حي الطاهر بوشات بتقصرايين، قرب بئر خادم، حيث العمارات الجديدة التي استفاد منها المرحّلون أخيرا من عدة أحياء عاصمية قديمة مكتظة بالسكان، لا تبدو حركة كبيرة في الحي المنعزل نسبيا عن وسط المدينة، في جو تملأه الإشاعات عن تشنج في العلاقات بين الساكنين حديثا و''السكان الأصليين'' للمنطقة، لكن بعض المارة القليلين ينفون أي مواجهة بين الطرفين، ويذهب أحدهم وهو صاحب كشك صغير لبيع التبغ حدوث أي مواجهة، رغم أن السكان الجدد جاء بعضهم من مناطق عرفت بالإجرام على غرار بوفريزي ببوزريعة على حد تعبيره، ويقول محدثنا إن السكان الجدد جاءوا من ديار الشمس ومن ديار الكاف وبعض المناطق الأخرى، ويسود الحي الآن تعايش وهدوء حذر و''كل واحد يعس روحو'' كما قال، ولم يحدث صدام مثل الذي حدث قبل يومين في منطقة ''جنان سفاري'' على طريق بئر خادم السحاولة· وفي الطريق إلى ''جنان سفاري'' نستوقف شخصا يبدو غريبا عن المنطقة، يؤكد أنه لا يعرف شيئا عما حصل هناك إلا بعض الإشاعات التي تقول بأن بعضهم يكون قد اعتدى على امرأة وحدثت فتنة بين بعض المرحلين حديثا وبعض السكان الأصليين· وعند الحي نستوقف شخصا آخر تبدو على رأسه إصابة حديثة، ينفي بشدة علمه بأي شيء قائلا إنه لا يعود إلى البيت إلا في الليل، وعندما نسأل عمالا في الورشة المفتوحة هناك وهو شاب قادم من سوق اهراس يقول بأنه لا يعلم بدوره حقيقة الأمر، وكل ما رآه بعض الناس ''تعاركوا'' قبل يومين وبعدها شاهد ''الجدارمية'' جاءوا إلى الحي، ولا يعلم أكثر من ذلك· على الجانب الآخر من حي ''جنان سفاري''، وقريبا من البساتين والأشجار التي مازالت تكسو المنطقة المحافظة رغم كل شيء على طابعها الزراعي، يتكلم بعض السكان الأصليين، قائلين إن آخر من سكن المنطقة كان قبل ستين سنة من الآن وهم يعرفون بعضهم جيدا إلى درجة أنهم أصبحوا عائلة كبيرة· وعن علاقتهم بجيرانهم الجدد القادمين من ديار الشمس، يؤكد أحدهم أن الفتنة التي حدثت كانت بسبب ''لعب الذراري'' عندما حاول بعض الأطفال المراهقين الإساءة لطفلة من الحي قرب متوسطة سي الحواس القريبة من هناك، ولما اشتكت الطفلة لشقيقها أخذته وأخذت بعض شباب الحي من السكان الأصليين لحمايتها وحدثت تلك المواجهات التي كانت محصورة، ولم تمتد إلى باقي السكان· ويضيف أحدهم أن ما حدث بالفعل يتمثل في أن السكان الأصليين كانوا خائفين جدا من جيرانهم الجدد، في حين أن سكان ديار الشمس السابقين كانوا خائفين بدورهم، ويبدو أن مجهولين أعطوهم صورة سيئة عن الحي وساكنيه إلى درجة أن بعضهم تسلح بالسيوف، وهو قادم للسكن في ''جنان سفاري'' وكان بعضهم لا ينام الليل بل ناموا بالتناوب في الليالي الأولى للرحلة، وعندما وجدوا الحي آمنا بدأوا يندمجون شيئا فشيئا في الحياة الجديدة· ويشهد بعض سكان الحي الأصليين أن معظم القادمين الجدد يتصفون بأخلاق عالية وبدأوا يتعرفون على بعضهم ويربطون العلاقات في المسجد وخارجه·