تمت المصادقة مؤخرا على إعداد مخطط لحماية الآثار التاريخية لموقع "سيقا" ببلدية ولهاصة (35 كلم عن مدينة عين تموشنت) من طرف المجلس الشعبي الولائي. وشكل هذا التراث الأثري الذي اقترحت مديرية الثقافة للولاية تصنيفه وطنيا محل اقتراح لإعادة الاعتبار له مثلما هو الشأن بالنسبة لجزيرة "رشغون" وكذا مسجد وزاوية "سيدي يعقوب". وبالرغم من أهميته التاريخية والأثرية إلا أن موقع "سيقا" قد شهد في السنوات الأخيرة تدهورا وأعمال إتلاف منها انجاز طريق بداخله. ومن أجل بلوغ هذه الآثار، يتعين البحث بالجهة الجنوبية الغربية لوادي تافنة والمرور عبر جسر يعبر هذا الأخير على مستوى مصبه والمشي بضعة كيلومترات لاكتشاف "سيقا" الواقعة على بعد 14 كلم شرق ولهاصة. وباستثناء الحفريات الجزائرية الألمانية التي أجريت سنة 1978 فقد ظلت هذه الآثار تشكل لغزا. وما عدا أطلال الجدران لبعض البنايات التي مازالت بادية للعيان هنا وهناك لم ينفض الغبار إلا على حوض وقناته التي كانت تجر الماء من منبع يتواجد على بعد 3 كلم. وقد سمحت الحفريات التي قامت بها الفرقة الجزائرية الألمانية أيضا باكتشاف منزل متكون من عدة غرف وبعض الرسومات الجدارية ومعدات للفلاحة والري وقطع نقدية تحمل نقش السلطان "سيفاكس" وابنه "فيرمين" حيث تعتبر النقود الأولى بشمال إفريقيا. ولم يحظ الجزء الأساسي من موقع "سيقا" التي يرجح أنه يمتد على العديد من الكيلومترات المربعة بأشغال للحفريات ولم ترسم أية حدود له بالرغم من "تصنيفه العاجل" في بداية العشرية الأخيرة حسبما أشير إليه. وتشكل هذه الآثار تراثا سياحيا لا ينضب من أجل تنمية المنطقة، حسبما أوضحه المدير الولائي للسياحة الذي أكد على ضرورة الاستثمار في هذا المجال. وبغض النظر عن السياحة الريفية فان هذه العملية من شأنها أن تنعش المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المتخصصة فى المنتوجات التقليدية المحلية وفق ذات المسؤول. كما بالامكان اقتراح مواقع تاريخية أخرى على غرار مسجد "سيدي يعقوب" والزاوية "الجازولية" للاستفادة من مثل هذه العمليات، يضيف نفس المصدر. ويرمي مخطط الحماية المقترح إلى تنظيم عمليات البناء والتعمير والهندسة المدنية داخل موقع "سيقا". وبالإضافة إلى الأهمية التاريخية والثقافية لهذه العملية فان المشروع سيساهم فى تهيئة الموقع وتدعيمه بالمنشآت القاعدية على غرار الطرقات والماء والغاز والكهرباء والهاتف كما أشار إليه العديد من المتدخلين. وسيشمل المخطط من جهة أخرى على تنظيم الحفريات وفك العزلة عن الجهة علما أن العاصمة الإفريقية لمملكة ماسايسيلاس (سيقا) تحتضن حاليا قرية تحمل نفس الاسم وقد استقر بها السكان الأوائل قبل استقلال البلاد. ومن جهته، يسعى ميلود رئيس جمعية "سيقا" أصيل هذه المنطقة بما تتوفر عليه الجمعية من إمكانيات محدودة إلى الحفاظ على هذا الموقع وما يختزنه من قطع أثرية التي اكتشفت أحيانا مصادفة كما هو الشأن بالنسبة لجرة عثر عليها أطفال وهم يلعبون. وقد تم جمع أغلب هذه القطع الأثرية بمتحفي عين تموشنت أو وهران فيما يخص أقدمها. وللإشارة، فإن أجزاء من جرات قديمة تعود إلى القرن الخامس والعديد من القطع الخزفية التي عثر عليها بموقع "سيقا" وجزيرة "رشقون" توحي أن الملاحة كانت جد مزدهرة آنذاك. ويحتفظ ميلود سوى ببعض النقود التي تحمل صورة الملك "سيفاكس" و"ماسينيسا" كما يأمل في انجاز مقر للجمعية التي أسسها سنة 1989 بهدف جمع كل الوثائق المتعلقة بالموقع وتشكيل نقطة للإعلام والتوجيه. وأوضح ميلود أنه تم إخطاره في صائفة عام 2005 بوجود أثار لأشخاص يقومون بنهب الأضرحة وقد تسللوا إلى ضريح "سيفاكس" المتواجد بمكان منعزل على ارتفاع يقدر بحوالي 200 متر الأمر الذي يتطلب -كما قال- حراسة دائمة بعين المكان. ويتواجد الضريح الذي بني في عهد الملك سيفاكس (203-220 قبل الميلاد) بأعلى جبل يطل على كل منطقة "سيقا" عاصمة مملكة ماسايسيلاس التي كانت تغطي إقليم شاسع من شرق المغرب إلى غاية أقصى شرق الجزائر حيث كان يشمل الثلثين الى جانب جزء من تونس. ولا تزال بعض الآثار بادية على مستوى العديد من الأماكن الإستراتيجية مما يأكد على وجود المدينة الملكية غير بعيد عن المصب البحري حيث كانت تعبر السفن إلى غاية الميناء النهري للمدينة. وللإشارة، سميت "سيقا" وميناء "سيقانسيس" نسبة إلى نهر "سيقا" الذي يعرف حاليا باسم "تافنة". ويمارس زهاء ألف ساكن بسيقا حاليا النشاط الفلاحي على غرار أسلافهم حيث يتم انتاج في حالة السقي الجيد للأراضي الحوامض وغيرها من الفواكه الأخرى.