أكد الأستاذ الطيب نايت سليمان مفتش التربية و التكوين في محاضرة تمحورت حول "التجربة الجزائرية في التربية على المواطنة" خلال الندوة الفكرية السنوية "التربية و المواطنة" أن المنظومة التربوية في الجزائر مطالبة بتفعيل مناهجها التربوية و استراتيجياتها. و أوضح الأستاذ نايت بلقاسم أن "المنظومة التربوية في الجزائر على غرار المنظومات التربوية في الوطن العربي مطالبة بتفعيل مناهجها التربوية و استراتيجياتها و ذلك بالنظر إلى مهامها الأساسية الدائمة و المشتركة من تعليم و تنشئة اجتماعية و تأهيل في ظل عالم يتميز بسرعة التطور و كثرة ما ينتج من المعرفة". و دعا في محاضرته إلى ضرورة اعتبار مواد العلوم الاجتماعية و الإنسانية من المواد المساهمة بقوة في التنشئة و التربية على المواطنة لكونها من المواد المشكلة للشخصية الوطنية هوية و انتماء و تفتحا على العالم. و في هذا السياق أشار إلى إن البرامج التعليمية و من بينها مناهج التربية المدنية أو التربية على المواطنة في الجزائر عرفت تطورا كبيرا و على الأخص في فترة إصلاح المنظومة. و تطرق المحاضر إلى المراحل التي مر بها تدريس التربية المدنية في الجزائر ابتداء من مرحلة (1962 -1976) التي تميزت ببداية بناء الدولة الجزائرية المعاصرة و بذلك كانت انطلاقة للمدرسة الجزائرية و إقامة المنشآت التعليمية و مرورا بالمرحلة الثانية (1980- 1998) و هي مرحلة تطبيق المدرسة الأساسية و تم خلالها إدراج التربية المدنية كمادة مستقلة سميت بالتربية الاجتماعية وصولا إلى المرحلة الثالثة (2003 إلى يومنا هذا) و هي مرحلة إصلاح المنظومة التربوية. و تم خلال المرحلة الثالثة من تدريس التربية المدنية في المؤسسات التربوية -- كما أوضح الأستاذ نايت سليمان -- "تطوير المناهج التعليمية بما فيها مناهج التربية المدنية في التعليم الابتدائي و التعليم المتوسط" مشيرا إلى أنه تم في هذه المناهج الجديدة التركيز على المقاربات التي تتيح النمو المتكامل للمتعلم و استقلاله بالإضافة إلى اكتسابه كفاءات وجيهة ودائمة. و ساهم تدريس التربية المدنية في إطار المنظومة التربوية في الجزائر في غرس الإحساس بالمسؤولية لدى المتعلم و إكسابه آليات و أساليب المساهمة في الحياة الجماعية و المدنية عن وعي و اقتناع كما مكنته من التعرف على حقوق الإنسان و تنمية حسه المدني و تعويده على النقد و ممارسة الحوار البناء. و من جهتهم حرص المتدخلون من خبراء و أساتذة التعليم العالي من مختلف الدول العربية على ضرورة ضبط مفهومي الوطنية و المواطنة لما يحملان من مدلول مختلف بحيث أكدوا أن ممارسة المواطنة تبدأ من الأسرة مشددين على أن المواطنة سلوك يومي و شعور دائم يرافق الإنسان لا يأتي فقط عن طريق المدرسة بل تتداخل في تكوينه عدة عوامل. و في هذا السياق اعتبر الدكتور رابح قدوري من جامعة الجزائر أن "المواطنة سلوك و اعتزاز يومي يؤكد عن طريق الإخفاقات و النجاحات التي تتحقق على مستوى الفرد والجماعة و انطلاقا من ذلك "تعزيز المواطنة لا يتأتى فقط عن طريق المدرسة وحدها بل عن طريق الصناعة و الإبداع الفكري و الاختراعات كذلك". أما الاستشاري العراقي في الاقتصاد و النفط كمال القيسي فتحدث عن المواطنة في العراق مشيرا إلى أن "الوعاء الإنساني" الذي كان يقيم تجانسا في المجتمع العراقي تفكك بعد الاحتلال الأمريكي للعراق في 2003 داعيا إلى ضرورة أن تسعى المجتمعات العربية إلى تحقيق هوية ثقافية جامعة لمنع تمزقها و تفككها. ومن ناحيتها ركزت رئيسة اللجنة العربية لحقوق الإنسان السيدة فيوليت داغر في مداخلتها على أن الشعور بالمواطنة و الوطنية يبدأ من الأسرة التي يجب تراعى فيها حقوق الإنسان و خصوصا حقوق المرأة التي تعتبر قدوة للأبناء.