذلك قبل أن تعود الى بيت الزوجية عشية العيد". وتعيش كل العائلات الورقلية عشية استقبال هذه المناسبة الدينية المقدسة وكما هو معهود تقول السيدة فاطمة "أوضاعا تشبه حالة التأهب القصوى لضمان استقبال جيد لهذا الضيف الكريم".وفضلا عن تحضير الحلويات لتزيين مائدة العيد وبعض أنواع من الخبز والأطباق التقليدية و أصناف واقتناء الملابس الجديدة واللعب للأطفال فإن المشاهد تشمل أيضا تنظيف الأواني المنزلية و تعطير وتزيين ديكورات البيوت تضيف نفس المتحدثة. كما تقام عشية استقبال العيد أيضا ما تعرف بسهرات " تشميخ الحناء" والتي تقوم خلالها النسوة بتحضير أواني إعداد الحناء التي ستحضر وتزين بها ليلة العيد العرائس والفتيات وكذا الأطفال الصغار. ولا تختلف عن هذه المشاهد أجواء التحضير للإحتفال بعيد الفطر المبارك في أوساط العائلات بمنطقة غرداية التي لا زالت تحتفظ بعادات راسخة. وتعمد هذه العائلات في إطار الإستعدادات لتوديع شهر رمضان الفضيل واستقبال العيد إلى تحضير بعض المواد الغذائية التي يعتمد عليها في إعداد أنواع من المأكولات التقليدية يوم عيد الفطر المبارك وفي مقدمتها طبق "الكسكسي " وهو الطبق التقليدي الذي يفضل إعداده في أول يوم من أيام شهر شوال . كما يزدهر في هذه الفترة نشاط إعداد أطباق متنوعة من الحلويات سيما منها التقليدية و هذا إلى جانب التحضير وبعناية لمختلف المستلزمات المنزلية احتفاء بحلول عيد الفطر السعيد. هذا وتشهد المساجد ومقرات الزوايا في جموع ولايات الجنوب هذه الأيام وعشية استقبال عيد الفطر المبارك أنشطة احتفالية متنوعة تميزها حفلات ختم القرآن الكريم وتكريم حفظة الذكر الحكيم و كذا تنظيم حفلات ابتهال وجلسات وعظ وإرشاد.