فإن للطاعةِ من البركةِ ما يبقى حتى بعدَ موتِ صاحِبِها· قال سبحانه: (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا) وقال سبحانه في قصة موسى مع الْخَضِر: (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ)· فَحَفِظ الله الأبناء بصلاح الآباء، وذلك من بركة الطاعة· وإن للمعصية ضرراً وشؤماً يلحقُ صاحبَها ولو بعد الموت، قال سبحانه عن آل فرعون: (فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ)· وقال جل جلاله عن بني إسرائيل: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167) وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَمًا) الأعراف:166-168· وقال ابن القيم رحمه الله : وما الذي أخرجَ الأبوينِ من الجنّةِ دارَ النَّعيمِ والبهجَةِ والسرور إلى دارِ الآلام والأحزانِ والمصائب؟ وما الذي أخرجَ إبليسَ من ملكوتِ السماءِ وطردَه ولَعَنَه، ومسخَ ظاهرَه وباطنَه، فَجَعَلَ صورتَهُ أقبحَ صورةٍ وأشنَعها، وباطِنَه أقبحَ من صورتِه وأشْنَع، وبُدِّلَ بالقربِ بُعداً، وبالرحمةِ لَعْنَةً، وبالجمالِ قُبْحَاً، وبالجنة ناراً تلظى، وبالإيمان كفرا، وبموالاةِ الوليِّ الحميدِ أعظمَ عداوةٍ ومُشاقّةٍ ، وبِزَجَلِ التسبيحِ والتقديسِ والتهليلِ زَجَلَ الكفرِ والشركِ والكَذِبِ والزورِ والفحش، وبلباسِ الإيمانِ لباسَ الكفرِ والفسوقِ والعصيانِ، فهانَ على الله غايةَ الهوانِ، وسَقَطَ من عينه غايةَ السقوطِ، وحَلَّ عليه غضبُ الربِّ تعالى فأهْواهُ، ومَقَتَهُ أكبرَ المقتِ فأرداهُ، فصار قَوّاداً لكل فاسقٍ ومجرم· رضي لنفسه بالقيادةِ بعد تلك العبادةِ والسيادةِ! فَعِيَاذاً بك اللهمَّ من مخالفةِ أمرِك، وارتكابِ نهيِك· وما الذي أغرقَ أهلَ الأرضِ كلَّهم حتى علا الماءُ فوقَ رؤوسِ الجبال؟ وما الذي سلطَ الريحَ على قومِ عادٍ حتى ألقتْهُم موتى على وجهِ الأرضِ كأنهم أعجازُ نخلٍ خاويةٍ ؟ ودَمَّرَتْ ما مَرَّتْ عليه مِنْ ديارِهم وحروثِهم وزروعِهم ودوابِّهم، حتى صاروا عبرةً للأممِ إلى يومِ القيامة· وما الذي أرسلَ على قومِ ثمودَ الصيحةَ حتى قَطّعَتْ قلوبَهم في أجوافِهم، وماتوا عن آخرهم؛ وما الذي رفعَ قرى اللوطيةِ حتى سَمِعَتْ الملائكةُ نبيحَ كلابِهم، ثم قَلَبَهَا عليهم فجعل عاليَها سافِلَها فأهلكَم جميعا، ثم أتْبَعَهُم حجارةً من السماءِ أمطرَها عليهم؟ فَجَمَعَ عليهم مِن العقوبةِ ما لم يَجْمَعْهُ على أُمّةٍ غيرِهم، ولإخوانهم أمثالُها، وما هي من الظالمين ببعيد· وما الذي أرسلَ على قومِ شُعيبٍ سحابَ العذابِ كالظُّلَلِ، فلما صار فوقَ رؤوسهم أمطرَ عليهم ناراً تلظى؟ وما الذي أغرقَ فرعونَ وقومَه في البحر، ثم نَقَلَ أرواحَهم إلى جهنمَ؛ فالأجسادُ للغرقِ، والأرواحِ للحَرَقِ؟ وما الذي خسفَ بقارونَ وداره ومالِهِ وأهلِه؟ وما الذي أهلكَ القرونَ من بعد نوحٍ بأنواعِ العقوباتِ ودمَّرها تدميرا؟ وما الذي بعثَ على بني إسرائيل قوماً أولي بأسٍ شديدٍ فجاسُوا خلالَ الديارِ، وقَتَّلُوا الرجال، وسَبَوا الذراريَ والنساء، وأحرقوا الديارَ ونهبوا الأموالَ، ثم بعثهم عليهم مرةً ثانيةً فأهْلَكُوا ما قَدَرُوا عليه، وتَبَّرُوا ما علو تتبيرا؟ إنها الذنوبُ المهلكات، قال سبحانه: (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ) وقال جل جلاله: (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ) وصدق الله: (فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) يتبع ·· ---------------------------------------------------- أوائل وأرقام * أول من أذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم هو بلال بن رباح رضي الله عنه· * أول من قدم إلى المدينة مهاجرا هو أبو سلمة رضي الله عنه· * أول شهيد من الأنصار في الإسلام هو عمير بن الحمام رضي الله عنه· * إن الأرض تقطع في رحلتها حول الشمس مسافة تقدر ب 580 مليون ميل في العام؛ وأنها تتحرك من الغرب إلى الشرق!! بسرعة تزيد عن 60 ألف ميل في الساعة! وإن بلادا كفنلندا لا تغيب عنها الشمس لمدة 6 أشهر؛ وتغيب عنها 6 أشهر أخرى؛ ويمضي عام هذه البلاد وأمثالها كيوم وليلة· سبحان الله الذي يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل· ---------------------------------------------------- إرق نفسك بنفسك (الطب البديل): التمر ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم : (من تصبح بسبع تمرات) وفي لفظ: (من تمر العالية) (لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر)· وثبت عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: (بيت لا تمر فيه جياع أهله)· وثبت عنه أكل التمر بالزبد، وأكل التمر بالخبز، وأكله مفرداً· وهو حار في الثانية، وهل هو رطب في الأولى، أو يابس فيها؟