''الأغنية الشاوية، سابقا، كانت تخدم البحث في الموسيقى الأوراسية، أما اليوم أصبحت الأغنية تتخبط في حلقة مفرغة''، هذا ما أكده، حسن دادي، مطرب الأغنية الشاوية في حوار ل ''الجزائرنيوز'' أرجع فيه أسباب ذلك إلى جهل الجيل الجديد بقواعد الأغنية· وسلط الأضواء على إرهاصات الأغنية الشاوية المعاصرة، مؤكدا أنها لا تختلف كثيرا عن الأغنية الأصلية رغم إدخال عليها بعض اللمسات من الآلات العصرية ·· كما كشف أن الأغنية تعرف قبولا كبيرا في الشارع الجزائري، وأنها أصبحت أكثر طلبا في الأفراح والحفلات، أما فيما يخص الخليط الموجود بين العربية والشاوية فقد أرجعه إلى تشبع الرجل الأوراسي بالثقافتين· كيف ترى مستقبل الأغنية الشاوية في ظل هذا الزخم الفني الموجود على الساحة الجزائرية؟ الأغنية الشاوية خلال الثمانينيات والتسعينيات كانت تعيش رفاهية، حيث كانت تتميز بالقوة والصلابة، فالمغني كان صوته يعتبر شرط نجاحه على الصعيد الفني، فمثلا بالنسبة لطابع الرحابة، فهو بحد ذاته يعبر عن ترابط المجتمع وصلابته، ويتم ذلك من خلال الطريقة التي تقدم بها الأغنية، ففي الغالب تتكون المجموعة الفلكلورية من ثمانية أشخاص، أربعة مقابل أربعة، يقومون بالغناء بصوت واحد وبنفس الكلمات حيث تمتزج أصواتهم، مشكلة نغمة جبلية موحدة تطرب الآذان وتحمس الأبدان، وفي أغلب الأحيان لا ترافقهم أية آلة إيقاعية إلا أن بعض الفرق تفضل تدعيم أدائها بآلة البندير حيث يضفي ذلك على الأغنية الشاوية نوعا من الخفة، وعليه الأغنية في السابق كانت تخدم البحث في الموسيقى الأوراسية، أما اليوم أصبحت الأغنية تتخبط في حلقة مفرغة بسبب عدم احترام المغنيين الجدد وكذا جهلهم بالقواعد الحقيقية للأغنية الشاوية، فمثلا فيما يخص طابع الرحابة المستمد من الثرات، يأخذونه طبق الأصل دون بذل جهد في إدخال عليه بعض اللمسات، نتيجة نقص الأبحاث في الأغنية الشاوية· حسن دادي والمرحوم كاتشو وبلبش، من الأوائل الذين قاموا بأداء الأغنية الأوراسية بالعربية، فكيف ترى الأغنية الأوراسية المعاصرة بين الشاوية والعربية؟ حقيقة، الأغنية الشاوية المعاصرة لا تختلف كثيرا عن الأغنية الأصلية رغم اجتهاد الشباب المؤدي لهذا اللون الموسيقي، فقد حاولنا إدخال بعض اللمسات من الحداثة دون المساس بالأصول الحقيقية للأغنية الشاوية، وكان هدفنا إيصال الأغنية الشاوية إلى كافة انحاء الوطن، إلى جانب التعريف بها بعدما كانت محلية .. كثيرا ما أعتز حين أرى جمهوري يردد معي ويتفاعل مع أغاني حين أقيم حفلات في كل من ولاية مستغانم، بني صاف، غيلزان، وهران وحتى جمهور ولايات جنوبنا الكبير، وهو ما جعل الأغنية الشاوية تلقى قبولا كبيرا في الشارع الجزائري، وهكذا أصبح هذا الطابع الأكثر طلبا في الحفلات والأفراح الجزائرية، ثم إن هذا الخليط بين العربية والشاوية يدل على تشبع الرجل الأوراسي بالثقافتين العربية والشاوية في الوقت ذاته· هل ترى أن الأغنية الشاوية بإمكانها العودة إلى الواجهة؟ أجل، أراهن على ذلك بما أن الجزائر تتوفر على زخم ثقافي كبير بفضل تنوع الطبوع الموسيقية والعادات والتقاليد من منطقة إلى أخرى، ووصول أغنية الراي بفضل خالد والشاب مامي والشيخة الريمتي إلى العالمية، إلى جانب الأغنية القبائلية التي سجلت حضورها العالمي، فبإمكان الأغنية الشاوية أن تصل إلى العالمية، خاصة وأن الشهية مفتوحة للإبداع والتميز أكثر في الوسط الفني. ما يؤهل الأغنية الشاوية لبلوغ العالمية، هو ذلك الثراء الذي تتميز به، فمثلا ''العيطة'' الموجودة بداخلها تتغير نغمتها من منطقة إلى أخرى، ومن قرية إلى أخرى· وفاة كاتشو جاءت فجأة، كيف تجاوز حسن دادي ذلك الحزن على رفيق المسيرة في الأغنية الشاوية؟ حقيقة، وفاة كاتشو حلت علينا كالصاعقة، بالفعل وفاته تركت فراغا كبيرا في حقل الأغنية الشاوية المعاصرة، لكن ماذا نفعل، إنها مشيئة القدر، كنا نحلم أثناء مسيرتنا الغنائية الطويلة بأن نواصل التعريف بالأغنية الشاوية إلى أبعد الحدود، لكن ··· وماذا عن مشاريعك المستقبلية؟ أنا بصدد الإنتهاء من ألبوم جديد يحمل عنون ''خدام الرجال سيدهم''، قمت بإنجازه رفقة الإخوة هلال، يضم 12 أغنية، تمزج كالعادة بين العربية والشاوية، مواضيعها إجماعية، هدفنا من وراء ذلك فني أكثر منه تجاري من أجل الحفاظ على التراث·