تأتي الفِتن كقطع الليل المُظلم· إلا من رَحِمَ ربك، إلا من نجاه الله عزّ وجل، بعيدٌ عن هذه الفِتنة·· هناكَ فِتنٌ تدعُ الحليمَ حيران، المؤمن الصادق يُنجيه الله عزّ وجل من هذه الفِتن، أخفياء لا يُحبون الشُهرة، أتقياء لا يحبون المعصية، أبرياء ليسوا متهمين، إذا غابوا لم يُفتقدوا، وإذا حضروا لم يُعرفوا، قلوبهم مصابيح الهدى، يخرجون من كل فِتنةٍ عمياء مظلمة· كما قال عليه الصلاة والسلام: ''ابتغوا الرِفعةَ عِندَ الله'' هم لا يسعونَ إلى رِفعةٍ بين الناس·· إلى رِفعةٍ عِندَ الله عزّ وجل·· البطولة أن تحجز مكانةً عِندَ الله: إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر· لك مكان عِندَ الله، لكَ مكانة عِندَ الله، تشعر أنَّ الله يُحبك، تشعر أنكَ على المنهج الصحيح، تشعر أنكَ في الطريق الصحيح، تشعر أنتَ متجهٌ إلى الهدفِ الصحيح، هذا الشعور يُغنيكَ عن مدحِ الناس، وعن الرِفعةِ بينَ الناس، وعن تسليط الأضواء، وعن الشُهرة، وعن الشأن، وعن الجاه، هذه كلها تستغني عنها بشعوركَ أنَّ الله يُحبك· 450 مليون في الهند يعبدون البقر·· أعوذ بالله·· تمشي البقرة في الطريق تقطع الطريق، يبقى الطريق مُعطّلاً ساعات طويلة·· تدخل البقرة إلى بائع الفاكهة فتأكل من هذه الفاكهة ما لذَّ وطاب وصاحب البقالية مغتبطٌ أشدَ الاغتباط، في الأعياد يضعون روثَ البقر على أثاثِ بيوتهم أرقى أنواع العطور، 350 مليون يقولون لا إله ما في إله في الشمال·· عقيدتهم الإلحاد، تذهب للغرب 30% من الزِنى زِنى المحارم الأب مع ابنته، والأخ مع أخته، والابن مع أمه، 30% إحصاء دقيق جداً هذا كلام علمي 30% من الزِنى زِنى المحارم، والأمراض الجنسية بأعداد وبائية ، كذا مليون يُمارسون الشذوذ الجنسي ، معناها المسلمون المقصّرون غرباء أمام هؤلاء، الزواج في أمريكا عياره سنة أو سنة ونصف فقط·· مِزاج·· لأتفه سبب تنفصم العلاقة الزوجية، يعني أن يكون للزوجة عِدة أصدقاء تغيب أياماً عن البيت أسبوع أسبوعين وضع طبيعي جداً، والله المسلمون غرباء أمام هذه المجتمعات غرباء جداً·· طبعاً في أمثلة كثيرة جداً· فقل أهلُ الإسلام في الناسِ غرباء، والمؤمنونَ في أهلِ الإسلامِ غرباء، المؤمن الصادق مع عامة المسلمين، هو مُعتقد أنه هناك إله ولكن لا يُطبّق شيئاً، يفعل كما يفعل الناس، المؤمن الصادق مع عامة المسلمين غريب· قال: أهلُ العِلمِ في المؤمنين غرباء· المُتبحر في العِلم الذي عرَفَ سِرَّ وجوده والهدفَ فيه، وعَرَفَ حقيقةَ الدنيا، وعَرَفَ عِظَمَ المسؤولية، ورأىَ أنَّ الكونَ كله مُسخرٌ للإنسان، يرى أنَّ الوقتَ ثمين جداً وأنه لا يُمضي وقته إلا في عملٍ صالح فإذا وازنَ نفسه مع المؤمنين يرى نفسه غريباً عنهم· قال: وأهلُ السُنّة الذين يميزونها من الأهواء والبِدع، يعني أصحاب العقائد الصحيحة وأصحاب التحقيق العلمي في السُنّة، الحديث موضوع وهذا الحديث ضعيف وهذه بِدعة: النبي لم يقلها·· يوجد عِنده صحوة·· هؤلاء أيضاً غرباء عِندَ عامةِ أهلِ العِلم· هذه القضية، قضية كل ما ارتفع مستوى الإنسان تقلّ الدائرة مثل الهرم تماماً إذا أنت مع أول قاعدة واسعة جداً صعدت درجة القاعدة