يشكل اللباس التقليدي ولاسيما منه ''العباءة البيضاء'' والقبعة البيضاء المعروفة باللهجة المحلية لسكان وادي ميزاب ب'' تشاشيت'' أو ''الشاشية'' التي تلبس فوق الرأس، من الخصوصيات التقليدية الراسخة في أواسط سكان المنطقة ولاسيما في المناسبات الدينية ومن بينها عيد الفطر المبارك . ويحظى هذا النوع من اللباس المتوارث عبر الأجيال المتعاقبة بشيء قد يرقى إلى درجة القدسية في أوساط سكان المنطقة لما يرمز إليه من أصالة وثقافة ذات بعد اجتماعي، لازالت تشكل وعلى مدى أزمان متتالية مرجعية هذا المجتمع. وعادة ما يتهافت سكان المنطقة على هذا الصنف من اللباس التقليدي، أي العباءة ذات اللون الأبيض والقبعة البيضاء الناصعة، لارتدائه في المناسبات الاجتماعية وكذا الأعياد الدينية ومن بينها عيد الفطر المبارك، حيث يقبل سكان ميزاب ومن كافة الأعمار وبشكل مكثف على محلات بيع الألبسة التقليدية المنتشرة خاصة بشوارع الأحياء القديمة لمدينة غرداية ومن بينها الشوارع المحاذية للسوق المركزي بغرض اقتناء هذا اللباس عشية الاحتفال بهذه المناسبة. وتفضل شريحة واسعة من الغرداويين، خاصة منهم المتقدمون في السن، خياطة ''العباءة'' بالشكل الذي يتناسب مع أذواقهم وبما يتلاءم مع الحجم الجسماني من حيث الطول والعرض وبما يتماشى أيضا مع أوضاعهم المادية، في حين أن شريحة الشباب من الميزابيين الذين لا زال اللباس التقليدي يستهويهم ولاسيما '' العباءة البيضاء'' بل يعتبرونه جزءا لا يتجزأ من هويتهم الثقافية يتهافتون على شراء ''العباءة البيضاء'' الجاهزة . وتتباين أسعار ''العباءة البيضاء'' وذلك حسب نوعية القماش الذي خيطت به أو من حيث نوعية الخياطة في حد ذاتها، حيث يلاحظ أن الشباب المنحدرين من عائلات ميسورة الحال عادة ما يقبلون على اقتناء النوع الرفيع منها خياطة وقماشا، وهو ما يعبر عنه محليا ب''العباءة الكاملة'' وهي عادة ما تكون ذات تكلفة باهظة بالنظر إلى أنها خيطت بطريقة فنية رفيعة ولقماشها المستورد ذي النوعية الجيدة. وبالنظر إلى الطلب المرتفع على هذا النوع من اللباس التقليدي ولاسيما عشية إحياء المناسبات الدينية، فانه يلاحظ انتشار كثيف لبائعي هذا الصنف من الملابس، حيث يضطر بعضهم إلى عرض بضاعته على حافة الأزقة القديمة الضيقة بوسط عاصمة ميزاب، وعادة ما يكون هؤلاء الباعة من أقارب أصحاب محلات بيع الألبسة التقليدية، مما يضمن لهم ترويج كميات هائلة من البضاعة في فترة وجيزة. كما ينتشر هذا النوع من النشاط التجاري بساحة السوق التي تعتبر القلب النابض لعاصمة ميزاب خصوصا في الأيام والساعات الأخيرة قبل توديع شهر رمضان المعظم والتي تعد فضاء تجاريا ملائما لمثل هذه الأنشطة المناسباتية، حيث تعج بالزبائن من عشاق ''العباءة البيضاء'' و''القبعة البيضاء''. وتشهد السوق أجواء استثنائية يصنعها الزبائن في غدوهم ورواحهم وهم يبحثون عن البضاعة التي تتلاءم مع أذواقهم. ولا تغيب وسط هذه الأجواء التجارية المزدحمة ''العباءة'' المستوردة من بلدان آسيوية ذات الأكمام الطويلة والتي أخذت وإلى حد ما تزاحم ''ربيبتها'' المحلية والتي تظل صامدة، حيث يعمد بعض من هؤلاء التجار أيضا إلى عرض عينات من هذا النوع من العباءات المستوردة التي تختلف أثمانها حسب نوعية القماش أو العلامة التجارية . ويشكل هذا اللباس التقليدي في مثل هذه المناسبات الدينية جزءا من ديكور الاحتفالات، حيث يتباهى الصغار والكبار ب''العباءة البيضاء'' طيلة أيام عيد الفطر المبارك، والتي لا يكتمل بعدها ''الجمالي'' لدى الميزابيين بطبيعة الحال إلا بارتداء ''الشاشية البيضاء''، حينها يشعر الشخص بذلك الإحساس الباطني بأنه قد حافظ على شخصيته وقدسية هذه المناسبة الدينية المباركة.