نظرا لكونها قصيرة وسريعة واقتصادية، أضحت الرسائل القصيرة لدى الأغلبية الساحقة من المواطنين الوسيلة المثلى لتقديم تهاني العيد لتحل محل الزيارات العائلية التقليدية للأشخاص الأكبر سنا الذين يحنون لأعياد الزمن الماضي. ويتأسف رابح الذي أصبح في الستينات من عمره و الذي التقيناه في أحد مقاهي مدينة البليدة قائلا "إذا كان الناس يكلفون أنفسهم عناء الزيارات لتقديم التهاني نلاحظ أن الأمور قد تغيرت في أيامنا هذه حيث يكتفي الناس بإرسال رسالة قصيرة فقط". وأشار محادثنا إلى أن التغيير الذي طرأ على تصرفات الأشخاص يكشف "التحول الذي يشهده المجتمع على كل الأصعدة" مضيفا أن العوامل الثقافية و الاجتماعية و الاقتصادية من شأنها أن تبرر هذه الحقيقة.و حسب ذات المتحدث يمكن أن يكون إرسال رسالة قصيرة مقبولا عندما يكون مرسل الرسالة القصيرة بعيدا. و يضيف قائلا "لكن عندما يكون هذا الأخير على بعد بضع كيلومترات ينضم إلى سياسة أقل جهد بإرساله رسالة قصيرة". الحنين إلى أعياد الزمن الماضي وتصر الحاجة مليانية من العفرون التي تسير في خطى رابح على أن الدين يوصي بزيارة الأقارب لاسيما يوم العيد حيث تمحي هذه الزيارات الأحقاد و تساهم في تقوية الروابط العائلية. و تلاحظ الحاجة مليانية أنه "بالنسبة لشخص طريح الفراش لا شيء يريحه كإبتسامة أو تبادل بعض الكلمات معه". وتتأسف الحاجة مليانية إلى أعياد الماضي حينما كانت تجتمع كل العائلة على القهوة و الحلويات التقليدية في جو حميمي مفعم بالحب و الاحترام حيث يؤثر الباقي إيجابيا على الأطفال و فرحتهم. كما تصر ذات المتحدثة التي ترفض كل الحجج التي تبرر إرسال الرسائل القصيرة على أن الزيارات العائلية لا تعوض. وتكشف الحاجة مليانية "يمكننا الاتصال هاتفيا عند القضاء. لكن يبقى تقديم التهاني بطريقة خالية من الإنسانية و العطف أمرا لا يعقل بالنسبة إلي" مردفة أن الزيارات العائلية كلمة لا تعني الكثير بالنسبة للبعض. و أكدت أنها تجهل مجال الإلكترونيك و الإنترنت على وجه الخصوص بالرغم من أنها سمعت عن الوسائل تسمح بالتواصل مع الأشخاص الذين يتواجدون على بعد آلاف الكيلومترات مع إمكانية رؤيتهم عن طريق الواب كام (كاميرا الحاسوب). وصرحت قائلة "يمكننا التواصل و التكلم مع الأشخاص فهذا أمر مهم جدا". و يختلف الأمر لذا الشباب. وصرح إلياس البالغ من العمر 16 سنة الذي يزاول دراسته بأحد ثانويات العاصمة قائلا "أفضل الموقع الاجتماعي فايس بوك حيث يسمح لي هذا الأخير بإرسال رسائل إلى عدد أكبر من الأصدقاء في مدة قصيرة". ويرى رشيد مسير محل للملابس أن "إرسال الرسائل القصيرة أفضل من إرسال البطاقات البريدية التي تصل بعد "مدة طويلة !". زمن آخر و سلوك أخر. إن موجة التغيير التي لحقت بالمجتمع لا يمكن أن تعكس و لا يمكن إيقافها.