· على قولين· وهو مقو للكبد، ملين للطبع، يزيد في الباه، ولا سيما مع حب الصنوبر، ويبرئ من خشونة الحلق، ومن لم يعتده كأهل البلاد الباردة، فإنه يورث لهم السدد، ويؤذي الأسنان، ويهيج الصداع، ودفع ضرره باللوز والخشخاش، وهو من أكثر الثمار تغذية للبدن بما فيه من الجوهر الحار الرطب، وأكله على الريق يقتل الدود، فإنه مع حرارته فيه قوة ترياقية، فإذا أديم استعماله على الريق، خفف الدود، وأضعفه وقلله، أو قتله، وهو فاكهة وغذاء، ودواء وشراب وحلوى· ---------------------------------------------------- قرآننا شفاؤنا قال الله تعالى: (يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما)· سورة طه الآيات 108 111 دعاء (اللهم صل على محمد النبي وعلى أزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد؛ اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى؛ والحمد لله على كل حال؛ ونعوذ بالله من حال أهل النار)· آمين يا قريب و يا مجيب السنة قال حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم : (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه) رواه مسلم و البخاري ---------------------------------------------------- لمن كان له قلب: كم مضى من عمرِك؟ (1) العُمُر يمضي سريعاً والعُمُر ما مضى منه لا يعود· قيل لمحمد بن واسع: كيف أصبحت؟ قال: ما ظنك برجل يرتحل كل يوم مرحلة إلى الآخرة؟· وقال الحسن: إنما أنت أيام مجموعة، كلما مضى يوم مضى بعضك· وقال: ابن آدم إنما أنت بين مطيتين يوضعانك؛ يوضعك الليل إلى النهار والنهار إلى الليل حتى يسلمانك إلى الآخرة، فمن أعظم منك يا ابن آدم خطراً؟، وقال: الموت معقود بنواصيكم، والدنيا تطوى من ورائكم· وقال داود الطائي: إنما الليل والنهار مراحل ينزلها الناس مرحلة مرحلة حتى ينتهي ذلك بهم إلى آخر سفرهم، فإن استطعت أن تُقدِّم في كل مرحلة زاداً لما بين يديها فافعل، فإن انقطاع السفر عن قريب ما هو، والأمر أعجل من ذلك، فتزوّد لسفرك، واقض ما أنت قاض من أمرك، فكأنك بالأمر قد بَغَتَك· وكتب بعض السلف إلى أخ له: يا أخي يخيّل لك أنك مقيم، بل أنت دائب السير، تُساق مع ذلك سوقا حثيثا، الموت متوجِّه إليك، والدنيا تطوى من ورائك، وما مضى من عمرك فليس بِكَارٍّ عليك حتى يَكُرَّ عليك يوم التغابن· سبيلك في الدنيا سبيل مسافر == ولا بد من زاد لكل مسافر ولا بد للإنسان من حمل عدة == ولا سيما إن خاف صولة قاهر وأنشد بعض السلف إنا لنفرح بالأيام نقطعها == وكل يوم مضى يدني من الأجلِ فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهدا == فإنما الربح والخسران في العملِ والعُمُر فيه سؤالان: سؤال عن مرحلة القوة والكسب والإنتاج، مرحلة الشباب· وسؤال عن العُمُر جملة ولذا لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن خمس؛ منها: عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ فأعِدّ للسؤال جواباً، على أن يكون الجواب صواباً؛ تأمل في عُمُرِ؛ كم مضى منه؟ وهل انتفعت بما مضى من عُمُرِك؟ أو مضى سبهللاً وضاع سُدى؟ سأل رجل الإمام الشافعي عن سِنِّه قال: ليس من المروءة أن يُخبِر الرجل بِسِنِّه، سأل رجل الإمام مالك عن سِنّه فقال: أقبل على شأنك· ليس من المروءة أن يُخبِر الرجل بسنه؛ لأنه إن كان صغيرا استحقروه، وإن كان كبيرا استهرموه· تأمل في عُمُرِك؛ فإن كنت صغيراً فقبيح أن يزول عمرك سريعا في لهو وطيش؛ وإن كنت كبيراً فتدارك ما فات، فما أقبح التصابي من شيخ كبير· أيا نفس ويحك جاء المشيب == فما ذا التصابي؟ وما ذا الغزل؟ يتبع·· ---------------------------------------------------- وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين قال الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس : (··· أيها الشعب الجزائري الكريم : ··· أما أبناؤك الشبان حملة القرآن فقد هبوا هبة رجل واحد لطلب العلم والتفقه في الدين؛ ويحملون الإيمان في قلوبهم والقرآن العظيم في صدورهم؛ والروح الجزائرية المسلمة في لحومهم ودمائهم)·