قلّت، كلما صَعِدتَ في هذا الهرم ضاقت القاعدة، لذلك لو جاء النبي صلى الله عليه وسلم·· أو أيُّ نبي·· وجلسَ مع مؤمنين لا أُبالغ يرى نفسه غريباً عنهم· أبيتُ عِندَ ربي يطعمني ويسقيني، لو علمتم ما أعلم لبكيتم كثيراً ولضحكتم قليلاً ·· الأنبياء لو وزِنوا بالمؤمنين يصبحوا غرباء· قال تعالى: وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون فأنت افتخر وكُن مع الأقليّة ، كُن واحداً كألف لا ألفاً كأُف· إذا الإنسان استقام·· أهله أقرب الناس إليه يرفضونه·· زوجته أحياناً ترفضه، شريكه لا يرضى به·· فإن لم تحس بالغربة ففتش عن إيمانك؟! خاتمة قولنا أنَّ الغُربة نِعمة وليست نِقمة، إذا كنتَ غريباً فهذه بِشارةٌ من رسول الله صلى الله عليه وسلم· انتهى ------------------------------------------------------------------------ إن من الشعر لحكمة أبل الرجال إذا أردت إخاءهم *** وتوسمن فعالهم وتفقد فإذا ظفرت بذي الأمانة والتقى *** فبه اليدين قرير عين فاشدد وإذا رأيت ولا محالة زلة *** فعلى أخيك بفضل حلمك فاردد وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين قال سيدنا عيسى عليه السلام: ''إنكم لا تبلغون ما تأملون إلا بصبركم على ما تكرهون· ولا تنالون ما تريدون إلا بترككم ما تشتهون، وإياكم والنظرة فإنها تزرع في القلب شهوة، وكفى بها لصاحبها فتنة· وقال: لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله، فتقسوا قلوبكم، وإن كانت لينة، فإن القلب القاسي بعيد من الله تعالى، ولكن لا تعلمون''· قرآننا شفاؤنا قال الله تعالى: ''ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالْسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ'' (سورة النحل الآية 27)· دعاء ''اللهم قني شر نفسي واعزم لي على رشد أمري، اللهم قني شر نفسي واعزم لي على رشد أمري، اللهم اغفر لي ما أسررت وما أعلنت وما أخطأت وما عمدت وما علمت وما جهلت'' آمين يا قريب يا مجيب· السنة منهاجنا قال حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم: ''من قال حين يمسى وحين يصبح: اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عورتي وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي ومن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي'' رواه البخاري· ------------------------------------------------------------------------ لمن كان له قلب : علاج أمراض القلوب الأمر الثاني: القلب يحتاج إلى ثلاثة أمور: (أ) ما يحفظ عليه قوته وذلك يكون بالإيمان والعمل الصالح وعمل أوراد الطاعات· (ب) الحمية عن المضار وذلك باجتناب جميع المعاصي وأنواع المخالفات· (ج) الاستفراغ من كلِّ مادةٍ مؤذيةٍ وذلك بالتوبة والاستغفار· الأمر الثالث: علاج مرض القلب من استيلاء النفس عليه: له علاجان: محاسبتها ومخالفتها والمحاسبة نوعان: أ- نوع قبل العمل وله أربع مقامات: 1 - هل هذا العمل مقدورٌ له؟ 2 - هل هذا العمل فعله خيرٌ له من تركه؟ 3 - هل هذا العمل يُقصد به وجه الله؟ 4 - هل هذا العمل معانٌ عليه وله أعوانٌ يساعدونه وينصرونه إذا كان العمل يحتاج إلى أعوانٍ؟ فإذا كان الجواب موجوداً أقدم وإلا لا يُقدم عليه أبداً· ب- نوعٌ بعد العمل وهو ثلاثة أنواعٍ: 1 - محاسبة نفسه عل طاعةٍ قصَّرت فيها من حق الله تعالى فلم توقعه على الوجه المطلوب، ومن حقوق الله تعالى: الإخلاص، والنصيحة، والمتابعة، وشهود مشهد الإحسان، وشهود منَّة الله عليه فيه، وشهود التقصير بعد ذلك كله· 2 - محاسبة نفسه على كلِّ عملٍ كان تركه خيراً له من فعله· 3 - محاسبة نفسه على أمرٍ مباحٍ أو معتادٍ لم يفعله وهل أراد به الله والدار الآخرة فيكون رابحاً، أو أراد به الدنيا فيكون خاسراً· وجماع ذلك أن يُحاسب نفسه أولاً على الفرائض، ثم يُكمِّلها إن كانت ناقصةً، ثم يحاسبها على المناهي، فإن عرف أنه ارتكب شيئاً منها تداركه بالتوبة والاستغفار، ثم على ما عملت به جوارحه، ثم على الغفلة· الأمر الرابع علاج مرض القلب من استيلاء الشيطان عليه: الشيطان عدو الإنسان والفكاك منه هو بما شرع الله من الاستعاذة وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الاستعاذة من شر النفس وشر الشيطان، قال عليه الصلاة والسلام لأبي بكرٍ: ''قل اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، ربَّ كل شيءٍ ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي، ومن شرِّ الشيطان وشركه، وأن اقترف على نفسي سوءاً أو أجره إلى مسلم· قله إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعك''· والاستعاذة، والتوكل، والإِخلاص، يمنع سلطان الشيطان· وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين· ------------------------------------------------------------------------ أوائل وأرقام - أول من استعمل طريقة تغليف الحبوب بالذهب والفضة هو الطبيب المسلم ابن سينا· - أول أثر مسجل لعلوم الأرض لدى العرب هو ما تحتويه المعاجم وكتب اللغة التي تزخر بمفردات هذا العلم كالصِّحاح للجوهري، والقاموس للفيروز أبادي، والمخصَّص لابن سيده، وكتب الرحلات والبلدان والكتب التي درست الجواهر، ومنها صفة جزيرة العرب للهمداني (ت 334ه، 945م)· ثم نجد حدود هذا العلم واضحة المعالم لدى العلماء الذين تناولوه أمثال: الكندي، والرازي، والفارابي، والمسعودي، وإخوان الصّفا، والمقدسي، والبيروني، وابن سينا، والإدريسي، وياقوت الحموي، والقزويني· لقد قدم هؤلاء العلماء نظريات عديدة عن الزلازل، وأسباب حدوثها، وعن المعادن والصخور، وأفاضوا في تعريف الصخور الرسوبية والتحجر فيها، والتحولات البعدية لها· وكتبوا عن النيازك، ووقفوا على طبيعتها وأصلها، وقسموها إلى نوعيْن: حجري وحديدي، ووصفوا هيئاتها ومن أهمها النيازك الجاورسية (الحُبَيْبيَّة)· وتحدثوا عن ارتفاع درجة حرارة باطن الأرض، وقالوا بكروية الأرض، وبدورانها حول محورها· كما قاس العلماء المسلمون في عهد المأمون محيط الأرض وقطرها، وكان قياسهم قريبًا لما قرره العلم الحديث· وأضاف هؤلاء العلماء إضافات قيمة إلى نظرية نشوء الزلازل لأرسطو طاليس· كما كان لهم الفضل بالخروج بنظرية تكون الجبال الانكسارية والالتوائية وغيرها، وكذلك تأثير عوامل التعرية في الجبال والأنهار·