كثر هم الباحثون على المستوى العالمي الذين اتخذوا من الإنسان العربي والحضارة العربية عامة مطية لدراسات واسعة وهادفة قصد تحليل الشخصية العربية وتشريحها خاصة في مجال العلاقات الإنسانية في كافة مظاهرها وسنتحدث اللحظة عن ميدان الأدب وبالتحديد صورة الشخصية العربية في كتابات اليهود ، فنجد الكثير من رجالات الأدب خاصة أولئك الذين هم بصدد تحضير شهاداتهم العليا من جامعات أمريكية وبريطانية وفرنسية وألمانية ··· قد تجندوا لدراسة الحضارة العربية والإسلامية بصورة عامة في مختلف مظاهرها وحقبها · و أجدني يوما أمام ديوان ''ابن خاتمة'' الذي ترجمه الى الإسبانية وكتبت مقدمته الباحثة اسوليداد خيرت فينيشا وحصلت بذلك على درجة الدكتوراه في الأدب العربي كما قامت باحثة يهودية بدراسة موسعة في سبيل التحصير لشهادة الماجستير كان موضوعها حول المفكر الجزائري المرحوم مالك بن نبي رحمه الله والأمثلة في الموضوع كثيرة · هذه المهمة عني بها العدو الإسرائيلي عندما توفر لدى رجالاته الأدوات والوقت اللازم لدراسة وبحث الواجهة والعمق العربي في خلفيات النصوص الأدبية بغية تحليل ودراسة الإنسان العربي كيف يفكر وكيف يتأثر ··· وكانت المصادر المتاحة لهم شملت خط سير الشخصية العربية بدءا من المعايشة الحية في المجتمع قبل قيام دولة اسرائيل عام 1948 الى ما بعد هذا التاريخ · و ما يدفعنا اليوم الى كتابة هذه الدراسة هو القيام بمبادرة مماثلة لرصد شخصية اليهودي النفسية بنظرة فاحصة ومقصودة وكيفية تأثره بمختلف المراحل المهمة في التاريخ بين سنة 1967الى سنة 1970 من خلال بعض النماذج لنصوص أدبية رصدت بعض أحداث تلك الفترة بمنظور وطرح معينين· فإذا سألت أحدهم يوما عن رواد الأدب في العالم لأعطاك قائمة لأسماء لا تكاد تنتهي لكن هل له ان يعطيك ولو أديبا واحد ا من اسرائيل ؟ ان جهلنا بالأدب الصهيوني - بدون الدخول في تحديد المصطلح عبري او صهويني - وبالإنسان اليهودي يجعل صورتنا تتراجع زد على ذلك حزمة الأسئلة التي تطرح نفسها والتي تحتاج الى إجابات عن تلك الحفنة من ا البشرب التي جندت نفسها لتحطيمنا على مر 60 سنة اننا نفتقد فعلا الى دراسات فاحصة لنفسية الآخر وهذا ما سوف نحاول ولو بالتقريب فعله اليوم وسنتوصل الى مفاجأت لا محال · اليك مثلا ا الشاعر ا حدفاه هركافيب ويصحق بولاق ويعقوب ريمون ورجي الموجي - شمعون بار- يعقوب شافيط- بنيناه عاميت - وغيرهم أدباء شعراء قصاصين عايشوا الحدث بالتحديد زمن الحرب العربية -الإسرائيلية وخلقوا لأنفسهم أدبا سموه أدب النكبة· إنها دائرة أدبية ضخمة لا تزال في اتساع ونستطيع كذلك ان نطلق على ما كتبوه من نصوص ببأدب الدموع ا او ا أد ب النحيب والنواحب لأنه التعبير الأدق لمجموعة النصوص الموّشحة بالسوداوية والشكوى العريضة ضف اليه ما تعتريها من صمت ونحيب وقد رصد ابراهيم البحراوي دراسة مهمة قدم فيها مجموعة من النصوص تعبر عن الوضع البشري في اسرائيل ايام الحرب · ان الأدب الصهيوني المعاصر ، يعتبر بحق مرآة صادقة لصورة المجتمع الإسرائيلي في سوداويته البائنة من خلال تخبطه في جلابيب الخوف والفزع إنها الحرب اذن ،فإما ان تكون قد قرعت طبولها واما ان تكون وقعت ·و بين الحرب والحرب نفوس تنتحب وتعيش البسيكوز المدمر في انتظار حرب مقبلة فنجد هذا الإنطباع في كل شارع وزقاق في غرف النوم بين اولادهم على لسان الكل من الطباخ الى الإسكافي ،في النوادي وفي الحمامات ··· و رغم النجاحات التي حققها الصهاينة في مجال القتل الا اننا نجدهم على طول الدوام يتسائلون :من كان حظه أعظم من الناحية الأدبية نتيجة الحرب نحن ام العرب ؟ من جهتهم لم يكونوا أبدا قادرين على هضم انتصاراتهم العسكرية وهو الإعتراف الوارد على لسان الناقد الإسرائيلي المدعو اأهود بن عزر ا في مقال نشره في ملحق أدبي لصحيفة تسمى ا عل همسمارب اذ يعترف بسبلينية ناقصة عن عقم نجاحهم لأن ما جرّته أقلام الأدباء العرب في تلك الفترة ترك العدو الإسرائيلي لا يعرف كيف يهضم انتصاره ·صحيح من قال ان القلم سلاح · ان السبب الأخير ترك نفس الناقد يقدم على فحص ليس بشامل لمجموعة الأعمال الأدبية العربية في تلك الحقبة وفي نفس الملحق الأدبي لتلك الجريدة المذكورة أعلاه وفي مقاله علق ا آهوداب على عدد خاص أصدرته مجلة أدبية إسرائيلية -ربع سنوية- المعنونة ب ا قيشتا او ا القوسب تكلمت فيه عن واقع الإنتاج العربي الأدبي بعد سنة 1967 صدر هذا العدد الخاص في شكل ملحق في 198 صفحة محررة بأقلام لأدباء اسرائليين مختصين في دراسة الآداب العربية الى جانب اشتماله على دراسات نقدية ونصوص كاملة من الشعر والقصة لكتاب عرب مثل - نجيب محفوظ- يوسف ادريس- سليمان فياض- أنسي الحاج- عبد الوهاب البياتي- معين بسيسو- نزرا قباني- فدوى طوقان- ···و غيرهم وكانت تعليقات الإسرائليين لهذا الخضم الأدبي في شكل مقارنات بين الظواهر التي لمسها عن الأدب العربي والحياة العربية بعد الحرب ونفس الظواهر في الأدب الإسرائيلي والحياة الإسرائيلية بعد الحرب أيضا· و ما تركنا نحدد الفترة الزمنية في دراستنا الحالية بين نهاية الستينات وبداية السبعينات انما يرجع الى الإنتاج الغزير والكم الهائل من النصوص والأعمال الأدبية اتي أنتجت في تلك الفترة خصوصا من كلا الجانبين ، اما السبب الثاني فيرجع الى ضرف الحرب نفسه وهو عامل مهم لرصد التوترات التي القت بظلالها في شكل ردود افعال نفسية لأدباء من خلال كتاباتهم · انما السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا يولي العدو الإسرائيلي أهمية بالغة لأدبنا؟ وستفهم لاحقا لماذا وظفت كلمة اعدوب ويمكن اعادة طرح السؤال بصيغة أخرى وهو ما نوع النظرة التي يوليها الصهاينة لأدبنا العربي ؟ ان عدد مجلة ا قيشتا يعطي بعض الإجابات على ذلك لكنها تبقى مجرد انطباعات موضوعية وفي الحين بعض النصوص الأدبية وما جرته بعض الأقلام الصهيونية عن تلك الفترة · في البدء نجد ا أهود بن عزرب يشير الى طبيعة القارئ الإسرائيلي المهتم بالمقارنات بل هو يسعى من أجلها في رغبة ملحة لمعرفة ما خلفتّه الحرب في المعسكر العربي ويشير الكاتب الى أزمة المثقفين وقضية أعاقة التفتح الأدبي الحر سواء في مصر او في اسرائيل ثم يجنح الى الإشارة في إستعماله المدلو ل الرمزي في الأدب العربي ويستشهد بقصص نجيب محفوظ لكنه يستطرد بالقول ان في مصر يوجد بعض التفتح ويقدم كدليل على كلامه مسرحية ليوسف ادريس ذات منحى نقدي وسياسي كانت عرضت في المسرح المصري في تلك الفترة · للمقال تتمة ··· الجزء الثاني / أدب حرب ام أدب نكبة